|
الدراسات بين هذه الدول ما زاد من حذر وخوف ساكني هذا الكوكب الجميل وأثقل كاهلهم قلقا وفزعا من أن تطول أيدي أولئك العتاة الظلمة تلك الأسلحة الفتاكة ذات التدمير الشامل ليستخدموها ضد الشعوب المستضعفة. كتاب أسلحة الدمار الشامل الصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية في دمشق الذي أعده الباحث المهندس حسن طيفور عكرمة يتحدث عن ماهية هذا السلاح وامكانية استخداماته ويسلط الضوء على مدى خطورة هذه الأسلحة وشرورها يتوزع الكتاب عبر 375 صفحة من القطع الكبير على مقدمة وخاتمة وتسعة فصول فضلا عن الملاحق الخاصة بمعجم المصطلحات والهيئات الدولية والمنظمات الدولية. يبدأ الباحث بالاشارة الى النزاعات والحروب منذ الأزل والأسلحة المختلفة التي استخدمت خلالها بدءاً من السيوف والرماح وانتهاء بالطائرات والمدافع ثم اختراع الانسان الأسلحة الفتاكة، فكانت أولا الأسلحة الجرثومية والكيميائية وأخيرا النووية التي استخدمت مرة واحدة ضد اليابان وكانت نتائجها كارثية كما يعرف القاصي والداني. ويرى المؤلف أن انتشار أسلحة الدمار الشامل والترسانات النووية والكيميائية والأسلحة البيولوجية هو التحدي الأكبر من وجهة نظر السياسيين والمخططين العسكريين والخبراء الذي يواجه السياسات الدولية في القرن الحادي والعشرين، وخصوصا أن هناك توقعات بحصول العديد من البلدان عدى هذه الأسلحة خلال السنوات القادمة. ويشير الباحث إلى أن الاحصائيات الصادرة عن معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام تدل على أنه في عام 1990 أنفق ما يتراوح بين 20-60 مليارا على أبحاث تطوير أسلحة الدمار الشامل وبلغت نسبة ما أنفقه أميركا والاتحاد السوفييتي السابق 85٪ من هذا المبلغ، ويؤكد المؤلف أن الاستراتيجيات الموضوعة لمنع انتشار الأسلحة النووية تشمل الأسلوب غير المباشر لتحسين الأمن الدولي وهو احجام الدول المصنعة عن حيازة المزيد من هذه الأسلحة اضافة إلى الأساليب المباشرة مثل وضع ضوابط التصدير وعراقيل الانتاج وزيادة الكلفة وتقييد الحصول على المعلومات. وفي ثنايا صفحاته يؤكد الباحث أن السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة بشأن أسلحة الدمار الشامل تثير الحيرة والتساؤل ذلك أنها أعلنت الحرب على العراق وغزته ودمرت مؤسساته بحجة امتلاكه لأسلحة دمار شامل وتمارس ضغوطها على كوريا الديمقراطية وايران بسبب ملفهما النووي بينما تغض الطرف بل وتتعامى تماما عن الكيان الاسرائيلي الذي يمتلك أكثر من 200 رأس وقنبلة نووية فضلا عن أنها هي الدولة الأولى في العالم التي تملك أكبر كمية من هذه الأسلحة الفتاكة وهي الوحيدة التي استخدمتها عبر التاريخ. والمفارقة الثانية التي يسوقها الباحث في السياسة الأميركية هي تقويضها لكل الجهود الدولية والاقليمية التي تبذل من خلال الأمم المتحدة وغيرها لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، فهل تجهل واشنطن حقيقة الترسانة النووية الاسرائيلية؟ وهل يخفى عليها ما ترتكبه اسرائيل من مخالفات وانتهاك للقوانين الدولية الخاصة بالتسلح النووية أم أنها تتجاهل ذلك عن عمد لتبقي على احتكار اسرائيل له لتهدد به دول المنطقة التي لم تعد أي منها في منأى عنها في ظل تطويرها لمنظومة صواريخها البالستية. باختصار الكتاب سد فراغا في جدار مكتبتنا العربية من خلال تسليطه الضوء على هذا الموضوع الهام وشرح بالتفصيل السياسات الدولية التي تمارس الازدواجية في تعاملها معه فكان بحق وثيقة هامة نحتاج قراءتها. |
|