تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


دعــــــم الإنتــــــاج الزراعي بيــــــــن ورديــــــــــة الفكـــــــــــرة وضبابيـــــــــــة الــتنفيــــــــــذ!!

مكتب طرطوس
تحقيقات
الخميس 14-1-2010م
دعم الإنتاج الزراعي كفكرة هي محاولة لتقليل خسارة المزارعين بسبب تحرير أسعار الأسمدة وارتفاع أسعار بعض أنواعها بنسبة 300٪ وليست لتغطية أي جانب من جوانب كلفة هذا الإنتاج،

و لكن هذا لا يمنعنا من الإشارة إلى مسألة تبدو هامة جداً و هي أنه لا يستفيد من الدعم إلا من يثبت ملكيته للأرض التي يزرعها أو يقيم عليها زراعته المحمية، و يمكننا القول إن أكثر من 50٪ من الفلاحين لا يستطيعون فعل ذلك و بالتالي هم خارج حسابات الدعم.‏

لا نعرف على وجه التحديد أيهما الأفضل من وجهة نظر المعنيين في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وجود منتج يعمل في الزراعة دون ترخيص لا يأتي إلا فوق متاعب روتينية قاتلة أم تحول هذا المنتج إلى عاطل عن العمل أو عامل زراعي خارج حسابات الاهتمام الرسمي؟‏

لا نروج لحالة خاطئة ولكن بدل أن يضطر كل مزارع للذهاب إلى مديرية الزراعة في طرطوس من أجل ترخيص بيوته البلاستيكية (هذا إن استطاع ذلك)،‏

لماذا لا يتم ذلك في الوحدات الإرشادية القريبة منهم ولماذا لا يكون الترخيص على أساس الهياكل المعدنية بالنسبة للبيوت البلاستيكية أو على أساس الحيازة بشهادة هذه الوحدة الإرشادية أو المختار أو أي سلطة محلية.‏

ولأن القسم الأكبر من مزارعي طرطوس تحول إلى الزراعة المحمية بسبب ضيق المساحات الزراعية فإننا نرى أن ترخيص البيوت البلاستيكية ضروري ومطلوب ليس من أجل الدعم المقرر من صندوق دعم الإنتاج الزراعي وإنما من أجل تطبيق خطة زراعية مدروسة تضمن تنوع الإنتاج وتمتلك الحد الأدنى من مقومات حماية الإنتاج من فوضى السوق واضطرابه، و بالوقت ذاته تتكون بين أيدينا المقومات اللازمة لوضع خطة معينة نصل في نهايتها إلى معرفة مايستلزمه الإنتاج الزراعي من بذور وأدوية و عبوات وما يجب علينا فعله في مجال تصريفه أو تصنيعه.‏

الثورة التقت عدداً كبيراً من المزارعين أثناء الفيضانات التي غمرت مساحات واسعة من سهل عكار و خربت أكثر من (12) ألف بيت بلاستيكي والقسم الأكبر من هؤلاء المزارعين تمنوا لو أن هناك تأميناً على زراعتهم المحمية ضد الكوارث الطبيعية كحد أدنى، مؤكدين أنه في مثل هذه الكوارث الطبيعية لامجال للاحتيال من أجل الحصول على مبالغ تعويض أكبر مما هو مستحق من الجهة صاحبة التأمين لأن كل شيء واضح ولجان مديرية الزراعة أو الجهة المؤمنة بإمكانها تقدير نسبة الضرر و تقدير المبالغ التي يتوجب على مؤسسات التأمين دفعها.‏

نستغرب لماذا تكون النظرة للفلاح في مثل هذه الحالات مجبولة بسوء النية، وأن هناك من يتعمد إضرار محصوله من أجل الحصول على مبلغ التأمين و الذي قد لا يشكل إلا جزءاً مما ينتجه محصوله ولهذا رأينا ضرورة حصر التأمين بالكوارث الطبيعية، ومع هذا لم تقدم أي جهة رسمية على مثل هذا الإجراء مع أنه يوفر مبالغ كبيرة جداً للجهة المؤمنة بسبب كثرة عدد البيوت البلاستيكية (حوالي 150 ألف بيت بلاستيكي في طرطوس) ويدخل الطمأنينة إلى قلوب المزارعين.‏

كما استغرب عدد كبير من المزارعين وجود وزارة الزراعة و الإصلاح الزراعي، خارج التغطية في موضوع مستلزمات الإنتاج الزراعي حيث إن القسم الأكبر من الأدوية والبذور و الآلات الصغيرة (مضخات- مرشات) بيد القطاع الخاص الذي يسرح و يمرح كما يحلو له دون حسيب أو رقيب، و اللافت هنا هو أن هذه الأدوية و البذور غالباً ما يكون عليها خاتم وزارة الزراعة، و الذي يشير إلى أنها استوردت بمعرفتها ولكن يبدو أن هذه الوزارة نسيت أو تناست أن تضع التسعيرة عليها ما جعل الفارق بين سعر منتج واحد كبيراً من مكان لاخر، ناهيك عن استغلال أصحاب الصيدليات الزراعية و مراكز بيع البذور والأدوية للفلاحين الذين يشترون هذه المستلزمات بالدين (على الموسم).‏

مسألة أخرى تمنى الاخوة المزارعون أن نشير إليها و هي: ما دمنا ننتج فائضاً عن حاجة السوق المحلية من الخضار الباكورية لماذا يسمح بتدفق الإنتاج الزراعي وخاصة البندورة من الأردن الشقيق إلى أسواقنا ليضع المزارعين أمام أسعار بيع دون حدود التكلفة معظم الأحيان؟ وعندماقلنا لهم هناك اتفاقية بين البلدين الشقيقين تسمح بهذا التدفق بالاتجاهين دون قيود أو شروط قالوا: وهل فكروا بنا عندما وقعوا هذه الاتفاقية؟‏

هذه النقطة بالذات تؤرق مزارعي البندورة المحمية في سهل عكار والتي يتزامن إنتاجهم لها مع إنتاج غور الأردن و ما أن يرتفع سعر البندورة في سورية قليلاً حتى تغرق السوق المحلية بالبندورة الأردنية !‏

كيف يرى اتحاد الفلاحين الدعم؟‏

رئيس اتحاد فلاحي طرطوس السيد لؤي سعيد محمد لخص هذا الأمر من وجهة نظره فقال: صدر المرسوم التشريعي رقم (29) تاريخ 5/5/2008 المتضمن إحداث صندوق لدى وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي يسمى صندوق دعم الإنتاج الزراعي، تحدث له فروع في المحافظات، وقد تم إحداث فرع للصندوق في طرطوس و تضمن المرسوم مادة تفيد بأن ترصد للصندوق المبالغ اللازمة لتغطية نفقات الدعم بحيث يساهم هذا الدعم في تحقيق الأمن الغذائي والكفاءة الاقتصادية للعملية الإنتاجية و تعزيز القدرة التنافسية للإنتاج الزراعي و بعد إحداث الصندوق وصلنا قرار السيد وزير الزراعة رقم (3163) تاريخ 24/6/2009 المتضمن:‏

1- دعم المحاصيل الرئيسية للمساحات المزروعة من مساحة الرخصة للموسم الزراعي 2008-2009 دعماً سعرياً للتعويض عن أثر تحرير أسعار الأسمدة لكل من تقدم بطلب استفادة وفق التعليمات الناظمة على النحو التالي :‏

- 10 آلاف ليرة سورية لكل هكتار ذرة.‏

- 6 آلاف ليرة سورية لكل هكتار بطاطا.‏

- 5 آلاف ليرة سورية لكل هكتار بندورة.‏

إلا أننا أمام هذه الأسعار المخصصة للدعم نجد أنها لا تلبي الحاجة المطلوبة لدى الاخوة الفلاحين لقاء تحرير أسعار الأسمدة وتماشياً مع الحاجة الفعلية من الأسمدة للزراعات في المحافظة كزراعة البطاطا و البندورة مع الإشارة إلى أن إنتاج المحاصيل الاستراتيجية قليل في المحافظة، و لكن هناك محاصيل رئيسية ومن كافة أنواع الزراعات من الخضار والفواكه وفي مجال الدعم نقترح :‏

1-البندورة المكشوفة (1800) ليرة للدونم كفارق في أسعار الأسمدة دون النظر لمستلزمات الإنتاج الأخرى.‏

2- البندورة المحمية :(4000) ليرة للدونم الواحد.‏

3- الحمضيات: (4000) ليرة للدونم الذي تزرع فيه 40 شجرة والفارق السعري يحتاج إلى 100 ليرة لكل شجرة.‏

4- التفاح :(3000) ليرة للدونم.‏

5- البطاطا: (3000) ليرة للدونم بدلا من (6000) للهكتار.‏

6- إدراج الأشجار المثمرة الأخرى ضمن خطة الدعم ، كذلك التبغ الذي تعتمد على زراعته بعض مناطق المحافظة و يعتبر مصدراً رئيسياً للدخل لدى عدد لا بأس به من الفلاحين و كذلك البقوليات.‏

7- الزيتون: (2000) ليرة للدونم الواحد.‏

ولكن رغم هذه المقترحات بالنسبة للدعم وزيادته لبعض المحاصيل التي صدر قرار بدعمها (والقول للسيد لؤي محمد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس) فإن هناك صعوبات كثيرة بالنسبة للفلاحين لايستطيعون الحصول على الدعم المقرر إلا إذا تم تجاوزها و في مقدمتها وثيقة إثبات الملكية المطلوبة من الفلاحين الذين يرغبون بالحصول على الدعم لأن هناك صعوبات كثيرة تعرقل عملية الحصول على هذه الوثيقة مثل:‏

-أراضي الإصلاح الزراعي التي لا يوجد فيها حتى الآن إثبات ملكية .‏

- وجود قرى غير محددة و محررة ولايمكن فيها تقديم إثبات الملكية.‏

- القسمة الانتفاعية بين المالك و الفلاح وهي غير موثقة .‏

- الملكية على الشيوع وما يترتب على الفلاح من كلفة فثبات الحيازة.‏

- وجود عقارات مسجلة باسم الأوقاف الإسلامية.‏

وإزاء هــــــــــذه الصعوبات نقترح أن يتقدم الفلاح الراغب بالحصول على الدعم ولايستطيع إثبات الملكية فتقوم لجنة مكلفة بالتحقق الميداني من المساحة المنفذة بالكشف الحسي على الواقع و التأكد من الزراعة الموجودة لإيصال الفلاح إلى حقه، فما ذنب الفلاح الذي لم يستطع تأمين وثيقة الملكية و هو بحاجة لمستلزمات الإنتاج ليقوم بالعملية الزراعية ويساهم بتحقيق الأمن الغذائي؟‏

كما نقترح الأخذ بعين الاعتبار الأسعار المرتفعة لبعض مستلزمات الإنتاج و التي لا يتم تأمينها عن طريق الجهات المعنية في الدولة كالبذور و المبيدات للزراعات المحمية و دعم مستلزمات تربية الدواجن (أعلاف- أدوية- لقاحات) و مراعاة خصوصية كل محافظة بيئياً وزيادة للتكاليف التي تسببها كارتفاع الرطوبة و اعتدال الحرارة اللذين يسببان انتشار الآفات والأمراض وهي أعباء إضافية على العملية الزراعية بالنسبة لمزارعي المحافظة.‏

وختم رئيس فلاحي طرطوس بالقول: نأمل أن يتم أخذ هذه المقترحات بعين الاعتبار من قبل الجهات المعنية و أن تكون الدراسات دقيقة وتراعي حالة الزراعة في كل محافظة و أن يبدأ تقديم الدعم للاخوة الفلاحين كي يحصلوا على استقرارهم و تستمر العملية الزراعية لتحقيق الهدف الذي صدر المرسوم من أجله و الذي كان مكرمة من مكرمات السيد الرئيس بشار الأسد.‏

ولفرع الصندوق وجهة نظره!‏

لا تزال معظم المحاصيل في الساحل السوري تعاني التقصير الواضح في آلية دعمها و غياب خطة واضحة لتسويق الإنتاج بشكل يراعي جهد و تعب معظم الفلاحين و المزارعين ومن هذه المحاصيل الحمضيات، هذا المحصول الهام بالنسبة لمعظم الأسر في الساحل و التي تعمل في هذه الزراعة و تعتمد عليها، هذا المحصول الذي يشهد زيادة مستمرة في كمية الإنتاج نتيجة العناية الكبيرة به و الاهتمام الذي يلاقيه سواء من المزارعين أو من الجهات المعنية شهد هذا العام هبوطاً شديداً في الأسعار إلى ما دون التكلفة و السؤال: إلى متى سيظل هذا المحصول وغيره من المحاصيل الرئيسية في طرطوس دون دعم حقيقي؟‏

المهندس عدنان ميا مدير فرع صندوق دعم الإنتاج الزراعي في طرطوس قال في هذا الخصوص:‏

هناك دعم المحاصيل الاستراتيجية والمحاصيل الرئيسية. وبالنسبة لمحافظة طرطوس فقد تم تقديم الدعم عام 2009 لمحصول القمح الاستراتيجي مشيراً إلى أن المحاصيل الرئيسية تدعم على الساحة المزروعة المنظمة و المخططة ويتم الحصول على الدعم بعد إجراء الكشوف اللازمة من قبل اللجان المختصة والمعتمدة من قبل السيد المحافظ وفق المبالغ المقررة من السيد وزير الزراعة، أما بالنسبة للمحاصيل الاستراتيجية فيكون الدعم وفقاً لكمية الإنتاج ويتم الحصول على الدعم أثناء تسويق الإنتاج إلى مؤسسات الدولة وسيشمل الدعم هذا العام المحاصيل الأكثر زراعة في طرطوس و هي: الزيتون- الحمضيات- التفاح- البندورة المكشوفة والمحمية- البطاطا- العدس- الحمص- الذرة، وتجدر الإشارة- والقول لمدير فرع الصندوق في طرطوس- إلى أن الصندوق قدم دعماً للمحاصيل الاستراتيجية لموسم 2٠09 منها بالنسبة للساحل السوري القمح وفق تكاليف الإنتاج الفعلية مضافاً إليها 25٪ هامش ربح (سعر التكلفة 16 ليرة لكيلو القمح وأصبح بـ 20 ليرة بعد الدعم) إضافة إلى أنه وبعد تحرير أسعار الأسمدة تم دعم المحاصيل الصيفية كالبندورة حيث منح الفلاحون دعماً سعرياً على وحدة المساحة يعادل الفرق بين الأسعار المدعومة و الأسعار المحررة للأسمدة اللازمة و قد بلغ الدعم (5000) ليرة للهكتار المزروع بندورة، وهذا المبلغ لايلبي طموحات الفلاحين و هو دون المستوى المطلوب كما أكدت الجهات المعنية كاتحاد الفلاحين ومديرية الزراعة والمزارعين أنفسهم، و يختم المهندس ميا بالتساؤل: أين الدعم السعري المقرر لتشجيع مثل هذه المحاصيل إذا كان أقل من سعر التكلفة؟‏

بقي في هذا الموضوع أن نذكر أن أسعار الأسمدة ومع إحداث صندوق دعم الإنتاج الزراعي فإن مساحات زراعية كبيرة منتشرة في طرطوس تكلف الشيء الكثير (أسمدة- محروقات - مبيدات وغيرها) والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير و من الضروري أن تدعم المحاصيل الرئيسية والزراعات الحقلية الأخرى نظراً لأهميتها و قدرتها على المنافسة سواء في الأسواق المحلية أو في الأسواق الخارجية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية