تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العوامل المحركة لارتفاع الأسعار ...الغزي: تخفيض الفائدة المؤثر الأول... القلاع : استقراء الوقائع واستدراكها ضرورة

اقتصاديات
الأحد 17/2/2008
سحر عويضة

ارتفعت الأسعار في العام الماضي وما زالت مستمرة حتى الآن بشكل غير مسبوق , ضاربة بقسوة مستوى معيشة الغالبية العظمى من الناس وبدا الاستياء من هذه الظاهرة واضحاً

ويبدو ان محاولات المعالجة التي تقوم بها الحكومة لم تؤت ثمارها حتى الآن, وهي لا تعدو كونها تسد بعض الثغرات التي ازدادت بشكل ملموس, والتي كان من المفترض ان تتخذ اجراءات سابقة كي لا تصل الامور الى هذا الحد.‏

(الثورة) رصدت هذه الظاهرة من آراء بعض المختصين في وزارة الاقتصاد وفي القطاع الخاص والاقتصاديين الاكاديميين حول هذا الموضوع ..‏

عوامل عالمية‏

وفاء الغزي مديرة الاسعار في وزارة الاقتصاد أرجعت هذه الظاهرة الى عدة عوامل عالمية وأخرى محلية مشيرة الى أن تخفيض معدل الفائدة في المصارف هو المؤثر الأكبر على ارتفاع الاسعار وذلك بسبب ازدياد الكتلة النقدية وتناقص كمية السلع المنتجة والخدمات المقدمة.‏

وقالت: كما ان ارتفاع اسعار النفط عالمياً 100 دولار للبرميل قد ساهم في ازدياد التكاليف بالاضافة الى ارتفاع اسعار اليورو وزيادة تكلفة استيراد المواد الأولية.‏

كام ان ارتفاع اسعار الاعلاف بما يعادل 30% والتي تشكل 65% من تكاليف الانتاج كان لها أثرها أيضاً, هذا بالاضافة الى سوء الاحوال الجوية وقلة المياه التي أضرت بالمحاصيل الزراعية.‏

ولفتت الغزي الى وجود درجة كبيرة من الاستيعاب لدى الاسواق المجاورة للمنتجات والسلع السورية بقوة شرائية عالية, ووجود قوة شرائية كبيرة لدى الوافدين الى القطر, هذا كله مع ازدياد الطلب على الحليب الطازج بعد ارتفاع اسعار الحليب المجفف المستورد وارتفاع اسعار الزيوت والسمون ببلد المنشأ وارتفاع اسعار القمح عالمياً, وعدم التزام حلقات ا لوساطة التجاربة بتداول الفواتير والاعلان عن الاسعار.‏

وفي ردها على سؤال الثورة حول جدية الحكومة بمعالجة هذا الموضوع قالت الغزي.‏

نحن كوزارة معنية نحاول التشدد من خلال اجهزة الرقابة وحماية المستهلك ومديريات التجارة في الداخلية في المحافظات ونتخذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين بالاضافة الى ما تطرحه صالاتنا ومؤسساتنا من تشكيلة واسعة من المواد والسلع كتدخل ايجابي لحل المشكلة.‏

وأشارت الى قيام الوزارة بالتنسيق مع مديرية الجمارك بتشديد ا لرقابة على المنافذ الحدودية لضبط عمليات التهريب وخاصة للمواد الغذائية الممنوع تصديرها والتنسيق مع وزارة الاعلام من أجل وضع لوحات اعلانية الكترونية في المحافظات لنشرات الاسعار الصادرة عن التموين.‏

المعالجة الاستباقية‏

يؤكد محمد غسان القلاع نائب رئيس غرفة تجارة دمشق ان ارتفاع الاسعار ليس موضوعاً محلياً بل هو عالمي ترافق مع عدة عوامل كارتفاع اسعار النفط والقمح والاعلاف والارز والحليب وغيره مشيراً الى ان القرارات المحلية تنعكس على الاسعار لأن السماح بتصدير أي مادة ينعكس على سعرها محلياً ووقف تصديرها يتيح زيادة العرض منها.‏

ورأى القلاع ان الحكومة تنظر بجدية الى معالجة الموضوع ولكن كان ينبغي على الوزارات المختصة بأجهزتها ودراساتها لمواقع المواد كالعلف والقمح والسكر ان تأخذ قرارها مبكرة وقبل بداية الازمة أي لا بد من ضرورة استقراء الوقائع واستدراكها فتكون المعالجة استباقية قبل وقوع الحدث و ليس بالمخالفات والضبوط والغرامات.‏

وأشار القلاع الى ان المشكلة تنشأ عندما تصبح الكتلة النقدية (القوة الشرائية) الموجودة في يد المواطن غير قادرة على الحصول على نفس الكمية من السلع وهذا يعني أن خللاًَ ما قد وقع يترجمه البعض بأنه سبب الجشع ..‏

عزوف عن الاستثمار المباشر‏

الدكتور أكرم الحوراني الاستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق يرى ان ظاهرة ارتفاع الاسعار عالمية ولكن شدتها تظهر في الدول النامية وعلى شريحة ذوي الدخل المحدود ويرجع اسباب هذه الظاهرة الى تراجع سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية بالاضافة الى ارتفاع اسعار الطاقة عالميا الذي دفع بتكاليف الانتاج الزراعي والصناعي العالمي نحو الأعلى وانعكس ذلك على فاتورة واردات الدول النامية المستهلكة للمواد الغذائية.‏

كما عزا هذه الظاهرة الى تزايد المنافسة العالمية التي أدت الى نوع من الاحتكار وتقاسم الأسواق الذي أدى الى احتكار جزئي للسوق من قبل المورد والمستورد في الدول النامية ومنها بلدنا وبذلك اصبح السوق لا تنافسياً و انما مشوهاً وقريباً من ظروف الاحتكار .‏

يضاف الى ذلك أسباب اقليمية مثل عدم الاستقرار في المنطقة وسوء في الاحوال الجوية و الهجرة التي اثرت نسبياً على الطلب.‏

ووجود عزوف عن الاعمال الاستثمارية الانتاجية المباشرة باتجاه الاعمال الاستثمارية التجارية والمضاربية والخدماتية وقطاع العقارات.‏

واعتبر د.حوراني أن تصريحات بعض اعضاء الفريق الاقتصادي أدت الى موجة مستمرة من ارتفاعات الاسعار كمحاولة لتعويض ارتفاع اسعار الطاقة المرتقب والذي لم يحدث لكنه كان في مصلحة رجال الاعمال على حساب المستهلكين.‏

ويرى الحوراني أن الحكومة حتى تنجح في معالجة هذا الوضع يجب ان تتدخل في جانب العرض وهو ما لم تقم به حتى الآن نتيجة سياساتها في اطار عملية الانتقال الى اقتصاد السوق الاجتماعي حيث انسحبت من السوق عملياً وتدخلت اشرافياَ وهذا ما لم يعط النتائج المرجوة ولم يؤمن التوازن المطلوب .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية