|
هيرالدتريبيون لقد أبرز تقرير الاستخبارات تناقضات ادعاءات البيت الأبيض حول الخطر النووي الإيراني الوشيك وقوض امكانية القيام بحرب ضد إيران. كما أن هذا التقرير قطع الفرصة أمام محاولات الإدارة الأميركية توسيع الائتلاف الدولي لفرض عقوبات اقتصادية ضد إيران في ظل شعور دولي بأن النتيجة التي توصل إليها تقرير الاستخبارات أن طهران علقت برنامجها النووي يجب أن يقابلها تقديم الثواب لإيران وليس العقاب. ربما لا يزال لدى طهران طموحات نووية خاصة لجهة التوسع في تخصيب اليورانيوم, غير أن الحوار والدبلوماسية هي الوسائل الأمثل لمواجه التحدي الإيراني, وهناك أكثر من سبب للاعتقاد بأن إيران مستعدة لمثل هذا الحوار, البعض يصور إيران على أنها دولة متهورة وطائشة, إلا أنها اليوم قوة كبيرة تسعى لإحراز تفوق في محيطها. في العام الماضي قدم نواب إيرانيون عروضاً إلى كل من السعودية ومصر تدعو إلى إجراء وساطة مشتركة لحل المشكلات في المنطقة, الفوضى في العراق إلى المشكلات الداخلية اللبنانية, حيث ترى إيران أن الطريقة الانسب لإعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط وحماية مصالحها هي بناء علاقات أفضل مع جيرانها في المنطقة, لكن السؤال هو هل ستتمكن إيران من بناء علاقات جديدة مع الولايات المتحدة? أي طريق دبلوماسي إلى إيران سيجد دولة واثقة من نفسها ومصممة على تحقيق قدرات نووية متطورة, وتشير الشحنات النووية الروسية المتتابعة لإيران إلى قدرة الأخيرة على التعامل مع القوى الخارجية من أجل تحقيق أهدافها. ومكمن الصعوبة أن لدى القيادة الإيرانية شكوكاً إزاء الولايات المتحدة, ولكن هذه القيادة تولي المصالح الإيرانية الوطنية الأهمية الكبرى. وقد أعلن المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي مؤخراً بأن العلاقات مع الولايات المتحدة لن تعلق إلى الأبد وأنه سيكون الأول في إيران الذي يوافق على إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة حين تصبح هذه العلاقات في مصلحة إيران. وبالتالي فإن التحدي الذي يواجه الدبلوماسية الأميركية هو تبديل الحسابات الإيرانية ومحاولة العثور على لغة مشتركة مع طهران عند حديثها عن رغبتها في الاستقرار الاقليمي وخاصة بعد اعلان تقرير الاستخبارات الذي بدد الاجماع الاقليمي والدولي بشأن استخدام القوة ضد إيران. أضف إلى ذلك أن التغييرات الدراماتيكية التي ضربت الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة خاصة انهيار العراق, وتضاعف التجارة بين إيران وجيرانها العرب كل ذلك يجعل من الصعب على قانون أميركي أن يعزل إيران? لكن تصريحات بوش المتواترة تدل على أنه لا يزال متمسكاً برأيه إزاء إيران التي يعتبر أنها لا تزال تشكل خطراً, وهذا ما ظهر خاصة خلال جولته الأخيرة في الشرق الأوسط. ولا شك أن ما كشفه تقرير الاستخبارات الأميركية يدفع باتجاه مراجعة التكتيكات المتبعة حتى الآن تجاه إيران, وربما يفتح فرصة للبدء بمفاوضات مع إيران بلا شروط مسبقة وبايقاع بناء. وإذا حضر طرف أو طرفان معاً إلى طاولة المفاوضات مهددين أو موجهين املاءات أو حتى انكار أي طرف لمصلحة الطرف الآخر الأمنية, فإن المفاوضات ستنسف من أساسها, ولأن الجهود النووية الإيرانية باتت الآن بعيدة واتخذت مساراً آخر, فإن هدف الولايات المتحدة من المفاوضات يجب أن يكون واسع المدى ويقدم لإيران عرضاً يحقق مصلحتها الأولى وهي أن تكون مندمجة أكثر مع الغرب والنظام الدولي. ويجب أن يعكس هذا العرض طبيعة مزدوجة للمشاركة إضافة إلى المصالح المتضاربة مع إيران, أي: استقرار العراق وأمن منطقة الخليخ, كما يجب الترحيب ببناء علاقات اقتصادية مثمرة. وفي نفس الوقت, يجب أن تكون الولايات المتحدة واضحة في أن مساعدة الارهاب في المنطقة يهدد مصالح إيران الأمنية بشكل مباشر. بطبيعة الحال, لا يجب المبالغة في التوقعات إزاء مثل هذا العرض الذي لن ينتج عنه حلول سريعة, لكن على الأقل فإن استخدام سياسة هادئة واستراتيجية تجاه إيران يمكن أن يكون مطمئناً لأن قادة إيران سيدركون أن مستقبلاً أفضل لبلادهم سيتحقق عبر الارتباط الوثيق مع المجتمع الدولي. |
|