تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ساعة الغضب ليس لها عقارب

معاً على الطريق
الخميس 14-1-2010م
عبد النبي حجازي

في الجاهلية كانت القبيلة عندما يشتدّ بها القحط ترسل رائداً يبحث عن مواطن الماء والكلأ ويرشدها إليها , وكانت أهميته بأهمية حياة الناس وموارد رزقهم فقيل «الرائد لايكذب أهله»

ومع الزمن أصبحت كلمة الرواد تعني رجال العلم والفكر الذين يرودون مستقبل الأمة ويدعون إلى حياة جديدة متطورة . في أوروبا عندما انطلقت النهضة منذ القرن السابع عشر كان لها روادها , وفي وطننا العربي انطلق رواد النهضة العربية منذ منتصف القرن التاسع عشر أبرزهم: عبد الرحمن الجبرتي ورفاعة الطهطاوي من مصر وأحمد فارس الشدياق وإبراهيم اليازجي وبطرس البستاني من الشام وكانت أهم الركائز التي دعوا إليها: 1ـإدراك الواقع المرّ 2ـ استلهام الماضي 3ـ الانفتاح على العالم . وبين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كان جيل البناة وأهمهم: محمد عبده وجمال الدين الأفغاني وقاسم أمين من مصر , وعبد الرحمن الكواكبي وطاهر الجزائري من الشام ... ولانزال نحاول النهوض .‏

منذ مطالع القرن العشرين أخذت قضايانا تلتبس ويختلط بعضها في بعض , وهاهي تزداد التباساً واختلاطاً مع غمغمات المقاومين وتضحياتهم وأنات الجرحى وصيحات المستغيثين وسيلان الدماء وصَمَم (المجتمع الدولي) وعندما تحاول البحث في العمق ترى أنك واقع في دوامة هذا السؤال «أيهما أسبق: البيضة أم الدجاجة؟» وتهاجمك الأسئلة كأنك دسست عوداً في عشٍّ للزنابير (الدبابير) فهاشت عليك تلسعك بإبرها وتفرّغ سمومها فيك: هل سيطر الاستعمار الغربي على بلادنا إلا بالمكر والخداع ؟ هل غُرست إسرائيل بدعم غربي مطلق كطعنة في قلب الوطن العربي لتقوم بكل ماقامت به من أعمال وحشية منذ نشوئها حتى حربها الضارية على لبنان وتدمير غزة وحصارها ، وتهويد القدس؟ هل اتهم العرب بالإرهاب بسبب أحداث 11 أيلول 2001؟ وهل حلّ ماحلّ بالعراق من المآسي بهمجية أمريكا وجبروتها؟ .. وأُراني لست واجداً سوى إجابة واحدة هي «تمزق العرب وتشتّت آرائهم».‏

يقول أبو العلاء المعري للديك المذبوح «استضعفوك فأكلوك» وما يحزّ في النفس أن تغدو هذه الأمة ديكاً مذبوحاً بمواقعها الاستراتيجية وكثرة مافيها من خيرات وبترول .‏

إنك عندما تتبصّر ترى أنك تنتمي إلى أمة ،المسؤولون فيها يقبضون على الأنفاس في الصدور ويتحكمون بها , وعندما تتعمق بالبحث والتقصي ترى أن الخطورة هي في غياب الروح الجماعية , وترى الروح الفردية طاغية تبدأ من الأسرة بسائر أفرادها وتتركز في الأب صاحب السيطرة المطلقة , إنك تراها في اثنتين وعشرين دولة عربية وكل دولة تنفرد برأيها لاتتنازل عنه, تراها في جميع أفراد الأمة (324) مليوناً ولكل منهم رأيه الذي يراه الأفضل , وإذا توسعت أكثر تراها في مليار وربع المليار من المسلمين ولكل منهم رأيه الذي ينفرد به, تراها بشكل آخر من الخنوع كالكتابة على الجدران وكالفساد الوظيفي وكتخريب الأموال العامة وإباحة نهبها . يقول المثل: لايستطيع أحدٌ ركوب ظهرك إلا إذا كنت منحنياً»‏

anhijazi@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية