|
معاً على الطريق وبطبيعة الحال كان لابد من أن يتمكن عدد من سكان المنطقة من الدخول إلى الجانب المصري وتحت أنظار حرس الحدود المصريين الذين يفيد النبأ بأنهم لم يتحركوا. وإذا كان نبأ كهذا يستوقف أحدنا - بغض النظر عن الجهة النشطة التي قامت بعملية فتح الفجوة لأي سبب كان - فذلك لما يعنيه الموقف من جدار الفصل من الجانب النفسي وليس لما يعنيه من الجانب السياسي. ومن هنا القول إن هذه العملية يمكنها أن توحي لنا - أعني أبناء العروبة من أقصى الوطن العربي إلى أقصاه - إن إزالة الجدران القائمة بين الأقطار العربية, وليس فقط فتح فجوات عليها, صارت مطلباً ملحاً, وخصوصاً في هذه المرحلة التي يشهد فيها أبناء الوطن العربي محاولات إقامة الجدران المنيعة بين أطرافه منعاً لهم من التواصل واللقاء, وبالتالي منعاً لإقامة العلاقات المباشرة بين أبناء الوطن الواحد, وبمعنى ما أن يسقطوا من حساباتهم, نهائياً, أملاً طالما راودهم, وسيبقى يراودهم. إنها أمنية الجيل الحالي, أن تزول الحدود المصطنعة بين أقطار الوطن العربي, كذلك هي أمنية كل من يرى إزالة الحدود سبيلاً لتوحيد الموقف, عبر الكلمة الواحدة, حول ما نردده بقولنا عن مصير مشترك. ومعروف أن أمنية كهذه كلما اقتربنا منها, زادت المؤامرات الهادفة إلى وأدها, وقد شهدت منطقتنا العربية في ستينيات القرن الماضي إجهاض الوحدة بين سورية ومصر, على أرضية التوجس من نتائجها على واقع الخارطة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج, وما كانت تعنيه تلك النتائج إن هي صارت واقعاً على الأرض العربية. ولهذا الاعتبار, بل قبل أي اعتبار آخر, مهما قيل في تفسيره أو تبريره, كان دأب الغرب الاستعماري العمل على إسقاط الوحدة, والسعي لإقامة الجدران النفسية, قبل الإسمنتية, بين الإنسان والإنسان لأنه العامل الأهم والأقوى من كل العوامل الأخرى لتحقيق الأمنيات والآمال الكبيرة. إن قراءتنا لنبأ تفجير جدار رفح وفتح الفجوة فيه, أنها تمكّن تنقل العربي إلى أرض عربية مجاورة أو بعيدة, من دون تأشيرة دخول, تجعلنا نتساءل عن متى تسقط كل الجدران النفسية والإسمنتية التي صنعها المستعمر بين الأرض والأرض, وبين الإنسان والإنسان, في منطقتنا العربية? ومرة أخرى لابد من الإشارة إلى أن إحداث فجوة ما في جدار ما يفصل أحدنا عن الآخر, له مدلوله المادي والمعنوي الذي ينأى عن غرض سياسي أو أمني, وذلك لعلاقته بما نردده, كما أشرت, عن مقولة المصير المشترك والهم المشترك, ذلك لأن ما ينتظرنا, نحن عرب المنطقة العربية عموماً, بمشرقها ومغربها على حد سواء, قد لا يبدو واضحاً على صفحة مرآة المستقبل القريب نسبياً أو البعيد نسبياً, ولكنه, بلا شك, يبدو قابلاً لقراءة أبعاده بشكل أو بآخر, إذا نحن أمعنا النظر في معالمه جيداً. من هنا, وبعيداً عن تخمين الجهة التي أوحت إلينا بقول هذا, لابد من الاعتراف بأن فتح الفجوة في الجدار, يبقى درساً يمكن أن يكون مفيداً على مستوى الأمة وليس المنطقة فقط, إن هي استوحت منه موقفاً وطنياً وعزمت على رسم خارطتها العربية الخاصة بها. |
|