|
شؤون سياسية كان فوز كاديما متوقعاً منذ قام أرئيل شارون بتأسيسه, لأن الإسرائيليين يمجدون شارون ويعتزون بتاريخه الطويل في قتل العرب. المفاجأة..ولنقل المفاجأة المستغربة والمستهجنة قيام بعض الفضائيات العربية بمتابعة الانتخابات الإسرائيلية لحظة بلحظة, وقبل حدوثها على مدى أسبوعين أو أكثر, ونشر مراسليها في المراكز الانتخابية, وإقامة مراكز إعلامية في المدن المحتلة لإجراء حوارات مباشرة مع كتاب وصحفيين ومحللين سياسيين وساسة إسرائيليين بطريقة هي أقرب إلى النهج الاعلاني منها إلى المتابعة أو التغطية السياسية للحدث. فهل يمكن لهذه الفضائيات أن تجيب لماذا كل هذا الاهتمام بهذه الانتخابات وما هو المفيد بما قامت به للمواطن العربي والفلسطيني طالما أن كل هذه الاحزاب تشكل الصهيونية الإطار الناظم لها, ولطالما أن كل قادة الاحزاب الإسرائيلية المتنافسة ملطخة أيديهم بالدم العربي وبالحقد على العرب?!! نحن لا نقول بضرورة التعتيم على الحدث كي لا نبدو وكأننا نعيش حالة النعامة التي تطمر رأسها, ولكن على الفضائيات العربية والاعلام العربي كافة أن يقف عند الاخطار والافكار والطروحات التي تقدمها الاحزاب الإسرائيلية والتي تجمع على محتوى واحد هو العداء المعلن للعرب بعكس ما كان يحدث في الماضي. إذ كانت إسرائيل تتظاهر بأنها تريد السلام وبأنها لا تحمل عداء للعرب الذين كانت تدعي أنهم يهدفون إلى إلقائها في البحر, بينما تريد السلام والأمن, والآن تغير الخطاب الإسرائيلي لأن الخطاب العربي في ظل الواقع العربي صار مأساوياً ومحزناً. ولأن الإسرائيليين صاروا أكثر مجاهرة بالتطرف والعدوان في ظل دعم أميركي لا محدود, وواقع عربي مهدم, فكلما كان الحزب صهيونياً بخطابه وبفعله, اتجه الناخب الإسرائيلي نحوه, مع تفهم للكيفية التي ينفذ فيها هذا الحزب أو هذا المرشح أفكاره الصهيونية. الفضائيات والتحليلات السياسية التي نشرت في كثير من وسائل الاعلام العربية أبرزت هذا القادم الجديد (كاديما) إلى الساحة السياسية في إسرائيل بألوان قزحية تشمل كل الأطياف الإسرائيلية وتجاهلت العقل المؤسس لهذا الحزب, وتجاهلت خطورة الافكار التي يطرحها أولمرت, والحصار الإسرائيلي الذي يفرضه على الفلسطينيين لاركاعهم وفرض الاستسلام عليهم, وعيون العرب والعالم مفتوحة خلف أفواه مغلقة. مع كل انتخابات إسرائيلية ينشغل عديد من المحللين السياسيين العرب -وما أكثرهم اليوم- بقراءة الخارطة الانتخابية في إسرائيل, ونسمع منهم من يفضل وصول هذا الحزب الإسرائيلي على غيره, ويقوم بتوصيف الاحزاب بين يمين ويسار, ويمين وسط ويمين يسار. هذا التصنيف في الأساس يقوم على توصيف إسرائيلي, والتوصيف المطلوب عربياً هو الدخول إلى عقيدة الاحزاب الإسرائيلية, وقراءة المحتوى الصهيوني لهذه الاحزاب.. يتعاملون في قراءة الانتخابات الإسرائيلية وكأنها تجري في جنوب شرق آسيا أو جنوب افريقيا أو شمال الآسكا. كان يردد كثيرون من المحللين العرب أن حزب العمل يساري, وبالتالي هو أقرب إلى السلام من بقية الاحزاب الإسرائيلية, لهذا نسأل: أي يسار وأي سلام لدى هذا الحزب الصهيوني بامتياز بكل تاريخه وأفعاله وقادته?! لنأخذ شيمون بيريز الحاصل على جائزة نوبل للسلام, وهو اليوم أحد أهم قادة الحزب الوافد إلى الساحة الإسرائيلية, أليس شيمون بيريز صاحب مجازر قانا, ومن أمر بقصف مقر الأمم المتحدة عام ,1996 وحمامة السلام الإسرائيلية التي أمرت بتدمير المجلس الوطني الفلسطيني وقصف رام الله, ومن أمر بقتل القادة الفلسطينيين, وصاحب فكرة (مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير) كما يطلقون عليه?! قبل أن يقول أي فلسطيني أو عربي ان حزب كاديما الإسرائيلي هو أفضل أو أسوأ من حزب العمل أو من حزب الليكود, لابد من قراءة متأنية لبرامج هذه الاحزاب ولتاريخ قادتها ونظرة أي حزب إلى العرب الفلسطينيين وإلى أرض فلسطين, ونظرة كل حزب منها إلى علاقة إسرائيل بمحيطها الاقليمي والدولي وإلى مسائل السلام والتسلح والحرب, وموقف كل حزب من قرارات الشرعية الدولية التي تتعلق بانسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967 إضافة إلى تاريخ كل حزب في مسلسل الارهاب الصهيوني على العرب. يقول بعضهم: إن حزب كاديما جديد على الساحة السياسية في إسرائيل, ولهذا يمكننا أن ننتظر ما الذي سيفعله بشأن القضايا التي يطرحها الصراع العربي الإسرائىلي?! في هذا الرأي كثير من الجهل بطبيعة مكونات المجتمع الإسرائىلي, وبطبيعة الافكار التي تقوم عليها الاحزاب الإسرائيلية ومتى تتفق أو تتلاقى أو تفترق, وما الذي يجمعها ويفرقها. قبل أن نقول كاديما هو الأفضل أو الأسوأ للعرب وللفلسطينيين أو لجهة الصراع العربي الإسرائيلي, نسأل: هل كان لكاديما أن ينتصر لو كان جديداً في ايديولوجيته?!.. الحزب يتشابه مع غيره من الاحزاب الإسرائيلية, وأبطال هذا الحزب لهم تاريخهم الطويل, وأن خيطاً قوياً يربط بينه وبين الإسرائيلي وهو الصهيونية العنصرية المعادية للعرب الفلسطينيين ولحقوقهم في أرضهم ووطنهم. فكل الاحزاب الصهيونية ترفع يافطات من لون واحد, وجميعها ترفض العودة إلى حدود عام 1967 وترفض التخلي عن القدس كعاصمة أبدية لإسرائيل, والابقاء على المستوطنات الكبيرة, وفصل الأراضي الفلسطينية في الضفة عن الأردن, وبقاء الجدار الفاصل, وقطع التواصل بين مدن الضفة الفلسطينية لتبدو كسجون تحاصر فيها إسرائيل العرب الفلسطينيين. صحيح أن حزب (اليكود) بقيادة نتنياهو تراجع انتخابياً, ولكن الليكودية باقية في فكر ونهج كاديما, فشارون هو صانع أمجاد الليكود, وإذا كانت التسمية تغيرت فأن الافكار الليكودية موجودة في كاديما, لا بل, هي أكثر خطورة بعد أن توثقت علاقة كاديما بالمؤسسة البوشية, مع كل ما يعنيه هذا التحالف من عنصرية ووحشية. تقول رايس: إن إدارة بوش سترفع مستوى التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل إلى درجة المعاهدة الدفاعية كي تؤمن لها مظلة دفاعية نووية ضد هجمات إيران المحتملة. فوصول كاديما غير مهم للعرب لأنه ينبني برنامجه على ثوابت مشتركة مع غيره ومنها: 1- إقامة جدار الفصل العنصري لغرض (العزل المكاني) وضبط حركة تنقل الفلسطينيين الذين يعيشون شرقه وغربه. 2- (حسم) النزاع من جانب واحد يفرض حقائق ناجزة على الأرض. 3- عزل الفلسطينيين في الضفة الغربية في ما يشبه معازل محاصرة ومبوبة تحت رحمة المزاج الإسرائىلي ومنسوب الخوف أو ما يسمى في الابحاث الاكاديمية الإسرائيلية (الخوف من الزوال) أو (العصاب الجماعي لمجتمع المهاجرين) لدى الإسرائيليين وتطبيقاً لسياسة منع إقامة دولة فلسطينية عبر تشتيت الفلسطينيين في وطنهم وتقطيع المكان بهم. 4- اعتماد الضربات الوقائية والعمليات الحربية الاستباقية. 5- اعتماد خيار التنصل من المسؤولية من معيشة الفلسطينيين المحاصرين ومن مصيرهم وترك الأمر على أنه مسؤولية العالم العربي. إن وصول كاديما إلى السلطة في إسرائيل يؤسس لمزيد من التوتر والعنف والارهاب لأننا أمام قادة حزب لهم خبرتهم الطويلة في قيادة الارهاب الصهيوني وفي قيادة عمليات التضليل العالمي والتعتيم على مجازر إسرائيل وجرائمها. |
|