تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أشكال الهزيمة

معاً على الطريق
الأثنين 31-7-2017
مصطفى المقداد

تتساقط قواعد الإرهابيين بطريقة دراماتيكية لافتة للنظر وكأنها كانت ترتبط بخيطان ألعبان يحركها باتجاهات متعددة، لكنه فقد السيطرة عليها في لحظة غير محسوبة فتبعثرت القواعد

وسقطت بؤر العدوان وانهارت أمام تقدم القوات المسلحة وقوى المقاومة على امتداد الأراضي التي توجد فيها مجموعات إرهابية عاثت فساداً وتخريباً لفترة طويلة بأوامر وتعليمات مباشرة من أجهزة الاستخبارات السعودية والقطرية والإسرائيلية والتركية وغيرها من الأجهزة الغربية حيث كانت تعمل على تجميع وانقسام مجاميع الإرهابيين وفق الحالة والاحتياج، فمرة تعلن تشكيل فصيل يتبع جبهة النصرة وتارة يتخلى عنها ليبايع تنظيم داعش الآخذ في زيادة التفنن بالتوحش، فالمحتوى واحد بينما الصورة الظاهرة والإخراج يتبدلان وفق الحاجة والتطورات الراهنة.‏

إن أكثر من ست سنوات من المواجهة مع أكبر عدوان شهدته البشرية على امتداد تاريخها الطويل أثبتت حقائق لا يمكن نكرانها، وأولى تلك الحقائق كانت الصمود الوطني الشعبي الموصوف بالأسطوري الأمر الذي مكن الجيش العربي السوري الباسل من التحرك على مختلف الجبهات بكثير من القوة مدافعاً عن حياض الوطن بعزيمة لا تعرف الضعف ولا الهوان ولا التراجع ، فالبقدر الذي كانت تتعاظم فيه الهجمة الإرهابية كانت معنويات جنودنا البواسل تزداد باضطراد يفوق التوقعات، وهو ما انعكس على الميدان انتصارات وإنجازات متتالية وصولاً إلى جرود عرسال وفليطة والبادية وغيرها، فما المستقبل الذي ينتظرنا كسوريين بعد سبع سنوات خبرنا فيها كل أشكال التوحش والعدوان على المستوى الداخلي والدولي؟ وتآمر علينا العالم الإمبريالي والرجعي بما يعكس العلاقة القذرة الجامعة للرجعية مع المستعمرين خلال فترات تاريخية متعددة، والعلاقة المتأصلة للرجعيات والمشيخات الخليجية مع المشروع الصهيوني منذ ما قبل احتلاله لأرض فلسطين؟‏

يخطط المعتدون وأصحاب المشروع الاستعماري لإدخال المنطقة كلها، وخاصة سورية في مرحلة الضعف والتجزئة والتقسيم خدمة للمشروع الصهيوني، فيما الرد والمواجهة والصمود كانت أسلوب محاربة ذلك المشروع وإسقاطه والانتصار عليه والحفاظ على السيادة الوطنية، وبذلك تأتي الانتصارات والإنجازات العسكرية على الأرض مقدمات للنصر الكبير وتحديد مسارات الحلول السياسية كميدان للمواجهة الناعمة وبأساليب هادئة وبعيدة عن السلاح، فتسقط معادلات وترتفع غيرها لتبقى حقيقة الصمود ثابتة لا تتغير، فما لم يحققه المعتدون بأساليبهم العدوانية والمواجهات والحروب، لا يمكن أن يحققوه في السياسة والدبلوماسية، الأمر الذي يدركه المعتدون فيعيدون تكرار تجاربهم الإرهابية على الأرض تفجيراً وقتلاً وتدميراً واغتيالاً وتخريباً للمنشآت والبنى التحتية، لكنهم يحصدون الخسارة والخيبات مرة تلو أخرى، ويواجهون الحقيقة الثانية بأنهم غير قادرين على التمسك في المناطق التي تسللوا إليها وأنهم مهزومون في نهاية كل مواجهة لا محالة.‏

وهكذا تظهر معادلة التضاد والتناحر محتومة النتيجة، طرفها الأول يحقق الصمود والانتصار، وهو سورية الدولة الوطنية كلها، وبذلك تمهد لانتصارات لاحقة على امتداد المنطقة العربية كلها، وطرفها الثاني نهايته الخسارة والهزيمة والاستئصال من الوجود كلياً، لأن انتصار سورية يقتضي بالضرورة الإجهاز على الإرهاب واستئصال جذوره الفكرية والتنظيمية وتعطيل دور من سانده ليس في المنطقة العربية وحدها، ولكن في العالم كله.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية