تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأمل الإعلاني ..

على الملأ
الاثنين31-7-2017
علي محمود جديد

تأخذ الإعلانات التجارية، والكثير من الرسمية، موضع المؤشّر الساخن والأكثر وضوحاً لحجم النشاط الاقتصادي والخدمي في البلاد، وإن كنّا نتحفّظ بالحديث ( منذ نحو أربع أو خمس سنوات)

عن إقبالنا على كارثة اقتصادية قادمة، فإنّ هذه الكارثة قد وقعت فعلياً وتدريجياً جراء العدوان الدولي الإرهابي الجائر على سورية وبإيقاعٍ متسارع، وقتما بدأت الإعلانات التجارية في الصحف والمجلات، وعلى الشاشات، وأثير الإذاعات، وفي الشوارع والطرقات تتراجع، وقد تناسب حجم الكارثة وخطورتها مع ازدياد التراجع الإعلاني وصولاً إلى اختفاءٍ شبه كامل للإعلانات عن تلك الوسائل، ولاسيما بعد أن تلمّست رئاسة مجلس الوزراء هذا الخطر وعبّرت عنه منذ نحو خمس سنوات بالإيعاز لمختلف الوزارات والمؤسسات والجهات العامة بعدم الإعلان عن أي منتج، أو أي شيء إلاّ بالحالات الضرورية القصوى، وقد جاء هذا الإيعاز في الواقع على أنه للتخفيف من نفقات الجهات العامة، ولكن كل من يقرأ ما بين السطور سرعان ما يدرك أن الكارثة الاقتصادية قد استفحلت، وكان هذا خطأ فادحاً ارتكبته الحكومة في ذلك الوقت، إذ ما كان ينبغي الوصول إلى فكرة اتخاذ مثل هذا القرار، الذي ساهم إلى حدٍّ كبير في زيادة إحباط الحياة الاقتصادية، ولاسيما أنّ أي شخصية اعتبارية سواء كانت قطاعاً عاماً أم قطاعاً خاصاً لا يمكن أن تُقدم على نشر أي إعلان لو لم يكن هذا الإعلان يصبُّ في مصلحتها، ثم إنّ نشر الإعلان بحدّ ذاته يساهم في تنشيط جوانب اقتصادية معينة، ويعود الريع في ذلك للدولة وللسوق معاً، فالمؤسسة العربية للإعلان ( الحكومية ) لها نسبة معينة عن كل إعلان، وهناك رسوم مالية، وإدارة محلية يعود ريعها للدولة أيضاً، وأغلب ما تبقى من قيمة الإعلان يعود ريعه للوسيلة الإعلامية الناشرة، وكانت أغلب الوسائل الصامدة في الأزمة هي الوسائل الحكومية، التي عانت كثيراً جراء الشحّ الإعلاني إن كان بفعل الأزمة أم بفعل هذا القرار، ما يعني أنّ قيمة الإعلان الذي يمكن أن تدفعها الدولة من جانب، ستعود للدولة في أغلبها من جانب آخر، مع إحداث حركة انتعاشيّة، فكان من الغريب اتخاذ مثل هذا القرار، والأغرب هو استمرار الأخذ به حتى الآن ..!‏

على كل حال.. ثمة مؤشرات واضحة اليوم إلى أنّ الحركة الإعلانية قد بدأت بالانتعاش التدريجي ولو على نطاقٍ ضيّق، حيث صرنا نرى بعض الإعلانات الطرقية وعلى لوحات الشوارع، وطبعاً فقط على صعيد القطاع الخاص، فالقطاع العام ما تزال آفاق الإعلان لديه مغلقة في أغلب الحالات، وهذا أمر لا يُخفي دلالاته بأن الوضع الاقتصادي قد بدأ يتغيّر نحو الأفضل، حتى وإن كان الإعلان التجاري - وهو الأهم - ما يزال غائباً عن الوسائل الإعلامية بشكلٍ شبه كامل، فالإعلان مبعثٌ للأمل، وكان علينا العناية به، وتحفيزه، لا إيقافه وتجميده ..!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية