تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أبارتيد..في المياه أيضاً!!

لوموند
شؤون سياسية
الأحد25-3-2012
ترجمة: مها محفوض محمد

الماء أمضى أسلحة إسرائيل فتكاً في الضفة الغربية، وقد اعتبرته وسائل إعلام غربية تمييزاً عنصرياً وأطلقت عليه«أبارتيد المياه».

ذلك لأن تل أبيب ترفض توزيع المياه بشكل عادل بين سكان الضفة الفلسطينيين وبين المستوطنات اليهودية المنتشرة في تلك المنطقة مع أنها تستعد لتدشين خمسة مصانع لتحلية مياه البحر في العام القادم 2013 بحجة أن هذا مشروع سيعيد التوازن إلى إنتاجها واستهلاكها للمياه الصالحة للشرب، وقد أصبحت تلك الثروة الطبيعية أهم من قضية حدود الدولة العبرية وهي المفتاح لأي مباحثات تتناول مستقبل الدولة الفلسطينية علماً أن قضية المياه لاتنفصل عن قضية الحدود كذلك الأمر بالنسبة لموضوع القدس ولعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.‏

الجهات الفلسطينية تتوقع أن الحرب القادمة في المنطقة ستشعل حتماً حرب مياه الضفة الغربية،يقول يوسف دباسة رئيس بلدية إحدى المناطق التي تضم أكثر من عشرين ألف فلسطيني مقيم تقع شرقي الخليل:‏

لانستطيع أن نحصل على مياه صالحة للشرب إلا مرة واحدة كل عشرة أيام ويتم ذلك خلال ساعات محدودة يقطع الإسرائيليون بعدها المياه عنا كي نموت عطشاً لذلك نقوم بشراء المياه من صهاريج عابرة يبلغ سعر المتر المكعب منها 5 يورو أي مايعادل 5 شيكل في فصل الصيف فيصبح الوضع لايطاق لأن شركة ميكوروت الإسرائيلية التي تقنن المياه في الضفة تعطي الأولوية للمستوطنات اليهودية المجاورة كمستوطنة تيليم مثلاً.‏

ومن المعروف أن كل مايخص التزود بالمياه في تلك البقاع خاضع لمشيئة الإسرائيليين كما تقوم القوات الإسرائيلية بالمراقبة عن كثب لأي حفريات الارتوازية هناك فهذا الموضوع غير مسموح به وغير شرعي بالنسبة للفلسطينيين، ومدينة الخليل بحسب التقسيمات الإسرائيلية تقع في المنطقةC، حيث تمارس الدولة العبرية السيطرة المدنية والأمنية حسبما نصت اتفاقيات أوسلو عام 1993، ومع أن الفلسطينيين على امتدادأراضي الضفة يدفعون ثمن كل نقطة ماء يشربونها في قرى الجليل وجوارها فإن الإسرائيليين يمارسون القرصنة على أقنية جر المياه الصالحة للشرب بحيث تنقص حصة سكان تلك القرى 50٪ من الأمتار المكعبة المخصصة لهم يضاف إلى ذلك أن وضع أنابيب جر المياه سيىء للغاية ونسبة اهترائها تصل إلى 33٪ بسبب الجفاف الذي تتعرض له المنطقة من سنة إلى أخرى وعدم السماح بقيام أي إصلاحات لتلك الأنابيب المهترئة إضافة إلى شح مياه الضفة نتيجة قيام الإسرائيليين بحفر آبار على امتداد نهر الأردن حيث يقيمون مستوطناتهم لمحاصرة القرى الفلسطينية وقد أعربت تل أبيب عن استيائها بهذا الخصوص إثر نشر الجمعية الوطنية الفرنسية تقريراً يفضح «أبارتيد المياه» داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث أشار النائب الاشتراكي الفرنسي جان كلافاني في هذا التقرير إلى أن 450 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة يستخدمون المياه بنسبة تفوق نسبة مايستخدمه 2.3 مليون فلسطيني، وعندما يضرب الجفاف المنطقة فإن الأولوية تكون للمستوطنين الذين يتزودون من المياه على حساب الفلسطينيين علماً أن القوات الإسرائيلية تسيطر على منابع المياه الجوفية، وإذا حفر الفلسطينيون آباراً فإن تلك القوات تقوم بردمها تباعاً . ويخلص كلافاني إلى نتيجة مفادها أن المياه في الشرق الأوسط ليست مصدراً للعيش بقدر ماهي سلاح من أعتى الأسلحة في أيدي الإسرائيليين فالماء بالنسبة لإسرائيل هو قضية عسكرية كما أن سياسة الاستيطان الإسرائيلي هدفها استراتيجي إذ ترمي للاستيلاء على المياه الجوفية في الأراضي الفلسطينية.‏

ويقول عمدة مدينة الخليل خالد العسيلي : بالطبع هناك أبارتيد للمياه لأن العائلة الفلسطينية الواحدة لاتحصل في اليوم إلا على 50 ليتر ماء في حين يحصل المستوطن الإسرائيلي على 450 ليتراً يومياً وعن اتهامات الإسرائيليين بأن الآبار التي يحفرها الفلسطينيون غير شرعية يعلق العسيلي قائلاً: وهل التنقيب عن المياه في تل أبيب شرعي؟‏

ناهيك عن أن السلطات الإسرائيلية تحول دون قيام أي مشروع لمعالجة الصرف الصحي في الضفة الغربية تحت ذريعة أن اتفاقات أوسلو الشهيرة منحت فلسطينيي الضفة 18٪ من المياه الجوفية هناك التي تأتي من الجبال الوعرة وذوبان ثلوجها إن وجدت لكن على أرض الواقع لايزال الأمر مختلفاً عما جاء في الاتفاقيات ويبدو أننا سنبقى في حوار الطرشان على هذا الصعيد.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية