تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الناتو يركب موجة (الضربات الاستباقية)

لوموند
ترجمة
الأربعاء 13/2/2008
ترجمة: مها محفوض محمد

فريق عسكري من قيادات عليا في الولايات المتحدة وحلف الناتو يصدر تقريراً يطالب فيه الحلف بالاستعداد لمواجهة

التهديدات والتحديات التي تواجه الغرب وذلك بالمبادرة إلى توجيه ضربات نووية وقائية. ويبين المستند الذي يحمل عنوان (نحو استراتيجية جماعية من أجل عالم مريب علينا أن نجدد الشراكة الأطلسية) أن الضربة الاستباقية هي ضمن برنامج التصعيد لمنع استخدام أسلحة الدمار الشامل وتجنب الأخطار المحدقة.‏

من بين الذين أعدوا التقرير جون شاليكا شفيلي رئىس أركان الجيش في عهد كلنتون وضباط قدامى من بريطانيا وانكلترا وفرنسا وألمانيا وهولندا, وحسبما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية أنه تم إعداد البيان بعد النقاش مع ضباط القيادات الحالية ورجال سياسة عدد كبير منهم لم يرد التصريح عن رأيه علناً, ومن المنتظر أن يكون أحد الموضوعات الرئيسية للبحث في قمة الناتو التي ستعقد في نيسان القادم في بوخارست.‏

التقرير مقلق لأنه حقيقة يقدم صورة مريعة للقرن الحادي والعشرين حيث يصور القوى الرئيسية الغربية على أنها أمم يحاصرها أعداء حقيقيون معتبراً أن الصين وروسيا وإيران هم الأعداء وسط تغييرات ملموسة على الساحة الدولية. ويلفت الانتباه إلى أن تزايد السكان والتغير المناخي من الوقائع التي تفاقم الصراعات الدولية وأن انتشار أسلحة الدمار الشامل والإرهاب هي الأخطار الجديدة المحدقة ورداً على ذلك فإن التقرير يدعو الناتو إلى تبني استراتيجية التصعيد النووي ولا مانع من اللجوء إلى نماذج من العصي وأنواع من الجزر بدءاً من الاحتجاج الدبلوماسي على الأسلحة الذرية, ورغم ورود عبارة :(إن السلاح الذري هو آخر أداة يمكن استخدامها إلا أن التصعيد النووي يجب أن يبقى مستمراً وأن يكون عنصراً في أي استراتيجية حديثة).‏

وإذا كانت فقرات التقرير لم تحدد الهدف تماماً لكن ما من شك أن الخصم المباشر الحاضر في أذهان معدي التقرير هو إيران لأن إيران هي المشبوه بحيازة برنامج نووي عسكري. وكما أوردوا أن العالم غير قادر على كبح جماح الخطر الإيراني المتصاعد وما دامت إيران قوة نووية فهي لن تأبه للعقوبات الدولية, كما أنها ستسيطر على المنطقة التي تختزن أهم احتياطي من البترول والغاز الطبيعي في العالم, وهذه المسألة هي بكل وضوح الشغل الشاغل للقيادات في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.‏

لقد كان الصحفي الأميركي سيمور هيرش قد كشف منذ العام 2006 عن مصادر عسكرية ومكاتب استخبارات تفيد بأن إدارة بوش وضعت خطة لهجوم وقائي ضد إيران وذلك باستخدام قذائف نووية تكتيكية هدفها ليس فقط إبادة البرنامج النووي لهذا البلد بل تدمير جزء كبير من قواته المسلحة وبناه التحتية الأساسية.‏

التقرير يشيد بدور الحلف على أنه (المتعهد العام للأمن) كلما اقتضت الضرورة ذلك وبمعزل عن هيئة الأمم المتحدة وحقوق الإنسان بل إنه يتحدى هاتين السلطتين.‏

الأمر الآخر الذي يركز عليه التقرير هو الوضع المقلق للحلف حيث يبين أن تدخلاته في البوسنة وكوسوفو وأفغانستان والعراق تميزت جميعها بغياب هدف سياسي واضح وغياب استراتيجية متكاملة للحلف لبلوغ الهدف, أيضاً غياب القدرة التي تسمح بتحقيق هذه الاستراتيجية ويبدو أن هذه التصريحات هي انعكاس مباشر لانقسامات حادة ظهرت بين واشنطن وحلفائها في أفغانستان أجبرت الولايات المتحدة على إرسال الآلاف من قواتها البحرية بسبب رفض ألمانيا وفرنسا وإيطاليا إرسال فرق من جيوشها, إضافة إلى أنهم حددوا قواعد لالتزام هذه القوات المرسلة, في الوقت ذاته وجه أعضاء الحلف الأوروبيين انتقاداً للجيش الأميركي لمبالغته في استخدام القوة وحملوه مسؤولية تصاعد المقاومات في البلدان التي تم احتلالها.‏

التقرير يقترح تغييراً مهماً في تركيب قيادة الحلف وانتقال قرارات الحلف إلى تصويت للأغلبية وذلك للحيلولة دون الانقسامات والخلافات على التدخلات العسكرية في بلدان العالم.‏

أيضاً يطالب التقرير بإنهاء كل حركات المعارضة في تلك البلدان والقضاء عليها, كما يريد الحد من استخدام القوات الأوروبية ووضعها جميعاً تحت قيادة مركزية مطلقة للحلف ويدافع عن جاهزية الحلف وعن استعداده لتنفيذ عمليات عسكرية دون الرجوع إلى مجلس الأمن الدولي على أساس أن هكذا عمليات ضرورية لحماية أرواح الكائنات البشرية.‏

التقرير يركز على ضرورة إنهاء الخصومة بين الاتحاد الأوروبي والحلف, لكن الحقيقة هي أن (التوافق الأطلسي) آخذ في التفكك, وإذا كانت البرجوازية الأوروبية قد رضخت مراراً لواشنطن بما فيها أثناء الحرب على العراق وفي تصعيد التهديد ضد إيران فإن مصالحها لم تتوافق مع الرأسمالية الأميركية إذ إن الصراع بين الأمم الرأسمالية المتنافسة على أماكن الثروات والتي هي أصل هذه النزاعات يضع الرأسمالية الأوروبية والامبريالية الأميركية في حالة مواجهة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية