تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نقل غوانتانامو ...لا إغلاقه!

هيرالدتريبيون
ترجمة
الاثنين 22-12-2008م
ترجمة كندة ديب

أقسم أوباما خلال الحملة الانتخابية على إغلاق غوانتانامو وبشكل كامل إذا تمكن من الفوز بالمنصب الرئاسي وباقتراب تسلمه منصب الرئاسة بدأ الجميع يتساءلون

عن كيفية ومتى سيتمكن أوباما من الوفاء بوعده وبدأالبعض يحث أوباما على فعل ذلك عن طريق إعطاء أمر تنفيذي في يوم عمله الأول كرئيس للولايات المتحدة الاميركية بيد أن إعطاء الأمر بتنفيذ ذلك لايتعدى كونه خطوة أولى للوفاء بالعهد فقد مر حوالي السبع سنوات على وجود أول السجناء الذين احتجزتهم أميركا في ذلك المعتقل وإنهاء الأمر سيتطلب أكثر من شطبة قلم لأن ذلك يجب أن يتبع بتغيير شامل للسياسة وسيكون من الممكن جداً للإدارة الاميركية تحقيق ذلك خلال عامها الأول إلا أن كيفية التنفيذ ستكون بأهمية متى سيتم تحقيق ذلك؟ وقد تعلمنا على مدى السبع سنوات المنصرمة بأن معتقل غوانتانامو أصبح رمزاً للظلم ورمزاً لاستعداد أميركا على وضع كل القيم الاخلاقية والانسانية جانبا، لكن إذا تم إغلاق المعتقل واستمرت السياسة الاميركية بمتابعة ذات النهج لن يغلق غوانتانامو بل سينقل بكل بساطة إلى مكان آخر.‏

إن إغلاق المعتقل يتطلب وضع خطة جيدة لمناقشة ماالذي سيحل بالمعتقلين بعد إطلاق سراحهم فقد تم احتجاز حوالي 800 سجين منذ عام 2002 وأطلق سراح 520 سجيناً منهم لعدم توافر أي أدلة تدينهم وبقي حوالي 255 سجيناً بعض منهم غير مشتبه به ولامدان والبعض الآخر يشتبه بارتكابهم جرائم في بعض دول العالم الثالث والبعض الآخر مشتبه بارتكابهم جرائم في حق الولايات المتحدة الاميركية وهذا يعني أنه قد بات من الضروري إطلاق سراح قسم من المعتقلين لعدم توافر أي أدلة جرمية أو لعدم وجود أدلة كافية لأن الولايات المتحدة الأميركية لن تكون قادرة وبكل بساطة على الاستمرار باحتجاز مجموعة من المعتقلين لمجرد الاعتقاد أو الظن من أن هؤلاء قد يشكلون خطراً حقيقياً على أمن أميركا إذا تم إطلاق سراحهم إذ إن ثمن الاستمرار بمثل هذه السياسة سيكون باهظاً لأن اعتقال أميركا لبعض السجناء في غوانتانامو دون وجود أدلة كافية على إدانتهم ودون وجود أي أدلة في بعض الحالات قد أضر بمصالح أميركا من جهة وألهب الارهابيين من جهة أخرى.‏

وهذا يعني أن تحقيق ذلك لايمكن أن يتم دون اللجوء إلى مساعدة حلفاء أميركا و يتوجب على أميركا بالمقابل أن تبدي استعداداً كاملاً لإيواء بعض سجناء غوانتانامو لأن الرئيس الاميركي السابق قام على مدى السبع سنوات المنصرمة بتعزيز فكرة مفادها أن المعتقلين أكثر المجرمين خطورة لارتكابهم أسوأ الجرائم وقد جعل ذلك الحلفاء متخوفين من فكرة توطين بعض السجناء لذلك، فإن قبول أميركا بتوطين عدد قليل من هؤلاء سيكون بمثابة رسالة مشجعة للحلفاء للحذو حذو أميركا.‏

على أميركا تحويل السجناء المشتبه بارتكابهم في بلادهم أو في بعض بلدان دول العالم الثالث لمقاضاتهم بما يتناسب ويتفق مع معايير المحكمة الدولية ويجب مساعدة دول العالم الثالث في حل قضاياها عن طريق تزويدها بالمعلومات والأدلة والتحقيقات والإفادات اللازمة لتتمكن من مقاضاتهم كما يتوجب على أميركا نقل كل السجناء المشتبه بقيامهم أو اشتراكهم بعمليات وجرائم ضد الولايات المتحدة الاميركية إلى الأراضي الاميركية لتتم محاكمتهم بالمحاكم العسكرية والفيدرالية.‏

ويقول بعض أساتذة القانون إن حل أحجية غوانتانامو يكمن في خلق وإنشاء نظام بديل لاعتقال ومحاكمة المشتبه بتورطهم بعمليات إرهابية وعن طريق استبدال النموذج الغوانتانمي الذي لجأ لاعتقال السجناء دون الخضوع للقضاء أو المحكمة العسكرية وذلك عن طريق تخصيص محكمة مختصة بمعالجة قضايا الارهاب.‏

بيد أن هذا الحل قد يعرض الرئيس الجديد لمواجهة العديد من التحديات القانونية لكن الأنظمة الجديدة لم تثبت حتى الآن جدارتها ويشير الكثير من المدعين الفيدراليين والقضاة إلى أن نظام تحقيق العدالة الجنائي الفيدرالي قد أثبت قدرته على التكيف في معالجة التحديات الناجمة عن الكثير من القضايا الإرهابية المعقدة ورغم أن النظام الفيدرالي لايتصف بالكمال ورغم أن بعض القضايا الارهابية قد أجهدت المحكمة الفيدرالية إلا أن القضاة الذين يملكون الخبرة اللازمة والمحاكم الخبيرة بمعالجة هذه القضايا تمكنت من معالجة هذه التحديات بطريقة مرضية وهكذا فإن تحقيق الموازنة مابين الحاجة لحماية الأمن القومي وتحقيق محاكمة عادلة للمتهمين وخلاصة القول: إن معتقل غوانتانامو تحول إلى مصيدة ليس فقط للمعتقلين والمحتجزين هناك بل للسلطة الاميركية وقيادتها لكن أميركا لاتزال تحتفظ بمفاتيح المصيدة ولا تزال قادرة على فتح كل الأبواب فهل سيحسن أوباما استخدام المفاتيح...؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية