تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المرأة في السينما العالمية...درر السينما تكرم المرأة

الملحق الثقافي
22-1-2013م
إدريس مراد: تعود المؤسسة العامة للسينما مرة أخرى لتقدم للجمهور السينما بدمشق تظاهرة جديدة حملت عنواناً جديداً وهو «المرأة في السينما العالمية»،

وعلى مدار خمسة عشر يوماً في صالة كندي دمشق وبواقع ثلاثة عروض يومياً، قدم المهرجان مجموعة من الأفلام العالمية التي تكرّس قيمة جهد المرأة في كلاسيكيات السينما العالمية.‏

إدريس مراد‏

رحلة البحث عن الأب‏

كانت البداية مع فيلم «صبي على الدراجة» الفيلم الذي حصل علي جائزة مهرجان كان السينمائي الدولي عام 2011 مشاركة مع الفيلم التركي «حدث ذات يوم في الأناضول» يتناول صبي على الدراجة محنة صبي في الثانية عشرة من عمره فجأة يجد نفسه وحيداً بعد أن هجره والده دون مقدمات وباع دراجته التي يتوحد معها وتمثل بالنسبة إليه الحركة والانطلاق ووسيلته الوحيدة للخروج من كرب العزلة.‏

لم يصدق «سيريل» أن والده ترك المكان دون أن يترك عنواناً ولا رقم تليفون وتركة هكذا ضائعاً في بيت للأيتام. وفي رحلة بحث بائسة عن الأب تتعاطف معه سيدة شابة من نفس البلدة تمتلك صالوناً لتصفيف الشعر توافق أن تستقبله وتمضي معه عطلة نهاية الأسبوع. وبشكل ما تنجذب إليه وتشعر بمسؤولية إزاءه فتحميه من شاب يتقرب منه ويستميله من أجل أن يستخدمه في الترويج للمخدرات التي يتاجر فيها، وفي رحلة البحث عن الأب. تصحبه إلى حيث يعمل ولكن الأب الذي يعمل عاملاً في مطعم يضيق بالطفل ويمنعه من زيارته حتى لا يتعرض للطرد أو فقدان وظيفته، فهو لا يملك الوقت ولا المال لممارسة أبوته.‏

هذا الفيلم يحتويك بعذوبة ويضع‏

ك في قلب البيئة الطبيعية البسيطة التي ينطلق فيها طفل مكروب ومهموم لا يترك «دراجته» بعد أن استعادتها له المرأة الطيبة سمانثا التي أيقظ هذا الصبي الصغير أمومتها وآنس وحدتها وجعل ارتباطها به ومسؤوليتها المعنوية والعاطفية إزاءه معنى لحياتها هي الشخصية خصوصاً في ظل علاقة عاطفية ليست متشبعة مع رجل يضيق ذرعاً بها وبالصبي الذي تتبناه.‏

من زمن الحرب‏

وفيلم آخر وهو «صيف العام 1942»، وحقق هذا الفيلم الذي تناول قصة شاب مراهق نجاحاً غير متوقع حين حصد إيرادات هائلة على شباك التذاكر تجاوزت عشرين مليون دولار. تولى المخرج روبرت موليغان دور الراوي في الفيلم الذي تدور أحداثه في زمن الحرب بشخصية هيرمي عندما يصبح رجلاً بالغاً، هيرمي «غاري غريمز» مراهق فتي مغرم بامرأة متزوجة في عقدها الثاني تدعى دوروثي «جنيفر أونيل». عندما يرحل زوجها للمشاركة في الحرب، يقنع هيرمي نفسه بأنه سيحل محل زوجها بأي وسيلة ممكنة، تشعر دوروثي بالرضا والسرور للاهتمام الزائد الذي تلاقيه من هيرمي والمقتصر على مساعدتها ببعض الواجبات المنزلية وحمل أغراضها عند التسوق، لكنها لا تفكر فيه من الناحية الجنسية. وفي النهاية يلاقي زوج دوروثي مصرعه في المعركة.‏

استند هيرمان راوتشر في كتابة سيناريو الفيلم على تجربته الشخصية الزاخرة بالحنين إلى الماضي واستعمل أسماء حقيقية لأشخاص عرفهم سابقاً وأطلقها على شخصيات نصه السينمائي. فاز الفيلم بجائزة الأوسكار التي كانت من نصيب الملحن ميشيل لوغراند عن موسيقاه العذبة وأثرها الملحوظ على جو الفيلم الذي نقله السيناريست رواتشر لاحقاً إلى عمل روائي، والفيلم من إنتاج عام 1971.‏

وفي قصة أخرى لفيلم جميل أيضاً اسمه «القضية 39»، حيث تعتقد إميلي جينكيز «رينه زيلفيغر» من خلال عملها لسنوات عديدة كموظفة في الشؤون الاجتماعية بأنها خبرت كل شيء في الحياة إلى أن تلتقي ذات يوم بفتاة تبلغ العاشرة من عمرها تدعى ليليث «جوديل فيرلاند» وتجتمع بوالدي هذه الطفلة اللذين لا يعرفان معنى الرحمة، تتأكد مخاوف إميلي عندما يحاول الوالدان إيذاء الطفلة، فتتولى رعاية ليليث ريثما تجد لها عائلة بديلة، ولكن سرعان ما تكتشف إميلي تلك القوى الشريرة التي تحيط بالفتاة البريئة في ظاهرها، وكلما حاولت إميلي حماية ليليث زاد الرعب الذي تواجهه. الفيلم من إخراج كريستيان ألفارت، وكتب له السيناريو راي رايت وهو من إنتاج عام 2010.‏

آنا كارنينا‏

وعرض في هذه التظاهرة النسخة التي تعتبر هي الأفضل بين اقتباسيين سينمائيين عن رواية الأديب الكبير ليون تولستوي «آنا كارنينا». تلعب غريتا غاربو في الفيلم دور البطولة بشخصية زوجة راثبون، أحد المسؤولين التابعين للقيصر، تحاول غابو إبعاد شقيق زوجها «ريجينالد أوين» عن حياة الفسق والفجور لكنها تنحرف نفسها بافتتانها بالضابط الجريء فريدريك مارش، فتسفر هذه العلاقة الغرامية الطائشة عن هدم زواج غاربو وانحطاط مكانتها في المجتمع الروسي في القرن التاسع عشر حرمانها من رؤية ابنها «فريدي بارثولوميو»، ونظراً لقيود الرقابة المفروضة على هوليود عام 1935، فإن أداء المشهد الأخير لانتحار آنا كارنينا قد جرى إعداده بحذر بحيث أتاح الفرصة لجمهور المشاهدين أن يقرروا بأنفسهم فيما إذا كانت محاولة غاربو اليائسة بإلقاء نفسها تحت عجلات القطار عملية مقصودة أم لا، وبمعزل عن الأداء المتألق لغاربو ومارش، فإن التمثيل الرائع في الفيلم تجلى أيضاً في أداء راثبون الذي تعكس قسوته الباردة في نفي زوجته عن فؤاده المفطور «بما أنه لا يسمح لنفسه أبداً بالهبوط إلى مستوى العواطف الرخيصة».‏

ظهرت النسخة السينمائية الأولى من «آنا كارنينا» عام 1927 كفيلم روائي صامت حمل عنوان «الحب» أدت فيه غاربو أيضاً دور البطولة واستبدل ذلك الفيلم النهاية الحزينة في رواية تولستوي بنهاية سعيدة، وفي عام 1948 جرى إنتاج نسخة ثالثة جيدة عن الفيلم ذاته من بطولة فيفيان لي إلا أن «آنا كارنينا» الصادر عام 1935 الذي تحدثنا عنه جسد الإنجاز الأكثر تألقاً في التحالف الموفق بين النجمة غريتا غاربو والمخرج كلارنس براون والمصور ويليام دانييلز.‏

زمن المبادئ‏

وعرض فيلم محفور في الذاكرة أيضاً وهو «ابتسامة موناليزا» وتقع أحداث الفيلم في أعقاب الحرب العالمية الثانية في نهاية أربعينيات وهي الفترة التي كان يتبع فيها تقاليد صارمة للحياة، حيث كان كل شيء منظماً، وفقاً لقواعد لا يمكن تخطيها، فالكل يرتدي ملابس لائقة، والكل يتحدث بأدب واحترام وكانت مكانة المرأة محددة وواضحة. وهي الحقبة التي تربت فيها المرأة على مبادئ موحدة وصارمة، والتي من أهمها أنها تربى على إيمان كامل بان الزواج هو النهاية الحتمية للمرأة وأن دور الزوجة هو الدور الذي يجب أن تحيا لأجله. تلعب جوليا روبرتس في هذا الفيلم دور كاترين واتسون، أستاذة تاريخ الفن، المرأة المثقفة، الحرة، المتفتحة، الواسعة الأفق التي كانت دائماً تتطلع للعمل في كلية ويسلي للبنات الكلية المرموقة والمحافظة جداً. وحين جاءتها الفرصة بافتتاح قسم لتاريخ الفن في الكلية التي تمنت العمل لديها، جاهدت لأجل قبولها وحاربت كي تحظى بالتدريس هناك ولم تستسلم حتى تم قبولها فسافرت لوحدها، وبحماس شديد من كاليفورنيا إلى حيث الكلية،‏

ممنية نفسها بأوقات سعيدة ونجاح مبهر. ولكن الوضع سريعاً ما تغير حين وجدت ومنذ الدرس الأول أن تلميذاتها يفقنها حيلة وذكاء بمعلوماتهن الأكاديمية، فقد كن يحفظن الكتاب كلمة كلمة، كان عنادهن وتكبرهن يستفزها مما أغضبها هذا الأمر جداً لأنها لم تتمكن من ضبطهن ومنعهن من الثرثرة وسط الدرس عن أصدقائهن وعن صحيفة المدرسة التي كانت تكتب فيها إحدى طالباتها المتحذلقات والتي كانت تنشر وجهات نظر لم يسبق نشرها. فلم تستطع لفت انتباههن، لذا قررت ولكي تؤثر في تلميذاتها أن تتبع أسلوباً جديداً وغير معهود في التدريس.‏

رجل في طريق للإعدام‏

فيلم يحمل الكثير من الوجع والألم من أفلام هذه التظاهرة وهو «رجل في طريق للإعدام»، وقصته مقتبسة من كتاب للراهبة «هيلين بريجين» التي قامت بدورها «سوزان ساراندون» وتصف غرفة انتظار الإعدام بتفاصيل إنسانية، يبدأ الفيلم برسالة أرسلها «ماثيو» الذي ينتظر موته الحتمي في محاولة منه لإيجاد شخص يستمع إليه ويخبره بما يدور في ذهنه في أيامه الأخيرة لتصل كلماته إلى الراهبة «هيلين» وسرعان ما تتأثر وتذهب إليه وتجالسه وتسمع ما يريد قوله، الفيلم فريد بموضوعه حيث يعالج قضية ربما مرت علينا كثيراً، رجل محكوم بالإعدام بعد ست سنوات من السجن يصدر حكم التنفيذ، ليدخلنا أجواء الأسبوع الأخير لحياة القاتل والمغتصب «ماثيو» الذي يقوم بأداء شخصيته الممثل المتألق «شون بن»، كتب السيناريو وأخرجه «تيم روبينس»، عن قصة للكاتبة «هيلين بريجين».‏

أما فيلم «جولي وجوليا» يجسد قصة السيدة جولي بويل المتزوجة وذات الثلاثين عاماً حين تشعر بالملل من وظيفتها الحكومية وحياتها الرتيبة فقررت أن تقرأ كتاباً للطبخ وأن تطبق الوصفات التي يحتويها، ثم أخذت توثق تجربتها اليومية مع وصفات الكتاب في مدونتها الشخصية في شبكة الإنترنت، وشيئاً فشيئاً أصبحت هذه المدونة من أكثر المواقع زيارة لتقوم بعد ذلك بجمع يومياتها في كتاب بعنوان «جولي وجوليا» أصبح من أكثر الكتب مبيعاً. إنها قصة حقيقية بطلتها السيدة «جولي بويل» التي ساهم إعجابها بكتاب «إتقان فن الطبخ الفرنسي» في إحياء ذكرى الطاهية الأمريكية «جوليا تشايلد» مؤلفة الكتاب، ومن حياة هاتين الشخصيتين، «جوليا» مؤلفة الكتاب، وجولي قارئة الكتاب، تكونت حكاية الفيلم «جوليا وجوالي» معتمداً على ما ورد في المدونة ليصبح الفيلم الأول الذي يقتبس قصته من مدونة إلكترونية.‏

وتؤدي النجمة «ميريل ستريب» دور البطولة بشخصية «جوليا تشايلد» فيما تقوم الممثلة «آمي أدامز» بدور صاحبة المدونة «جولي بويل».‏

البيت الزجاجي‏

يلقى كل من «غريس وديف بايكر» حتفهما في حادث سيارة مروع ليتركا خلفهما ابنتهما «روبي» وشقيقها الأصغر وبعد الحادثة الأليمة، ليتعهد صديقا والديها الحميمين إيرن وتيري غلاس على تربية الطفلين تنفيذاً لوصية والديهما، حيث تعد عائلة غلاس الطفلين بعالم مليء بالمرح والإثارة حال انتقلا للعيش معهما في منزلهما الواقع في منطقة فاخرة في كاليفورنيا، ومع مرور الأيام تشك روبي في نوايا الجارين اللذين يزمعان رعايتها وشقيقها، حيث تكتشف لاحقاً رغبتهما في وضع الأموال الطائلة والثروة الكبيرة التي تركها والدها تحت يدهما، مستغلين وجودها وشقيقها تحت وصايتهما لتحقيق ذلك، وذلك يجعل الطفلة الذكية أن تعود بالذاكرة إلى الوراء لتبحث في احتمالية تورط الجارين في تدبير حادث السير الذي أودى بحياة والديها. والفيلم من إخراج دانييل ساكهيم.‏

وكانت في جعبة تظاهرة «المرأة في السينما العالمية» أفلام هامة أخرى حيث وصل تعدادها إلى ما يقارب خمسين فيلماً مثل «غرفة الرعب، ذكريات فتاة الغيشا، غار وردي أبيض، امرأة صالحة، الرقص في لونازا....».‏

المؤسسة تمضي قدماً‏

ننهي أسطرنا هذه بحديث للأستاذ محمد الأحمد مدير المؤسسة العامة للسينما حيث يقول: «العمل الناجح هو المؤشر الأهم على جدية الجهد، ولن يبدو التطور فيه ملحوظاً ما لم نتلمس جدارة من يعمل بشكل مهني احترافي صحيح. وحسبنا في المؤسسة العامة للسينما، أننا نعمل بجد، ونسعى على الدوام للوصول إلى أهدافنا معتمدين طاقة العمل الخلاق حتى أقصاها ، مهما كبرت المصاعب وكثرت المتاعب. فبالرغم من تضافر الظروف المحيطة الصعبة التي مررنا بها جميعاً في العام الماضي، نفذت المؤسسة العامة للسينما كامل خطتها الإنتاجية، وما توازى معها من أسابيع سينمائية وطباعة كتب في سلسلة الفن السابع، والجهد ممتد لموسم عامنا الحالي الذي تسير أموره حسب الخطة الموضوعة له حتى اللحظة الراهنة...».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية