|
الجولان في القلب
الصيف في القرى الجولانية ينتهي قبل موعده والصباح صاف، هدوء يكسره ضجيج في شوارع مجدل شمس بعض التجمعات القليلة إلى حين الوصول إلى مركزها، ساحة اسفلتية واسعة يتوسطها نصب تذكاري لقائد الثورة السورية ضد الانتداب الفرنسي سلطان باشا الاطرش تمثال يعيد الوطنيين إلى امجاد الماضي وعلامة انتصار . التمثال رمز اعتزاز للسكان من حوله محال تجارية وتجمعات لقهوة صباحية، التمثال ثوري يرفع فيه سلطان باشا الاطرش سيفه عاليا ومن حوله مقاومون يحفظون من ورائهم اطفالا صغارا هم الجيل القادم من الجولانيين .. قضايا الجولان كثيرة، يتجلى جزء منها في مجدل شمس، الاحتلال هو نفسه في الضفة الغربية وفلسطين، الاساليب القمعية هي نفسها .. وإذا كان جدار الفصل يحد من سير الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة فإن حقول الالغام تحد من ابناء الجولان الساكنين على الارض المحتلة من التوسع ولايخلو الامر من بيوت صارت ساحتها حقول ألغام تعيش تهديدا جاثما على الصدور، الألغام مزروعة تحت شبابيك البيوت هذه الحقول هي نهج صهيوني متبع وإذا كانت النبته حياة تنغرس في الارض وتكبر وتثمر خيرا، فإن الالغام دمار ينغرس هو ايضا ويكبر وينبت دما، هذه هي السياسة الصهيونية المتبعة في كل مكان وطئت فيه قدم الاحتلال في الجليل والجولان والجنوب اللبناني، هي في ظنهم وسيلة لتعزيز الهيمنه، ووسيلة لايتركها الاسرائيليون، فقد زرعت (اسرائيل ) مايقارب 76 حقل الغام في جولاننا الحبيب .. عندما يأتي الشتاء تنجرف بعض تلك الاجسام القابلة للانفجار الى مقربة من البيوت . تشير المعطيات المأساوية إلى استشهاد العديد من أبناء الجولان المحتل وجرح العشرات منذ الاحتلال عام 1967 وحتى الآن . الناس هناك كرماء طيبون .. مناضلون يفدون وطنهم الام سورية بكل ما يملكون، الحالة الاحتلالية للجولان انتجت حركة اسيرة .. سجن اكثر من 700 سوري على مدار السنوات الماضية، وهناك اكثر من 20 اسيرا في السجون الاسرائيلية غالبيتهم يقضون احكاما تتراوح بين عشرين واربعين عاما بتهم مقاومة الاحتلال، يعيش الجولانيون في ظل شروط جائرة اكثر من 40 عاما من الاحتلال اوجدت مئات قصص الشتات والحنين الى الاهل والارض والوطن الام .. أساليب مبتكرة يتعامل بها الاحتلال الصهيوني مع الاهل في الجولان .. وجيل عالق بين حنين للوطن الام واحتلال غاصب يجثم على كل شيء يدب فوق الارض . معاناة بلغت اكثر من اربعين عاما حملت آلاف القصص .. صارت مسلسلا حياتيا لم ينته بعد .. من تريد ان تتزوج من ابناء وطنها الام سورية تستطيع مغادرة الجولان شريطة التوقيع على وثيقة صهيونية تتنازل فيها عن حقها في العودة إلى اهلها وارضها في الجولان .. إن الاحتلال يريد من هذه العروس رحلة أبدية في اتجاه واحد .. المكان الذي يلتقي منه الاهل على الجانبين في الجولان وادي الصحيات سيظل شاهدا حيا على الاحتلال الصهيوني، سيظل هذا الوادي يحكي قصص عائلات لم تلتق منذ عشرات السنين . الشمس تلقي بظلالها على الجولان وتختفي من وراء كروم التفاح ،الجولان منطقة شهية لا تستطيع اي قوة احتلالية طمس معالمه، فلا توجد شعوب وحضارات اختفت بفعل الاحتلال، الشعوب الواقعة تحت الاحتلال منصورة .. فالقنيطرة التي تحررت مع قرى عديدة اثناء حرب تشرين التحريرية عام 1973 هي شيء راسخ في الأذهان .. هي فسيفساء ثقافية على الرغم من ان قوات الاحتلال قد دمرتها لكن الاصرار على انهاء الاحتلال اعاد لها الحياة على الرغم من عدم بنائها لاننا نريد لها أن تكون شاهدا على جرائم الاحتلال الصهيوني .. شاهد يروي كيف يتعامل العدو الصهيوني ليس فقط مع الانسان انما مع الحجر الذي يروي بطولات وانتصارات اهل الجولان على هذا العدو، الامر الذي دفع بهذا العدو إلى تدمير كل شيء قبل أن يرحل الى غير رجعة . |
|