في زمن المتغيرات المتسارعة وثقافة العولمة , يطرح السؤال التالي: من يصنع الثقافة ومن ينشرها? وكيف يتم عرضها وبأي منظور فكري أو سياسي او اقتصادي يتم اعادة انتاج الثقافة.. حتى انتاج التراث لم يعد انتاجه كمادة ثقافية تماماً , كما كان الامر قبل عقود من الزمن , بل اصبح جزءاً من نظام شبه دولي لاعادة الانتاج ... وبذلك يستطيع المرء ان يقول بكل بساطة : إن الثقافة لم يعد يصنعها المثقفون فقط, ولم يعد يطورها الفنانون والحرفيون المحليون بل اصبح يصنعها منتجو السلعة الدولية ومنتجو المعلومة الدولية ,واصبح الوسط الثقافي الذي يعيشه الفرد في أي مجتمع على اتصال وثيق بالعالم , ليس الوسط الذي اعتمد ان يرجع إليه , بل إنه وسط مختلف متجدد ومتحرك بسرعة أكبر بكثير من ايقاع المجتمع . ويخلص الى القول: لم يعد المثقفون بالمفهوم التقليدي قادرين على التأثير في الثقافة وفي صنع الثقافة إلا في القدرة والعمق الذي يكونون فيه قادرين على التفاعل مع وفي القطاعات الانسانية الاخرى , وبالتالي اصبح الدور الثقافي اكثر تعقيداً وأكثر تشعباً ويتطلب خلفيات ومؤهلات وخبرات وتطلعات جد مختلفة عما كان في الماضي ويتطلب الكثير من الحركة والحيوية للوصول الى اعماق العملية الحضارية المعاصرة.‏