تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أبو محمود.. إنما القادم أحلى

الجولان في القلب
الاثنين 22-12-2008م
حسين صقر

في منزله الكائن في السيدة زينب وعلى الشرفة الموازية لحديقة صغيرة تتسع لعدة شجيرات أراد من خلالها نقل طبيعة قريته سكوفيا المحتلة في الجولان إليها جلس الحاج

أبو محمود محمد الأسعد مستذكراً ذلك اليوم الذي أخرجته فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي مكرهاً بعد أن دمّرت مسقط رأسه وقتلت أولاده الثلاثة على مرأى من ناظريه دون أن يستطيع فعل شيء إلا حمل بعض الحاجيات الشخصية والذكريات والمكوث في منزل أحد أقاربه الذي دمرته تلك القوات لاحقاً والنزوح فيما بعد إلى دمشق التي فتحت ذراعيها متسعة لهموم القادمين من الهضبة الجريحة.‏

أبو محمود ابن الخامسة والثمانين من عمره لا يزال مكتنزاً الحب والشوق إلى قريته سكوفيا في الجزء المحتل متمنياً أن يطول به العمر ليراها محررة يعتمرها الفرح والهدوء يشم رائحة ترابها وبلحها ووردها الجوري ويدفن في أرضها لينام قرير العين هادئ البال والروح.‏

متمنياً أن يطول به العمر ليرى الاحتلال الغاصب وقد جر أذيال الخيبة والهزيمة خارجاً من أرض زرع فيها الحقد والجريمة والاسلاك الشائكة والألغام واستقدم المستوطنين من كافة الأصقاع محاولاً تغيير التاريخ والجغرافيا ومتناسياً أن الأسماء التي يطلقها على الأماكن لا تصبغ الواقع بألوان جديدة وأن طبيعة الأبنية وأشكالها وساكنيها عاجزة عن محو الأصالة والمروءة.. فالتاريخ مرتبط بعاداتهم وتقاليدهم وكرمهم، والجغرافيا تضرب جذورها عميقاً في تاريخهم فهنا كانوا يزرعون قمحهم وزيتونهم ومن ذلك النبع كانوا يروون زرعهم ويغسلون تعب النهار..‏

نظر أبو محمود إلى الأفق البعيد وأودع آماله في الغد... عله يحمل إليه البشرى.. فعقيدته قوية وإيمانه متجذر بعقيدته فالمستقبل بالنسبة له أفضل ولن يرى سوى النصف المملوء من الكأس طيلة حياته.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية