|
الافتتاحيــة الأشهر الماضية بدت طويلة على كثير من القضايا الساخنة على الساحة الدولية، ليس لأن هناك من يعوّل على تحوّل في الموقف الأميركي تفرضه التطورات والمتغيرات في المشهد الدولي، بل لأن ثمة حاجة لسماع الصوت الأميركي الغائب حيناً والموارب أغلب الأحيان، بعد أن مل العالم من أصوات مرتزقته وأدواته وتابعيه، وربما لرؤية صورة الأميركي، وقد أرهِقت الشاشات والقاعات من صور مراهقي السياسة وصبيان الدبلوماسية. فالمؤكد أنه ليس لدى الأميركي الكثير من البدائل ولا الخيارات، لأن المماطلة الأميركية التي امتدت شهوراً تضع أوزارها، وآن أوان الاستحقاق، وجاءت الساعة التي يقف فيها الأميركي ليكون حاضراً بذاته.. في صوته وصورته لا مكان لوكلائه بالنيابة، ولا دور لأدواته بالأصالة، ولا خيار لتابعيه إلا بالعودة إلى مواقعهم ليلهثوا خلف الإشارات والإملاءات. اعتدنا في المواجهات الكبرى على رؤية مفارقات التحوّل في رجحان الكفة، وما يطرأ على ميزان المعادلات، لكن في الولاية الثانية لأوباما، ثمة ما يدفع إلى التأمل في المسار وقد ارتطمت الرؤوس المستقوية بالعصا الأميركية بسقوف العجز، أو على الأقل بجدار الخيبة من المراهنة على جرّ الأميركي أبعد من همّه الداخلي الحاضر بقوة كأولوية ملحة على سواها عندما يكون الاستحقاق. وفي الاستحقاق تصطف طوابير المشتغلين لمصلحة الأميركي بالأجرة، والعاملين لحساب الإسرائيلي بفطرة الخيانة، والمياومين.. دائمين كانوا أم مؤقتين .. في عمالتهم، والمنتظرين فتات أسيادهم حسب الخدمة في الزمان والمكان، وبينهم من احترف الدور والموقع.. وأدمن الخيانة والعمالة. فالتابعون والأدوات والمرتزقة ما زالوا على النغمة ذاتها، يجترون الموقف والدور، وفي معظم الأحيان يؤدون الوظيفة الموكلة إليهم قبل البتّ الأميركي في الملفات، وما زال الغارقون منهم في أضغاث أحلامهم يتمسكون بقشة الوهم، مستعيدين عهود الأطماع البائدة. التابعون.. من فابيوس المهووس بحديث التمنيات إلى داوود أوغلو الذي يحزم حقائبه باعتباره المرشح الأوفر حظاً للتضحية إذا ما اقتضت الضرورة إنقاذ أردوغان ولو مؤقتاً، وصولاً إلى كاميرون الجوكر الجديد القديم في لعبة الأوراق والأدوات.. من القطري بعضلات أساطيله المصفوفة في فنادق نجومه السوبر، إلى السعودي المستيقظ متأخراً وقد هاله سباق القطري له، وأوجعته لدغات الغدر الإخوانية، مروراً بأطراف تتدرج في أطيافها.. تتلوّن أو تتخفّى حسب الحاجة حيناً، ووفق الطلب في أغلب الأحيان، والفروق عند الاستحقاق تتلاشى أو تكاد. أما المرتزقة في السياسة والسلاح وقد تساووا في الحصيلة، وحتى في المنحى والغاية، نسمع أصواتهم تعلو ندباً وشتائم مسبقة على من باعهم حين استنفدوا الزمن المخصص لهم، وانتهت الوظيفة التي استؤجروا من أجلها. كلهم كانوا في الصف يصغون إلى قسم الرئيس الأميركي، قلقون من ساعة الاستحقاق، وربما إشارة الإملاء، وأغلبهم يبحث في التفاصيل عن دور بعدما أقفلت عليهم عناوين الحاجة لخدماتهم وتجاهلتهم سطورها، وأرعبهم أن الحاجة لخدماتهم شارفت على ناهيتها. في حسابات الحقل الأميركي.. كانوا جميعهم يضربون ويطرحون ويقسمون، وأحياناً يجمعون، وفي حصاد البيدر السوري لا مكان لكل ما جمعوه، ولا دور لكل ما قسموه وأقسموه، فينفضّون.. يتلمّسون رؤوسهم وأدوارهم ومواقعهم، وربما أشياء أخرى...!! بعضهم فات أوان حصاده، وأغلبهم حان وقت الإحالة إلى التقاعد المبكر.. وبلغة أدق جميعهم آتية ساعة رحيلهم. |
|