تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هذا ماجناه بوش.. تكريس الفوضى

دراسات
الاثنين 22-12-2008م
قراءة مها محفوض محمد

لم يعرف التاريخ الحديث جريمة أبشع وأشد قسوة من تلك التي ارتكبها جورج بوش الابن بغزوه للعراق تحت ذرائع واهية،

ومن ثم زرعه الموت والدمار وتخريب معالم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية واغتيال مستقبل العراق لمئات السنين ومصادرة ثرواته وامكاناته، وفوق كل هذا إجباره على توقيع اتفاقية أمنية تبرر احتلاله وتفوضه في إكمال ما بدأه.‏

« العراق تحت الاحتلال.. تدمير الدولة وتكريس الفوضى» عنوان دراسة مهمة صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، الكتاب ندوة نقاشية لمجموعة من المفكرين والباحثين العرب والأجانب.‏

إيان دوغلاس يرى أن الولايات المتحدة اقترفت جريمة الإبادة الجماعية في العراق، ويعد الاحتلال الاميركي غير المشروع للعراق عام 2003م تكثيفاً وتتويجاً للسياسة الأميركية الثابتة في العراق وتشكل الكارثة الانسانية في العراق عنصرا مهما في هذه السياسة التي تسعى مع سبق الاصرار وراء الإبادة الجماعية للشعب العراقي، وتكمن الكذبة الكبرى في وصف الاحتلال الأميركي للعراق بكونه مجرد خطأ، ففي الواقع لم يحد الاحتلال عن أهدافه الرامية إلى تدمير العراق كشعب ودولة، لقد كان الغزو الأميركي غير المشروع للعراق ومازال كارثة إنسانية ، البعض يحاول تفسير تلك المأساة على أنها مجرد نتيجة ثانوية وهم يبررون موقفهم بغياب القصد بمراجعة القانون الدولي.‏

هذه الدراسة تكذيب لهؤلاء وهي نداء للقانونيين والمنظمات القانونية والأفراد من كل المشارب للعمل على إنهاء جريمة الإبادة الجماعية في العراق.‏

آليات تدمير الدولة والشعب:‏

في سعيها إلى تدمير العراق كدولة وكشعب اتخذت الولايات المتحدة مسارين:‏

الأول : تشويه عروبة الدولة العراقية وحزب البعث العراقي.‏

الثاني: دعم وتمويل وتنظيم الجماعات الطائفية بشكل غير مباشر وفي دستور العراق الذي تم تمريره تحت تهديد البنادق عام 2005 ، بواسطة استفتاء شرع هذا الدستور التدمير الانتقالي للعراق كدولة وشعب، ففي مواده الرئيسة وصيغته المشوشة يؤدي هذا القانون إلى:‏

- إلغاء مفهوم الجمهورية العراقية الموحدة.‏

- إلغاء مفهوم المواطنة.‏

- إلغاء مفهوم العراق كبلد عربي إسلامي.‏

أما الفصل الخامس من الكتاب فيتوقف عند مشروع الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، وقد أعد البحث المحامي/ باسيل يوسف بجك/ ولم تكن الاتفاقية الأمنية قد أقرت من قبل الحكومة العراقية والبرلمان، وها قد أقرت الآن، وتنتظر الاستفتاء الشعبي العام القادم كما يدعون.‏

يتوقف بجك عند البنود السرية في هذه الاتفاقية ويعددها كمايلي: 1- يحق للقوات الأميركية بناء معسكرات وقواعد عسكرية.‏

2- ضرورة أن تكون اتفاقية وليس معاهدة.‏

3- لايحق للحكومة العراقية ولا لدوائر القضاء العراقي محاسبة القوات الأميركية وأفرادها ويتم توسيع الحصانة حتى للشركات الأمنية والمدنية والعسكرية والإسنادية المتعاقدة مع الجيش الأميركي.‏

4- صلاحيات القوات الأميركية لاتحدد من قبل الحكومة العراقية ولايحق لها تحديد حركة هذه القوات، ولا المساحة المشغولة للمعسكرات ولا الطرق المستعملة.‏

5- يحق للقوات الأميركية ممارسة حقها في اعتقال من يهدد الأمن والسلم دون الحاجة إلى إجازة من الحكومة العراقية.‏

6- يحق للقوات الأميركية ضرب أي دولة تهدد الأمن والسلم العالمي والاقليمي العام والعراق وحكومته ودستوره أو (تغذي) الارهاب.‏

ولاتمنع هذه القوات من الانطلاق من الأراضي العراقية والاستفادة من برها وجوها ومياهها.‏

7- يجب أن يكون للحكومة الأميركية العلم والمشورة بكل العلاقات الدولية والاقليمية والمعاهدات حفاظاً على الأمن والدستور.‏

8- سيطرة القوات الأميركية على وزارة الدفاع والداخلية والاستخبارات لمدة عشر سنوات يتم خلالها التأهيل والتدريب والإعداد بحسب ماورد في المصادر المذكورة وحتى السلاح ونوعيته خاضع للموافقة والمشاورة مع القوات الأميركية.‏

9- السقف الزمني لبقاء القوات الأميركية هو طويل الأمد وغير محدد وقراره يعود إلى ظروف العراق.‏

ويخلص الباحثون إلى القول: لقد أضحى الوضع في العراق اليوم كارثة بحد ذاتها بكل ما تحمله هذه الكلمة من أبعاد ودلالات ، كارثة يدفع ثمنها العراق وشعبه ومستقبله وكارثة يدفع ثمنها المحيط الاقليمي للعراق، والوضع العربي وأميركا في أبنائها ومالها ونفوذها الذي أصابه الوهن والتراجع. والدروس المستنبطة من ذلك هي حزمة الحقائق التي لايمكن إغفالها، فلم يشهد التاريخ أن حقق الاستعمار مهما كانت صيغه، وأشكاله نجاحاً دائماً، بل إن نهايته وإن تباينت أشكالها وتفاوتت مواقيتها محكومة بالزوال.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية