تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءة في الصحافة الإسرائيلية...ماأخفاه ( فينو غراد) أخطر مما أعلنه... معاريف:اللجنة حاولت تبرئة أولمرت لأسباب سياسية

ترجمة
الأحد 17/2/2008
قراءة أحمد أبو هدبة

على غيرما توقعته وسائل الإعلام الإسرائيلية جاء تقرير لجنة فينوغراد النهائي الذي حقق في سير وإدارة ونتائج الحرب العدوانية على لبنان

في تموز من العام الماضي مخففا أكثر بكثير من التقرير المرحلي الذي نشر قبل تسعة اشهر,لكن ما يخفيه هذا التقرير ولم ينشره اخطر واهم بكثير مما أعلنة على الملأ , ورغم ذلك فقد أقر التقرير وبشكل واضع اعتراف إسرائيل بالهزيمة العسكرية والسياسية في تلك الحرب , وفشل القيادتين السياسية والعسكرية في ادراة الحرب وفي طريقة اتخاذ القرارات وعدم التنسيق فيما بينهما,وعدم تحقيق أي من الانتصارات العسكرية أو أي من الأهداف السياسية الموضوعة عشية شن الحرب .ويتضح من التدقيق في هذا التقرير, أن اللجنة وان لم تحمل القيادة السياسية المسؤولية الشخصية عن الهزيمة فإنها أشارت ضمنا الى أن أولمرت وحكومته الى جانب الحكومات السابقة تتحمل مسؤولية ما جرى في الحرب من إخفاقات كبيرة وخطيرة على المستوى الاستراتيجي وأنها أي الحكومة لم تكن على مستوى الأحداث الى جانب غياب التفكير الاستراتيجي لديها ,والاهم من ذلك , كيف أن هذه الحرب قد كشفت أن منظمة شبه عسكرية كحزب الله تضم عدة ألاف من المقاتلين قد صمدت بل وهزمت أقوى جيش في الشرق الأوسط والذي يمتلك ارقى التقنيات في العالم ويتمتع بتفوق جوي مطلق.‏

وقد كان نصيب الجيش في هذا التقرير من انتقادات وحتى هجوم حاد أكثر بكثير من حكومة أولمرت فقد حمل التقرير الجيش وقياداته العليا والميدانية مسؤولية الفشل في كل ما يتعلق بادارة هذه الحرب سواء على صعيد اتخاذ القرارات الاستراتيجية الخاصة بسير المعارك أو على صعيد القرارات الميدانية المتصلة بتحريك الوحدات العسكرية النظامية أو قوات الاحتياط , وفشل هذا الجيش في إدارة المعارك البرية, وان التخبط كان سيد الموقف في جميع المعارك البرية بالنسبة لقيادات الجيش على اختلافها الأمر الذي اظهر فشل قيادة الجبهة الشمالية وعدم قدرتها على فعل أي شيء في العملية البرية التي سبقت وقف إطلاق النار بيومين , وان هذا الجيش لم يستطع وقف صواريخ حزب الله أو إبعادها عن مدن الشمال فحسب وإنما ترك الجبهة الداخلية لمصيرها مكشوفة أمام صواريخ حزب الله لم يجند قوات كافية من الاحتياط لمساعدة السكان تحت النار ولم يرفع توصية للقيادة السياسية بتقصير مدى القتال في ظل غياب جواب على هذه الصواريخ وجاء في التقرير:( إن إسرائيل خرجت إلى حرب طويلة بادرت إليها, وانتهت الحرب بدون أن تنتصر إسرائيل بشكل واضح من الناحية العسكرية.‏

وصمدت منظمة شبه عسكرية طوال أسابيع في وجه الجيش الأقوى في الشرق الأوسط, وتواصل إطلاق الصواريخ طوال فترة الحرب, بدون أن يوفر الجيش أي رد فعل على ذلك.‏

وحصل تشويش في حياة السكان, وغادر عدد كبير من السكان بيوتهم وجلسوا في الملاجئ. وبعد فترة جرت فيها عمليات محدودة, ومع اقتراب موعد وقف إطلاق النار, خرجت إسرائيل في حملة واسعة لم تحقق النتائج التي كانت مطلوبة منها ...‏

وأن الإخفاقات بدأت قبل الحرب على لبنان بوقت كثير. وأنه تم تحديد أهداف )طموحة( للحرب, لم تبق أمام إسرائيل سوى خيارين فقط,الأول هو توجيه ضربة قصيرة وشديدة, أما الثاني فهو إحداث تغيير أساسي في واقع جنوب لبنان بواسطة عملية برية واسعة النطاق.‏

وأضاف التقرير: أن طريقة اتخاذ القرار الأصلي بالخروج إلى الحرب, وعدم مناقشة البدائل الأخرى, والطريقة التي خرجت فيها إلى الحرب, قبل أن يتم انتقاء أحد الخيارات, وكيفية الخروج من الحرب, كل ذلك يعتبر إخفاقات خطيرة ساهم فيها المستويان السياسي والعسكري, وأثرت على الحرب كلها.‏

وان حالة التخبط تواصلت خلال الحرب.‏

وبالرغم من إدراك ذلك, فلم يحصل وأن أجريت مباحثات منظمة أو بت في مسألة أهداف الحرب لمدة أسابيع طويلة. كما حصل تأخير كبير في الاستعدادات للمعركة البرية الواسعة, الأمر الذي قلص الإمكانيات الموجود ة بيد إسرائيل, وكانت النتيجة أن إسرائيل لم تكتف بتحقيق إنجازاتها العسكرية الفورية, بل انجرت إلى معركة برية لم يسمح وقف إطلاق النار بالاستفادة منها بشكل فعال, وتقع مسؤولية ذلك على قيادة المستويين السياسي والعسكري سوية.وتطرق التقرير إلى قصف البارجة الإسرائيلية حانيت في بداية الحرب وقال إن حادثة حانيت في سلاح البحرية صبغت نشاط سلاح البحرية, على الرغم من أنه كانت لسلاح البحرية مساهمة مهمة في فرض الحصار البحري (على لبنان), وحتى أنه أسهم بصورة هامة ومتنوعة في عمليات القتال التي خاضتها قيادة الجبهة الشمالية.‏

و في استخلاصا ته عن الفشل قال رئيس لجنة التحقيق إن: المسؤولية عن هذا الفشل في إدارة الحرب تتحملها القيادتان السياسية والعسكرية على حد سواء.‏

وأن الصورة الشاملة للحرب كانت نتيجة لعناصر مجتمعة من إخفاق القيادتين السياسية والعسكرية في إدارة الحرب, ومن تنفيذ فاشل للجيش الإسرائيلي وخصوصا القوات البرية, وبسبب خلفيات تنطوي على خلل من ناحية استعداد إسرائيل ..‏

فإسرائيل لم تستخدم قوتها العسكرية بصورة حكيمة وفعالة في حرب لبنان الثانية رغم أن هذه كانت حربا بمبادرة إسرائيل وفي منطقة محدودة, وفي نهاية المطاف لم تحظ بإنجاز سياسي على أساس إنجاز عسكري, وإنما استندت إلى تسوية سياسية شملت أمورا إيجابية بالنسبة لإسرائيل, وقد كانت هذه تسوية سمحت بوقف القتال الذي لم يتم حسمه خلال المعركة.و أن هذه النتيجة كانت بسبب أن الحرب لم تتم إدارتها منذ بدايتها على أساس المعرفة العميقة والواسعة لظروف الجبهة, وعدم جهوزية الجيش, وغياب مبادئ أساسية تتعلق بتفعيل قوة عسكرية غايتها تحقيق إنجاز سياسي.ويمكن القول, في الخلاصة, إن الجيش الإسرائيلي فشل خصوصا, بسبب قياداته الكبيرة والقوات البرية, في توفير رد عسكري للتحدي الذي واجهه, ولم يوفر للقيادة السياسية إنجازا عسكريا ملائمًا يكون أساسا للنشاط السياسي, وإن مسؤولية عن هذه النتيجة يتحملها الجيش بالأساس, لكن يشاركه فيه ضعف التنسيق الذي حددته القيادة السياسية بين طريقة العمل والأهداف.وان هذه الحرب كان لها تداعيات خطيرة , فقد هزت صورة إسرائيل وصورة جيشها وأفقدت قوة ردعه مصداقيتها لدى كثير من العرب والعالم .‏

الصحف الإسرائيلية اتفقت هي الأخرى مع هذه الاستطلاعات وطالبت في معظم تحليلاتها باستقالة أولمرت وحكومته وبالتالي تحمل مسؤولية الهزيمة والفشل والإخفاقات في حرب لبنان .فتحت عنوان :حقيقة فشلنا في حرب لبنان الثانية كتبت هاآرتس في افتتاحيتها تقول:بغير ما صلة باستنتاجات فينوغراد, ما يجب أن يقلقنا هو جهوزية الجيش أو لمزيد من الدقة, قوات البر والقيادات العليا. ليست إجراءات اتخاذ القرارات هي الأساس. تعلمنا التجربة أن لا صلة بين نوع الإجراء ونوع القرار. فقد تمت قرارات تاريخية ل بن غوريون وتشرتشل وهما وحدهما, بل بخلاف رأي الخبراء, لكن بناء على علم تاريخي وثقافي, وبوصلة داخلية وشجاعة,بينما اتخذ زعماء يوجد حولهم أفضل العقول قرارات حمقاء.‏

فعلينا الاعتراف بان الفشل كان عسكرياً وسياسيا على السواء( كثير من الكتاب هاجموا اللجنة واعتقدوا أنها حاولت تبرئة أولمرت لأسباب سياسية فقد كتب عوفر شليح في معاريف يقول :( كل إخفاقات اللجنة قامت عليها. فقد أقيمت بالخطيئة, وأعضاؤها لم يفهموا لماذا يجتمعون: فقد اعتقدوا أنهم سيستوضحون الحقيقة وسيستخلصون الدروس وهما شيئان غيرا ذي صلة على الإطلاق بعد سنة ونصف السنة من بدء عملهم. إذا كان هذا ما أرادوه فكان ينبغي لهم أن يصدروا التقرير بعد وقت قصير من سماعهم الشهادات, قبل سنة.‏

وعندما فهموا الوضع حاولوا إنقاذ أنفسهم منه بوسائل ملتوية, مثل النظرية في أنهم يمكنهم أن يفرضوا المسؤولية على المذنبين دون أن يمروا عبر منظومة رسائل التحذير والبحث القضائي. فقد ارتجلوا, تورطوا, وفي نهاية الأمر فان الجار ور ينتظر تقريرهم. عكيبا الدار يشارك شليح في موقفه من اللجنة ويقول :حجم التوقع كحجم خيبة الأمل. عندما يتوقع شعب كامل أن يقرأ في التقرير السطر الذي يقرر بان أولمرت بعث الجنود الى معركة لن يعودوا منها كي ينهي الحرب مع صور نصر, فمن انتبه للسطور التي تقضي بأنه قاد نحو حرب طويلة, بادر بها هو نفسه, دون أن يحقق النصر على منظمة من بضعة ألاف من المقاتلين.من أعطى رأيه في أن لجنة فينوغراد ضمت في تقريرها النهائي استنتاجات شخصية بل وجدا,فاللجنة تشدد بأنه يجب أن نرى جزئي التقرير - الجزئي والنهائي - كمكملين الواحد للأخر(. ما معنى هذه الجملة, المأخوذة من التقرير الجزئي: أولمرت فشل كزعيم يقود بلاده الى عملية عسكرية مبادر إليها انطلاقا من تفكير ومسؤولية? أوليست هذه تحميل لمسؤولية شخصية? وما معنى هو مسؤول شخصيا عن نقاط الخلل في القرارات التي اتخذت ونقاط الخلل في سياقات اتخاذها? وكيف ينبغي للجمهور أن يفهم الاستنتاج القرار بالخروج للحرب اتخذه هو بسرعة, دون رقابة ذات مغزى?.‏

ايتان هبار تطرق بدوره في يديعوت احرنوت الى الصورة الفظيعة والمزرية التي عرضتها اللجنة للجيش في تقريرها :الصورة الأساس التي ارتسمت من تقري فينوغراد أمس كانت أولا وقبل كل شيء الحالة الشوهاء, الفظيعة للجيش الإسرائيلي.‏

من نواح عديدة, ابتداء من القيم الأساس وانتهاء بجواب المظليين - هذا تقرير تأسيسي. التقرير خطير, حاد, ولعله الأشد منذ قيام الدولة, بما في ذلك حرب يوم الغفران.‏

وهو يعرض الصورة الأصعب لجيش وقف دوما على رأس فرحنا وقلقنا. أين سقطنا? 629 صفحة لفينوغراد تروي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية