|
معاً على الطريق تغلغلت في الحبر وفي الأنامل.. وسلكت طريقها ومواجعها إلى كل تفاصيل يومنا الصغيرة والكبيرة. الحرب الخبيثة التي طوحت أحلامنا وأفكارنا ولم تترك فسحة للتفكير في المستقبل، بل صرنا نرتهن للحظة الحاضرة التي تتكرر فيها الأسئلة اليومية، ما جدوى الكتابة، ما جدوى العمل، الحياة قصيرة، لا أحد يأخذ معه شيئاً، هل سنعيش للغد أم لا؟ هل سنكمل مشروعنا المستقبلي؟ هل من فائدة لتجديد مشاريع المستقبل؟ وهكذا تجري الأسئلة وتجري معها الأجوبة التي تدل على واقع عشناه لتسع سنوات مضت وما زال هذا الواقع المرير يجدد نفسه، ويطور أدواته ويحصد الكثير من الأرواح والآمال والتعب. قد تكون هذه الأسئلة ليست نتيجة الإحباط ولا دليل هروب على الهروب، ولكنها تعبر عن الزهد بكل شيء، فبعد أن يخسر المرء فلذة كبده أو بيته أو ماله أو وطنه، فلا شيء له قيمة ولا شيء يستحق المجابهة مع صعوبات مفروضة علينا، ومع ذلك.. نحن نتحمل.. ونصبر.. لكن السؤال المشروع الذي لا بد من الإنصات إليه: لماذا كل هذا الفساد؟. ومن أين لشخص ما كان على هامش المجتمع وكان لا يشبع لقمة الخبز، من أين له كل هذه البنايات والسيارات ولماذا لا أحد يسأل هذا (من أين لك هذا؟) الكل صار صامتاً، لا يعنيه ما يدور في البلد.. المهم (يارب نفسي) فكيف ستبنى البلد بهكذا قناعات؟ وكيف سيتطور المجتمع مع هكذا زبانية مرتكبة؟ والمشكلة ليست هنا.. المشكلة في الفرد الذي يتكلم ويفصح عن شكواه وينتقد أو يرفع صوته في حضرة الفساد الذي له حماته ومروجوه ومساندوه، وله المستفيدون منه عبر دائرة واسعة الطيف في مجتمع منهك ليس أمامه سوى الصبر. ولولا (شوية صبر) لكان الناس فقدوا عقلهم وسرحوا في الشوارع حاملين قهرهم كمصباح يشبه مصباح - ديوجين - لعل هذا الموضع قد تطرق له كل الكتاب.. وأنا منهم.. ولعل ذلك صار مكرراً إلا أنه يتكرر يومياً فنضطر نحن الكتاب لتكراره لأنه شاغل الناس. وللناس الحق أن تنشغل على مصيرها ومستقبلها وتتساءل ألا تكفينا الحرب؟!. |
|