تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مستعمرات الأساطير الخرافية

شؤون سياسية
الثلاثاء 4/4/2006
بقلم الدكتورعلي أبو الحسن

في أجواء السلام المفقود,وفي أعقاب ابرام اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 وبعد أن أعلن السادات أن حرب تشرين الأول 1973 هي آخر الحروب مع (إسرائيل)

شعر حاخامات تل أبيب أن مد الاستيطان حان وقته حيث وجدوا في حكومة(بيغن) فرصتهم الذهبية فجعلوا باكورة أعمالهم فرض مستعمرة بجوار مدينة نابلس العربية بالضفة الغربية لا بل أكبر مدنها أطلقوا عليها اسم (ايلون موريه)وهي إحدى أقدم ثلاث مستعمرات في الضفة الغربية (عفراء ومعاليه ادوميم وايلون موريه هذه) ومن الأفضل أن نترجم نصوصاً من كتاب (عزراوايزمن) وزير الحرب آنذاك تختص بمسألة إنشاء هذه المستعمرة حيث يقول: (إن عناقيد المستعمرات الكبيرة ينبغي أن تقام حيث لايتواجد جمهور فلسطيني كبير فبذلك نتجنب طرد العرب ومصادرة أراضيهم وأملاكهم الخاصة,إذ إنه ليس هناك نقص في الأراضي اللازمة لا في يهودا و لا في السامره ولا منطقة غزة وقد سبق لوزارة الدفاع أن حددت ست مناطق مناسبة مملوكة للدولة) منذ متى مملوكة للدولة ايها الإرهابي.‏

ويتابع عزرا قائلاً: وذات مواقع حاكمة -استراتيجية,يقول أيضاً (غير أن انتباه مجلس الوزراء ظل مشدوداً نحو ايلون موريه أكثر من أي موضوع آخر مهما كانت أهميته,وأذكر أن موضوع هذه المستوطنة قد أثير أمامنا في أكثر من عشرين جلسة واستغرق بحثه عشرات من ساعات المناقشة,وكان بيغن أثناءها يتلفظ قائلاً بنبرة احتفالية:(أيها السادة عندما أمثل أمام المحكمة السماوية ويسألونني- أي عمل طيب قمت به حتى تستحق الجنة فسأجيبهم - ايلون موريه-ماهذا الذي يقوله ذلك الإرهابي?وهل أعضاء المحكمة السماوية التي يتخيلها هم مجموعة من الأميركيين أو البريطانيين?‏

(لقد وضعت جماعة ايلون موريه التابعة لحوش أمونيم في السنوات الأخيرة في معسكر حربي في كفر قدوم بين نابلس وقلقيلية وكان ذلك حلاً توفيقياً تم املاؤه على وزارة حزب العمل بعد أن حاولت تلك الجماعة في عام 1974 أن تقيم مستوطنة في نابلس دون موافقة الحكومة).‏

(وفي أعقاب تفاهم جرى مع الأميركيين أقر بموجيه مبدأ اقامة مستوطنات عسكرية في معسكرات الجيش الأردني السابقة أعطيت لجمال أيلون موريه مواقع استيطانية في نقاط مختلفة من يهودا والسامره إلا أن قادة الجماعة عارضوا هذه المقترحات على الفور قائلين (لسوف نستوطن في شخيم يعني نابلس وفي شخيم دون سواها.‏

وقامت جماعة ايلون موريه على مر سنوات عدة بإحدى عشرة محاولة سرية للاستيطان في منطقة نابلس,وكان يجري إخلاؤهم أو إخلاؤها في كل مرة من المنطقة بمعرفة جنود إسرائيليين كانوا يعتمدون في كثير من الأحيان الشدة,وكانت مجموعات من الصحافيين والمصورين تشهد هذه المناظر المؤذية ويتابع عزراوايزمن: (وبينما كنا نتحدث في موضوع إخلاء المستوطنين غير المصرح لهم باستخدام القوة صاح شارون:(ما جنودنا إلا سفاحون ذوو حوافر محذية) فغضبت من ذلك وأصابني الذعر,وطلب بيغن من شارون أن يعتذر كأنها عن هذه العبارة وكان بيغن ينظر الى مسألة ايلون موريه هذه كأنها النقطة المركزية في معركة مستقبل (أرض إسرائيل) فكلما تناول هذا الموضوع تجهم وجهه حزناً وراح يئن قائلاً (ماذا سيحدث لأرض إسرائيل?) وكنت أقول:( إن هذا الرجل وهذه الجيوش يفرضون على مجلس الوزراء أوضاعاً تهدد وجوده فهذا المجلس لا يتخذ القرارات بل يدفع إليها دفعاً).‏

ويضيف عزرا :(وكان بيغن يسألني بنبرات منذرة (من هو الرجل الذي تقصده?) فسميته بالاسم فلقد كان (أرئيل شارون) بأفعاله العلنية والسرية يشجع أعضاء (غوش ايمونيم) على أن يتسللوا تحت جنح الظلام وأن يقيموا لهم مواطئ قدم في مواقعهم الاستيطانية المختلفة. وكانت هذه الغزوات تخطط كعمليات عسكرية تامة الاعداد والتجهيز بما في ذلك جدول زمني محدد وشؤون إدارية,ومع أن هذه المواقع أحيطت بالتهاويل الأمنية فإن هذه المستوطنات التي أطلق عليها مستوطنات أمنية قد فشلت في نيل مباركة معظم الجنرالات السابقين الذين هم أعضاء بمجلس الوزراء,فوجد شارون نفسه ضمن أقلية تجاه (ياوين ودايان وأنا) وكنا كلنا نؤكد أن لا قيمة عسكرية (لايلون موريه).‏

ويتابع:( وقد دخل وضع (ايلون موريه) في تعقيدات أكبر عندما رفع سكان قرية عربية مجاورة دعوى أمام محكمة العدل العليا في ربيع عام 1979 يطالبون بإزالة (ايلون موريه) من الأراضي التي صودرت منهم).‏

(وكنا سنربح الدعوى لو أنني بوصفي وزير الدفاع أعلنت أن (ايلون موريه) ليست ذات قيمة عسكرية (ماهذا يابشر?) وماكان بوسعي أن أبدل رأيي).(وفي ذات يوم من أيام حزيران 1979 تلقيت مكالمة هاتفية من رئىس الوزراء يطلب مني أن أوعز لرئيس الأركان بالذهاب الى المحكمة والإدلاء بإفادة تؤكد الأهمية العسكرية لموقع مستوطنة (ايلون موريه) ويضيف (لقد كان بيغن يحاول أن يتجاوزني,ومعنى ذلك أنه ينسف سلطتي كوزير للدفاع,ولم أبتلع هذا الأمر إلا بصعوبة.‏

وأرسلت الى رئيس الأركان ايعازاً بتجهيز الإفادة المطلوبة وفعل رئيس الأركان ما طلب منه إذ كتب (رفول ايتان) ضمن إفادة مطولة مدروسة أنه توصل الى قرار بأن (ايلون موريه) ذات أهمية حيوية لأسباب عسكرية وقال : إن المستوطنات في يهودا والسامره المقامة على طريق المرور والمناطق الحاكمة تشكل ضماناً أكبر للدفاع عن إسرائيل).‏

(ولم أتدخل في أمر اعداد رفول لإفادته على الرغم من قناعتي بأن تلك كانت سابقة خطيرة في الجيش أن يتخذ مواقف من متقابلة بصدد خلافات سياسية وبقيت صامتاً ولكنني أطلقت العنان لأفكاري في رسالة أرفقتها بالإفادة ونقلتها الى رئيس الوزراء وكتبت الى بيغن (إن الهدف العسكري يمكن تحقيقه بالتواجد العسكري لا بالمستوطنات).‏

وراحت المحكمة تضع الحكومة في مأزق مزعج أو أظهرت رئيس الوزراء وزملاءه في شكل تخبط معيب,فقال القاضي:(الفريد فكتون) إذا كان وزير الدفاع لا يرى حاجة لإقامة هذه المستوطنة العسكرية فمع من أتحدث?‏

وأصدر نائب رئيس المحكمة العليا القاضي (موش لاندو) قراراً بوجوب اجلاء (ايلو ن موريه) خلال ثلاثين يوماً,ماأثار ردود فعل عاطفية وقد عكست الفقرة التالية وجهات نظري,وأنني مقتنع يقول عزرا: إنه لولا ضغوط (غوش امونيم),ولولا الاعتبارات السياسية والعقائدية التي توجه الأوساط السياسية,لما كان من الممكن أن يتقرر إقامة (ايلون موريه) .‏

وراح الوزراء يصبون غضبهم علي بدلاً من أن يلوموا أنفسهم ونصحني (يفال هوروفيتش) بالاستقالة. ودخل بيغن في أزمة,فهو يدري أن للقانون أولوية على ما عداه,وكان القانون يطلب منه الإذعان لحكم يخالف أقدم مبادئه الشخصية فكان يقول وعلى وجهه تعبير أشبه بتعابير (الحداد) (ما أنا بالذي تجلب شيخوخته عاراً على شبابه) ويقول عازر مردداً قول مناحيم بيغن:( ولقد ولدت مؤمناً بإسرائىل الكبرى وسأموت مؤمناً بها ولن أقدم على أدنى تنازل ولو دعيت خائناً).‏

وكان بيغن يقول دائماً (لن نرفع أيدينا ضد اليهود) وهنا فقط صدق. لقد كذب هذا الإرهابي الذي سرت في عروقه دماء الإرهاب فقد تنازل وانسحب من سيناء العربية المصرية,وسينسحب من خلفوه في هذه المهمة القذرة من جميع الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان بإذن الله. وبعد أن انهيت هذه الفقرات المترجمة من كتاب وايزمن أردت أن أورد فقط كيف تضيع الأراضي العربية بين الإرهابيين الصهاينة ما بين العسكريين والمدنيين والقضاة فمصلحة (إسرائيل) وأمن (إسرائىل) أولاً وأخيراً ولا أمن أوحق أو حياة حرة لأصحاب فلسطين العرب. إنه منطق العدو الصهيوني ومنطق سيده الأميركي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية