|
عن: موندياليزاسيون في آذار 2016 قام أوباما برحلة تاريخية إلى كوبا وهي الأولى منذ زيارة كالفين كوليدج عام 1928 وكانت هذه الزيارة بمثابة رغبة رسمية للبيت الأبيض للتوصل إلى نتيجة إيجابية، وهكذا خلال سنتين أوباما سفارة في هافانا وشطب اسم كوبا عن قائمة الدول الداعمة للإرهاب وتم تخفيف العقوبات الاقتصادية، وإعادة الرحلات التجارية بين البلدين، وحصل بعض الأميركيين على استثمارات في كوبا، وقد رحب العالم بأكمله بتراجع أميركا عن سياستها العدوانية التي تعود إلى أيام الحرب الباردة والمتعارضة مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي. كيف كانت سياسة دونالد ترامب تجاه كوبا منذ استلامه الحكم عام 2017؟ وكيف كانت ردة فعله إزاء التدابير التي اتخذها أوباما؟ على نقيض ما فعله أوباما بدأ ترامب منذ استلامه الحكم بزيادة العقوبات الاقتصادية بحق كوبا من خلال مهاجمة مصادر الدخل الرئيسية الثلاثة في البلاد: التعاون الطبي الدولي، تحويل الأموال من المجتمع الكوبي الذي يعيش في الولايات المتحدة والسياحة، كذلك إدارة ترامب طبقت قانون هيلمز - بيرتون الذي يسمح بمقاضاة الشركات الأجنبية التي لها مصالح في كوبا بهدف حرمان هافانا من جميع الاستثمارات الأجنبية، وفرض ضغوط على التعاون الطبي الكوبي الذي يعتبر دعامة للسياسة الخارجية للجزيرة. فمنذ عام 1960 وإرسال أول فريق طبي إلى تشيلي في أعقاب الزلزال، جعلت كوبا من التضامن الدولي مع شعوب الجنوب دعامة لسياستها الخارجية، منذ ذاك الوقت أصبح التضامن والمنفعة المتبادلة هما المبدآن اللذان يحكمان هذا التعاون، وبالتالي مع مرور الوقت أصبح التعاون الدولي ولا سيما الطبي المصدر الرئيسي لدخل كوبا، بالإضافة إلى هذا الشكل من التعاون طبقت كوبا منذ عام 1998 البرنامج الصحي الشامل لدول أميركا الوسطى ومنطقة الكاريبي وذلك على إثر إعصار ميتش الذي اجتاح المنطقة، ثم شمل القارات الأخرى، وبدعم منظمة الصحة العالمية أطلقت كوبا حملات تلقيح في جميع أنحاء العالم لحماية السكان الأكثر ضعفاً واستفاد من هذا البرنامج 44 دولة. أيضاً بنفس العام أنشأت كوبا مدرسة أميركا اللاتينية للطب لتدريب طلاب من دول العالم الثالث وحتى من الولايات المتحدة. عام 2019 دربت وحدها أكثر من 35 ألفاً من العاملين في مجال الصحة من 136 دولة في جامعاتها المختلفة، ووفقاً للأمم المتحدة تعد (ELAM) أكثر المدارس الطبية تقدماً في العالم. وقد أشادت مرغريت تشان - المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية بالعمل الذي قامت به (ELAM) وكذلك بالسياسة الكوبية والتزامها بالتعاون فيما بين دول الجنوب، وفي عام 2004، أطلقت كوبا بالتعاون مع فنزويلا عملية المعجزة والتي تقتضي إجراء عمليات جراحية للمصابين بإعتام عدسة العين وغيرها من أمراض العيون الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج، ونتيجة لهذا التعاون تمكن أكثر من ستة ملايين شخص من 34 دولة من استعادة بصرهم بفضل الأطباء الكوبيين، ولم يقم أي بلد في العالم بمثل هذه العملية الإنسانية واسعة النطاق التي أسفرت عن نتائج ملموسة.. عام 2014 كان للأطباء الكوبيين دور أساسي في مكافحة وباء إيبولا في إفريقيا، أيضاً أرسلت هافانا 168 طبيباً لمساعدة ضحايا الكوارث الطبيعية في أعقاب إعصار كاترينا الذي حل بالولايات المتحدة الأميركية وذلك تلبية للنداء الإنساني الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية.. وقد أشادت الولايات المتحدة على لسان أوباما بالتزام كوبا بمكافحة الإيبولا، وعام 2017 قدمت منظمة الصحة العالمية لكوبا جائزة الصحة العامة لمكافحتها فيروس إيبولا.. كما أشادت بالمساعدات والخدمات الطبية التي تقدمها داخل وخارج كوبا مثل تدخلها بمسألة الزلزال الذي ضرب الإكوادور عام 2016 والفيضانات في البيرو 2017 وإعصار في منطقة بحر الكاريبي وزلزال المكسيك عام 2017. تدابير ترامب المعادية لكوبا منذ وصوله إلى الحكم قرر دونالد ترامب العودة إلى سياسة عدوانية ضد كوبا واستهدف المصدر الرئيسي لعوائدها وهو التعاون الطبي والدولي، ففي 20 تموز 2019 قررت واشنطن إدراج الجزيرة في قائمة الدول المسؤولة عن الاتجار بالبشر، ووفقاً لمزاعم البيت الأبيض فإن التعاون الطبي الكوبي حول العالم يرقى إلى مستوى الاتجار بالبشر واستعبادهم، ثم في 26 أيلول 2019 طلبت وزارة الخارجية الأميركية من جميع الدول إنهاء تعاونهم الطبي مع كوبا ولم تخفِ الولايات المتحدة هدفها الحقيقي من وراء ذلك وهو إلحاق الضرر باقتصاد البلاد من خلال الضغط على الدول المستفيدة من هذه الخدمات. في السابق مارست واشنطن ضغوطاً على العديد من دول أميركا اللاتينية لإنهاء اتفاقيات التعاون، وكانت البرازيل أو من يمتثل لهذه الأوامر حيث قرر رئيسها بولسونارو إنهاء الاتفاقية الثلاثية الموقعة عام 2013 من قبل سلفه الرئيسة ديلما روسيف مع كوبا ومنظمة الصحة للدول الأميركية، فخلال خمس سنوات قدم اختصاصيو الصحة الكوبيون تغطية دائمة للرعاية الصحة إلى 60 مليون برازيلي بالإضافة إلى ذلك قامت كوبا بتدريب 1214 طبيباً برازيلياً.. وفي أيار 2019 طالبت الولايات المتحدة الإكوادور تزويدها بقائمة اتفاقياتها مع كوبا وبعد أشهر من ذلك طالبتها إنهاء اتفاقيات التعاون الطبي مع كوبا. أما في بوليفيا وبعد الانقلاب الحكومي الذي نفذ ضد الرئيس ايفو موراليس في تشرين الثاني 2019 أمر النظام الانقلابي جميع عمال الإغاثة الكوبيين بمغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن.. وفي تشرين الأول 2019 رفضت أميركا فتح تأشيرات للوفد الكوبي برئاسة وزير الصحة العامة خوسيه أنجيل بورتال والذي كانت قد تمت دعوته إلى لمجلس التوجيهي الـ 57 لمنظمة الصحة للدول الأميركية، وهذا القرار منع كوبا من المشاركة في أهم مؤتمر صحي إقليمي وتقديم وجهة نظرها بشأن التعاون الطبي. في كانون الأول 2019 عقدت منظمة الدول الأميركية الخاضعة لتأثير الولايات المتحدة ومقرها الرئيسي واشنطن والتي طردت كوبا من عضويتها منذ عام 1962 منتدى بعنوان (الواقع الغامض) وراء البعثة الكوبية لتعزيز حملة تشويه سمعة كوبا والتي أطلقها البيت الأبيض وأدانت هافانا هذا التهجم الجديد من جانب إدارة ترامب. شجبت وزارة الخارجية الكوبية سياسة التدخل الأميركية وحملة تشويه السمعة التي تقودها، وحسب هافانا شمل الاضطهاد محاولة الديبلوماسيين الأميركيين استجواب الموظفين الكوبيين في المراكز الطبية بالخارج، وقد رفضت الديبلوماسية الكوبية اتهامات البيت الأبيض. في كوبا تم تدريب 35613 مهنياً صحياً من 138 دولة مجاناً، وبالنسبة للدول ذات الإمكانيات الاقتصادية الضعيفة تتحمل كوبا تكاليف التعاون تقريباً.. تقول الأمم المتحدة إن (كوبا لها تاريخ طويل من التعاون) مع دول العالم الثالث، والأطباء الكوبيون هم أول من يصل وآخر من يغاد خلال الكوارث الطبيعية وفقاً لخوسيه دي فابيو ممثل منظمة الصحة العالمية الذي قال: (إن لدى كوبا قدرة على التلبية السريعة بسبب خبرة أطبائها، إن ما تستطيع كوبا تحقيقه أمر لا يصدق، فهناك إرادة سياسية للقيادة وهناك إرادة إنسانية لدى الشعب..) ويشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن التعاون الذي تقدمه كوبا لا يسعى لتحقيق هدف مربح إنما هو تعبير عن التضامن، وبمحاربة واشنطن لها فهي تحرم ملايين الأشخاص في العالم من الحصول على الرعاية الصحية وتعرض حياتهم للخطر. |
|