تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


و البلاغة ..لا تخفي هبوط الدولار!!

لوفيغارو
ترجمة
الأربعاء 12/12/2007
ترجمة: سهيلة حمامة

مع معدل صرف لليورو يقارب ال150 دولاراً تيقن هنري بولزون السكرتير الأميركي في خزينة الدولة ( أن ليس بوسعه إخفاء جهله لهبوط الدولار الأميركي) ولعدم توافر الافضل حاول جاهدا من خلال البلاغة أن يزيح موجة التشاؤم التي تكتسح الدولار.

وكرد فعل على قلق شركائه الأوروبيين والكنديين سارع بولزون إلى تعديل خطابه ولم يكتف كخلفائه بالتذكير آليا بأن ( الدولار القوي في مصلحة أميركا) هذه الصيغة المتداولة قبل نحو ثلاث عشرة سنة لم تثر دهشة أياً كان لذا بدا بولزون يضيف كلمات أخرى إلى خطابه مثل (اقتصادنا سيستمر بالنمو وسوف تنعكس فوائده على المدى الطويل على سوق التبادل).‏

كما يرى بولزون أن أميركا سوف تتجنب الركود الاقتصادي ويأمل أن تنتهي المكتسبات الإنتاجية الضخمة التي يرا فقها تراجع في العجز التجاري والتحكم في النفقات العامة إلى الاقتناع بأن الدولار يستحق افضل مما عليه الآن ومن الواضح أن أرقام الانتاجية والبضائع المصدرة والعجز الميزاني تدعو للاطمئنان أكثر مما لم نلسمه منذ وقت طويل.‏

الرئيس السابق لمجموعة غولدمان ساكز رأى ( أن قيمة النقد يجب أن تحدده السوق الحرة) وفي هذا القول إشارة إلى الصين المتهمة أصلا بالعمل على خفض قيمة اليوان.‏

ويتابع: ( من غير الممكن الدخول في السوق لمحاولة قلب اتجاهات هبوط الدولار باستمرار في أسواق صرف العملات) وفي كل مرة يتجنب البوح بذلك بشكل واضح ذلك أنه في حال الهبوط القوي للدولار يبرر ساكز في الغد التدخل في سوق صرف العملات وهو على دراية تامة بأن المصارف المركزية لم تعد تملك القوة الضاغطة ( الضاربة) لقلب الاتجاهات القوية باستمرار في أسواق صرف العملات, إن ضخامة تدفق رؤوس الأموال الحرة في هذه الأسواق محكوم عليها بالفشل فمنذ عام 1989 كان حجم تبادل العملات اليومي قد تضاعف أكثر من أربع مرات ليتجاوز 3000 مليار دولار وفي المقابل قد تسيء ضربات مؤقتة غير متوقعة ومنسقة بين المصارف المركزية إلى المضاربين في التجارة والبورصة وتخفف ولو مؤقتا بعض حماسهم.‏

ولم نتوصل نحن الأميركيين إلى تلك المرحلة حتى إن صندوق النقد يرى أن المستوى الحالي للدولار الذي فقد 10% هذه السنة من قيمته مقابل اليورو ولا تزال ايضا مبالغ في تقديره إن هبوط الدولار بشكل حاد ومفاجئ ينظر اليه كشرط ملائم لخفض العجز التجاري الأميركي إضافة إلى ذلك فإن قوة اليورو الناتجة عن ذلك لم تمنع حتى الآن منطقة اليورو من تعزيز الفائض التجاري.‏

إن الدولار لا يعاني من العجز الأميركي طالما أنه أي العجز يتقلص بشكل ملحوظ ولعل النهاية الشاقة لولاية بوش واستحالة فرض نظام في الكونغرس فيما يخص النفقات تلعب دورا فعليا في إضعاف الدولار والذي بدوره يثير الخوف جراء الركود الاقتصادي وإمكانية تقلص نسب المؤشرات الموجهة من الخزينة الفيدرالية.‏

وعلى العكس فإن اليورو يستفيد من الانطباع بأن البنك المركزي الأوروبي بإمكانه الانتظار قبل أن يستأنف العمل مع الفيدرالي ( الخزينة الفيدرالية) إن منطقة اليورو ليست ضعيفة كحال الولايات المتحدة الأميركية بفعل الركود الاقتصادي الفظيع للعقارات قبل نحو ست عشرة سنة وخاصة أن أميركا مهددة بتقليص فرض القروض وهي نتيجة صدمة موجهة إلى المصارف بفعل أزمة الالتزامات المرهونة في الاعتمادات المشكوك فيها.‏

وحيال خطر التضخم المرتبط بتحليق اسعار المواد الأولية تحاول الخزينة الفيدرالية اليوم ودون شك عدم اللجوء إلى خفض معدلات اسعارها ولاسيما أنه بدءا من نيسان الماضي وحتى الشهر الحالي شهدت أميركا نموا وصل إلى 40% بإيقاع سنوي وحري بنا أن نصدق تهديدات الركود الاقتصادي فحيال العلاقات الأولى لانخفاض واضح على الطلب ولتجنب تقليص تقديم الاعتمادات والأزمات المصرفية فإن للفيدرالية ليس لها خيار آخر في هذا الشتاء سوى ترويض سياساتها النقدية وفي كل الأحوال ذلك هو السيناريو لأولئك الذين يبيعون الدولار اليوم.‏

ثم إن هبوط الدولار - كما يرى بولزون- يمثل أيضا ميزة نسبية لا يمكن تقديرها بشكل جيد في أوروبا اذ يهدئ نوعا من المحاولات الحمائية للكونغرس وفي المقابل لا تكف الصادرات الأميركية النشطة بفعل انخفاض الدولار عن تحطيم الرقم القياسي بما يساعد إدارة بوش على كفاح مبادرات المشرعين الهادفة مثلا على فرض ضرائب إضافية على المنتجات الصينية فضلا عن ذلك ستتوصل أميركا بدءا من هذه اللحظة إلى جذب رؤوس الأموال التي هي بحاجة إليها على الرغم من هبوط عملتها وأخيرا يبدو أن آثار التضخم الناتج عن هبوط الدولار قد لوحظت محدوديته بشكل واضح عبر أسعار المنتجات المستوردة وفي هذه الأحوال فإن البلاغة الفاترة لدى بوش هي أشبه بالاستهتار منه إلى الاستسلام البراغماتي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية