تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هناك ... حيث أوراق قلبي

معاً على الطريق
الأحد 17/2/2008
ديانا جبور

هنا ينام قلبي ...هنا في قاعة السفراء , في الحمراء , في غرناطة , في الأندلس فردوس آخر و ربما أخير مفقود للعرب ..

لكن القلب أفاق من غفلته , قام من سرير غيبوبته و أورق في فضاء الحفل الذي نظمته أمانة دمشق عاصمة الثقافة و صاداه الاسبان فشرعوا بوابات قاعة السفراء لأول مرة منذ خمسمئة عام .‏

يقول الروائي الشهير انطونيو غالا على لسان إحدى شخصيات روايته الوله التركي :( لا شيء يموت كلياً .. لا وجود للنسيان .. نحن مجبولون مما ننساه ظاهرياً)كلام ستلتقط جوهره بالتأكيد في أي تجربة أندلسية, فما بالك عندما يكون التجلي موسيقيا و في قاعة السفراء البهية و المهيبة بحضور وارف من دون بذخ أو اسراف للسيدة أسماء الأسد مع مضيفتها جلالة الملكة صوفيا.‏

موسيقا و عمارة , قطبان رأى فيهما ابن خلدون (ترمومتر) حضارة الامم .. في الاول كان غناء و عزف سوريان إسبانيان متزامنان متكافئان .. وازت خلاله وعد بو حسون وحدها فرقة اندلسية فاستطاع الفريقان ان يتباريا و يتفوقا على نفسيهما ما بين ضفتي الحسي و الدنيوي بقصائد ولادة و ابن زيدون و ما بين الصوفية و تأملات ابن عربي في قدرة الإنسان في وجده على الذوبان و التماهي في موضوع الحب الأكبر حب الذات الإلهية . لكنها العمارة ما شعرت بها جسيمة جاثمة على الصدر تمنع العنفوان المنضبط لوعد من أن ينعقد مع الشجن المتلون للأخوين بينيانا أجنحة للروح تحلق ليس في المطلق بل حتى ضمن فضاء المكان ,فقد يثقل عليك ما هو أبعد من شعور الامتنان لإسبان حافظوا على هذه الثروة الاسلامية , إنه شعور بالحنق و الاستغراب لمَ لم نحافظ كعرب ملكا أضعناه وأوابد هدمناها وآثاراً تعاملنا معها بهمجية حتى عندما أردنا ان نرممها والله من وراء القصد إن كنا نريد الترميم أم التدمير.‏

قصر الحمراء لم يكن ليبدو أكثر من أنقاض لولا عناية مشددة وغرفة عمليات مفتوحة مباضعها لا تتعدى في أيدي جراحي الآثار فرشاة تلوين فإن جاروا لجؤوا إلى فرشاة أسنان فهل ننتظر على الدوام الانصاف من الآخر?.‏

بمناسبة الحديث عن الانصاف المستورد أحيلكم ثانية إلى الروائي الاسباني غالا عندما أنصف في رواية ( المخطوط القرمزي ) عبد الله الصغير فرأى أنه كان التجسيد الافضل لشعب وصل إلى قدره, وإلى اللحظة التي عليه أن يغادر الجنة بعد عهود من الرفاه, أما نحن فنحمله كل إحساسنا بالحسرة على الاندلس كفردوس مفقود ونردد طوال الوقت ما وصل عنه على لسان أمه لما صفعته بقولها: ( ابك كالنساء ملكاً لم تصنه كالرجال ) مع انه كما بدا في الرواية رجلاً لكن عندما أكمل التاريخ دورته وأدار له ظهره.‏

dianajabbour@yahoo.com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية