تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من وراء جُدر

ضــوء ســـاطع
الخميس 14-1-2010م
عدنان علي

تتكالب الجدران على غزة ومن حولها .. جدار يفصلها عن فلسطين المحتلة وآخر فولاذي يجري تثبيته اليوم تحت الارض كي يفصلها عن سيناء .. وثالث قررت اسرائيل تشييده الى الجنوب من القطاع يفصل فلسطين عن سيناء .

ليست غزة ذاك المكان الفسيح الذي لا يعبأ بالجدران .. انها بضع عشرات من الكيلومترات لا تكاد تتسع لمليون ونصف المليون انسان يكتظون بين « جدرانها» ليغدو البحر هو المتنفس الوحيد الذي لا يخاف غزة ولا يحتمي منها بجدار.‏

يقول القرآن الكريم في وصفه لليهود قبل أكثر من 1400 عام « لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر .. « ( سورة الحشر) وكأن هذا الوصف لم يفارق هؤلاء القوم الذين زرعوا ثقافة الجدران العالية في المنطقة مثل أي لص يحبس نفسه في زنزانة كي يحتمي من ضحيته، لكنه يظل خائفاً منها مهما تحسب واحتاط ، لأن صوت الضحية، أو حتى أناته وعذاباته تثير الرعب في قلبه المرتجف.‏

اسرائيل لن تحصل على الامن عبر الجدران مهما تعالت بها أو زودتها بالمعدات التقنية الحديثة، وصوت الضحية سيظل يلاحقها ما دام الاسلوب الوحيد الذي تتعامل به مع العرب هو المزيد من التعنت والغطرسة كلما جنحوا للسلم، وارتضوا بقرارات الشرعية الدولية فيصلاً لإنهاء الصراع في المنطقة.‏

هذه الغطرسة الاسرائيلية لم تعد تقتصر على الفلسطينيين والعرب، وها هي تمارسها بكل صفاقة مع دولة اقليمية كبيرة مثل تركيا.. فتستدعي سفيرها وتتعامل معه بشكل فظ يفتقر لحد أدنى من اللياقة الدبلوماسية في تجسيد حي لسلوك الدولة المارقة التي لا تقيم وزناً لأي قواعد سياسية وقانونية دولية. ومارست هذه الغطرسة قبل ذلك مع دول اوروبية يضرب بها المثل في الحياد والنزاهة مثل السويد والنرويج لأن شيئاً ما لم يعجبها في سلوك هذه الدول أو أحد مواطنيها.‏

لقد ضاق العالم ذرعا باسرائيل ومسالكها المناهضة للسلام، وباتت الحاجة ماسة وحقيقية لتحرك سياسي فاعل يكون العرب رأس حربته لتحجيم اسرائيل واخضاعها للقوانين الدولية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية