تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تشيللو... وماذا عن انفلات الذاكرة والاحساس..؟!

ثقافة
الأربعاء 22-7-2015
سعاد زاهر

(ان أردت شيئا على نحو شديد،أطلق سراحه،ان عاد اليك ملكته الى الابد،وان لم يعد فانه لم يكن ملكا أبدا..)...على وقع عجلات القطار،والحب يتأرجح مع ديمي مور...في فيلم عرض غير لائق(INDECENT PROPOSAL) اخراج أدريان لين،تأتينا هذه الجملة،وكأن بطلي العمل يقولانها معا...ديانا (ديمي مور) وهي تركب القطار،لانعرف ان كانت راحلة عن حبيبها او عائدة اليه..اما دايفيد الحبيب والزوج(وودي هاريلسون)،فينتظرها في احد امكنتهما المعتادة...!

‏‏

الى ان نكتشف بعد ساعة وسبع واربعين دقيقية من السينما المكثفة انها كانت عائدة الى زوجها،بعد أن تركت المليونير جون جايج(روبرت رودفورد) ..!‏‏

ما بين مشهدي العودة والفراق..نعيش على وقع لغة سينمائية مكثفة،تلتقطها اعيننا بسرعة دون أن تنسى تفاصيلها،المتقنة،ولغتها التي تربط بايقاع سريع بين فن الصورة السينمائية وفكر أراد القول ان ما تدفعه من ضريبة أخلاقية للحصول على المال،بأي ثمن،مهما كانت ضائقتك اكبر بكثير مما يمكن ان تدفعه لو انك انتظرت قليلا حتى لاتقضي على بقايا روحك النظيفة...!‏‏

اي مسلسل درامي مدته ثلاثون حلقة.. هل سيتمكن من ضبط ذاكرتك واحساسك طيلة حلقاته..وأنت تتابع احداثا بطيئة ،تفلت من ذاكرتك ولا تحرك احساسك بسبب طبيعة العمل الدرامي،واختلافه كليا عن السينمائي...‏‏

صحيح انه اجريت بعض التعديلات على مسلسل تشيللو المستمد كليا من الفيلم ،لكنها في النهاية كلها تدور في نفس المنحى السينمائي،الفروقات والاضافات كلها انما خدمت التطويل والمطمطة ليس الا...!‏‏

ما نتابعه عبر الفيلم من تبريرات درامية،وفكرية..كلها تنصب في صلب مجتمعاتهم الغربية ..الذاهبة باتجاه عمق مادي-عملي، غايتهم تبرر وسائلهم..ليأتي الحصول على المال في الفيلم وكأنه لعنة تصيب الزوجين الشابين وتخرب حبهم وحياتهم.‏‏

‏‏

لعنة المال نفسها تصيب بطلي تشيللو الزوجين الموسيقيين(ياسمين -نادين نجيم و آدم-يوسف الخال)في مواجهة التاجر الثري ،تيمور تاج الدين-تيم الحسن،الى أن نرى في الحلقة الاخيرة هذا الانتصار الباهت للحب..على أطلال سيارة حرقت بحقد ميرير..!‏‏

الشكل الروائي في الفيلم يأتينا قصيرا،عبر بضعة مشاهد تؤكد فيها خلاصة الفيلم العميقة،وطبيعة العلاقة القوية بين بطلي العمل،اما في تشيللو فقد اختار صناع العمل تقديم حكاية المسلسل ككل بطريقة الخطف خلفا،من خلال شخصية رفيق-جهاد الاطرش،المريض في مشفى يطرد عنه الملل وسأم الانتظار برواية حكاية ياسمين وآدم..!‏‏

تختلف كليا العودة الى مجريات أحداث المسلسل،حيث طريقة المطمطمة تتخذ أشكالا متعددة من حركة سير الكاميرا مع الشخصيات عبر الاحياء والازقة برتابة كما تفعل مع نادين،او من استعراض وسامة وقامة تيم،او من التركيز على تجهم يوسف الخال..‏‏

السيناريو الذي كتبه نجيب نصير، اضاف شخصيات عدة منها صديقة البطلة،وحملها خطوط درامية،ولكنها كلها كانت منفلتة عن سياق العمل ولا تخدمه مع انها صبت في المنحى ذاته،المال في مواجهة الحب...!‏‏

مع ان محور الراقصة والسائق، مختلف الا انه يبدو وكأنه درس وعظي غير مباشر لآدم..!‏‏

‏‏

الشخصيات المختلقة في المسلسل،لغاية التطويل ليس الا،تبدو وكأنها تكرار غير متقن لبطلي العمل.‏‏

العودة الى الحكاية البصرية تتيح لنا رؤية جمالية يقدمها المسلسل باتقان،عبر اختراقه لامكنة متعددة في بيروت وضواحيها،بعين المخرج السوري سامر برقاوي،جمالية تتكامل مع حضور لافت للمثل تيم الحسن،ليبدو بلا منازع البطل المطلق للعمل ،في ظل حضور باهت لكل من الخال ونجيم،ولعل من تابع الفيم وعاش مع ابطاله تلك اللمعة في عيونهم،اثناء التعبير عن دواخلهما،يكتشف الفرق الادائي،في ظل حضور باهت للروح الحقيقية للحب،‏‏

حيث تبدو بطلة العمل نادين نجيم طيلة الوقت وكأنها مجبرة على التعامل مع الزوج والتاجر..لاتنجح في جعلنا نفرق في العلاقة بين الاثنين سوى من خلال كلماتها التي ترن في اتجاه بينما يخفق احساسها في ترجمة تقلبات الدور ولا اكثر من جمود تلك النظرة الباهتة التي تطل من عينيها طيلة الوقت..!‏‏

soadzz@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية