|
الصفحة الاخيرة وماذا لو قسنا كلام بشار على الصحافة? أليست ظاهرةَ تخلفٍ واستهتار بمهنة الصحافة وواجباتها الحضارية والإنسانية أن نقع في عدد من المنزلقات .. ننزلق إليها بأنفسنا, ونتهم الصحافة كمن يعجز عن امتطاء صهوة الخيل , فيعتلي متون الحمير ? كيف ننهض بالصحافة إن لم ننقذها : ¯ من (وساطة القادرين) على إلزام الصحافة بتعيين الموظفين العاطلين والمعتفين طالبي الرزق, والمتسلّقين الذين يجوز لهم أيّ عمل إلا العمل الإعلامي ; فيختلط الحابل بالنابل بدَلَ أن نركز على أصحاب الخبرة والاختصاص ونعمل على تحسين أوضاعهم الشخصية والمهنية ? ¯ من الوقوع في أشراك الروتين فتغدو الجريدة واحدة من المؤسسات العامة , ونقيّد حركتها , فيُضطَر رئيس التحرير إذا أراد أن يرسل بعثة صحفية لتغطية حدث , أو لإجراء تحقيق صحفي في موقعٍ أن يُزجَّ في متاهات توقيع الأوراق والحصول على الموافقات فلا يكاد يظفر ولو بخفّ حنين ; أم نترك لكل صحيفة وضعها الإداري والمالي المستقل ونترك لرئيس التحرير وهيئة التحرير المرونة وحرية الحركة التي تستوجبها المهنة ? ¯ أن نَنْتَبِذ كهلاً من منصبٍ علاقتُه بالإعلام كعلاقة (إلّ السِّقبِ من رَأَلِ النعامِ) كما يقول حسان بن ثابت , أوكعلاقة الإسكافي بصائغ الذهب ... (نبغ فجأة) بالصحافة والإعلام ; فنسند إليه منصباً إعلامياً فيندفع إلى كتابة المقالات وأيِّ مقالات!!والمشاركة في الندوات وأيِّ مشاركة !...? ومتى ندرك : ¯ أن الصحافة مهنةٌ , اختصاصٌ , كالطبّ والهندسة , والنِّجارة والحِدادة لا سدٌّ للذرائع , ولاتعويضٌ لطالبي المناصب عن مناصب فقدوها ... قد يستحقونها أو يستحقّون أهمّ منها إلا الإعلام ? ¯ وأن تقنياتها , وأساليب عملها يجب أن تخضع إلى التطور العلمي المستمر ? ومتى نسمي الأشياء بمسمياتها (رئيس التحرير) بدل (البهبطة ¯ المدير العام) كما لو انه مسؤول عن العلف والبذور , وندركُ أن الصحافة ليست عملاً وجاهيّاً يُؤدَّى بطلبِ السلامة والعافية وعلى متون الشبح , والطاولات الفخمة والمكاتب الأنيقة ... وبقفازين أبيضين خشية تلوث الأصابع ?! أوليست اشتباكاً مع الحياة من قيعانها إلى قممها , مغامرةً لايجوز فيها حساب الربح أو الخسارة , موهبةً , (سوسة) محنةً , بلاءً , لايستطيع المرء النجاة منه إلا عندما يلفظ أنفاسه الأخيرة ? أَوَليستْ مجموعةَ هواجس تتأسس في المرء منذ نعومة أظفاره عندما يكتشف في نفسه الرغبةَ في أن يدقق فيما حوله ويتخذ مواقفَ ... ينفجرُ إن لم يستطع التعبير عنها ? ألا يجب أن نمنح الصحافة حق الحرية : باستقلالية (مطبخ الأخبار) كما يحصل في الدول الديموقراطية ; وبتعدّد الأصوات كأن تختصّ إحداها بالقضايا العربية والدولية , والأخرى بالقضايا المحلية ; أوأن نترك لها ¯ لهيئة تحريرها ¯ حقّ الاختيار وحق المنافسة مع غيرها ? ونتَّهمُ الصحافة ?!! مرة قال بعض أعضاء مجلس الشعب لمسؤول إعلامي سابق : (لماذا لاتكونون ك¯ BBC (هيئة الإذاعة البريطانية) ? ) أجابهم : ( عندما تكونون كمجلس العموم البريطاني). |
|