|
شؤون سياسية التي خلقها ذلك الحراك والتي لا تزال تضرب الكيان الصهيوني بكافة مستوياته وأشكاله والتي تترجم بشكل يومي رعبا وخوفا من القادم من الأيام، الأمر الذي جعل المسؤولين الإسرائيليين يتواترون وبشكل مكثف على جملة من التحذيرات التي تقاطعت جميعها عند الخوف من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.. الحراك الشعبي الفلسطيني الذي دفع بإسرائيل إلى دق ناقوس الخطر تجلى و ظهر بشكل واضح من خلال أمرين اثنين - الأول هو ذلك التلاحم الكبير الذي أبداه الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وفصائله وألوانه ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، خاصة وان إسرائيل كانت تعتقد وتظن أن الخلافات السياسية والسلطوية والانقسامات الحادة التي تفتك بالجسد الفلسطيني ستؤثر سلبا على ردود فعل الشارع الفلسطيني المنقسم الذي اظهر تلاحما ملفتا رفضا للعدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر وصل إلى حدود مطالبة المواطن الفلسطيني في مختلف الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة وأراضي الـ 48 وكذلك فلسطينو الخارج .. مطالبته طرفي الخلاف والانقسام ( فتح وحماس ) بترك الخلافات جانبا و العودة إلى أحضان الوطن الفلسطيني الذي لم يكن يوما إلا سببا لتوحدهم وتجمعهم تحت رايته حتى تحريره من الاحتلال الإسرائيلي . أما الأمر الثاني الذي اظهر توافقا نوعيا في الشارع الفلسطيني رغم الاختلافات والانقسامات السياسية هو الانجاز الكبير الذي حققه الشعب الفلسطيني في الأمم المتحدة والذي تمثل بحصول فلسطين على صفة عضو مراقب بالأمم المتحدة، ولعل تلاحم الشعب الفلسطيني في الأمر الأول وتوافقه على الثاني هو الذي شكل بالمقابل عاملا ضاغطا على مختلف أطراف الخلاف الفلسطيني وتحديدا طرفي الخلاف الأساسيين فتح وحماس للمضي قدما في ملف المصالحة الوطنية الذي لا يزال يراوح مكانه منذ سنوات نتيجة تمسك الطرفين بمطالبهم السياسية والسلطوية المحضة التي تسببت إلى حد كبير بتراجع القضية الفلسطينية إلى الوراء والتي كانت ولازالت تشكل من فترة إلى أخرى الأرضية والقاعدة المناسبة للاحتلال الإسرائيلي للانقضاض على الشعب الفلسطيني سواء بشن الحروب على الفلسطينيين في قطاع غزة أو عبر تكثيف ممارساته الاحتلالية والاستيطانية والإرهابية ضدهم في أنحاء الضفة الغربية وخارجها . لكن ورغم أن الحدثين السابقين كانا بمثابة الصدمة التي أنعشت الجسم الفلسطيني بعموميته إلا أن الحراك الفلسطيني الذي بدأ بالتفجر خلال الأسابيع القليلة الماضية لم يكن إلا نتيجة طبيعية لتراكمات السياسات الاحتلالية بمختلف أشكالها على مدار السنوات الماضية والتي كان لابد لها أن تفضي في نهاية المطاف الى حراك شعبي عارم قد يتحول الى انتفاضة فلسطينية ثالثة يمكن أن تغير مجرى الأحداث والوقائع على الأرض . ولعل ابرز ارتدادات الحراك الشعبي الفلسطيني تلك التي ظهرت في العمق الإسرائيلي من خلال تصريحات العديد من المسؤولين الإسرائيليين الذين تواتروا على التحذير من اندلاع انتفاضة ثالثة حتى إن بعضهم ذهب ابعد من ذلك عندما قال ( لم نعد على شفا انتفاضة ثالثة، بل إنها قائمة بالفعل) . وفي سياق التصريحات الإسرائيلية المتلاحقة التي تحذر من اندلاع انتفاضة ثالثة فقد قال يعقوب بيري احد الرؤساء السابقين لجهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية : إن إسرائيل تواجه شبح انتفاضة فلسطينية جديدة بسبب الإحباط من الجمود في صنع السلام ، مضيفا أن على إسرائيل أن تفعل كل شيء للعودة إلى مائدة التفاوض وإيجاد تسوية، كاشفا عن زيادة الحراك الشعبي الرافض للاحتلال الإسرائيلي في أنحاء الضفة الغربية المحتلة خلال الأسابيع الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى إطلاق تحذيرات من انتفاضة محتملة بعد سنوات من الهدوء النسبي. بدوره وقبل ذلك بيومين قال احد القادة العسكريين رفيعي المستوى في وزارة الحرب الإسرائيلية : إن انتفاضة فلسطينية ثالثة انطلقت بالفعل في الضفة الغربية، مشيرا إلى أن إسرائيل لم تعد على شفا انتفاضة ثالثة، إنها قائمة بالفعل و نتوقع الكثير من الاشتباكات من الآن فصاعدا . وكانت صحيفة (يديعوت أحرونوت ) الإسرائيلية قد قالت أيضا في وقت سابق من الأسبوع الماضي إن الضفة الغربية تجتاحها موجة من الاضطرابات والاحتجاجات المتنامية على سياسات الاحتلال، مضيفة أن جيش الاحتلال يقوم بالتدريب للتعامل مع تلك التوترات المتزايدة بالضفة الغربية والتي تعتبر نتيجة طبيعية للعدوان على قطاع غزة ورفع وضع فلسطين بالأمم المتحدة إلى دولة مراقب غير عضو . من جهتها قالت صحيفة (معاريف ) : إن مسؤولين في جهاز الأمن في إسرائيل يخشون أن تكون حادثة المواجهة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية في الخليل الأسبوع الماضي مؤشرا سيئا على تصعيد مستقبلي، مضيفة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد للمواجهة منذ الآن، واعتبرت الصحيفة أن سنوات الهدوء شبه المطلق قد وصلت منذ الآن إلى نهايتها. |
|