تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القتل طبيعة إسرائيل والغدر طبعها

شؤون سياسية
الأربعاء 9-6-2010م
بقلم: د. أحمد الحاج علي

إنهم قتلة بكل أحوالهم، مبدؤهم القتل، وقرارهم القتل، ووسيلتهم إلى مآربهم الشاذة القتل، وبالمحصلة فإن القتل في المجتمع الصهيوني هو طبع وطبيعة، واستغرق ذلك من هذا المجتمع مراحل كثيرة

حتى لكأن تاريخهم الميثولوجي والسياسي الواقعي هو خلاصة مركبة ومركزة لنزعة القتل بحيث لابد من تأصيل هذه النزعة عندهم إلى أن تتحول مادة الاعتناق والتربية والسلوك السياسي في كل حركات وسكنات هذا المجتمع الشاذ والقاعدة المستقرة عندهم تقول إن لم تقتل تُقتل وكل إنسان في مفهومهم إلى أي حضارة انتمى هو قاتل، ولا بد من الحذر منه والانعزال عنه والانقضاض عليه في اللحظة المحددة، هذه هي الفكرة الأساس حتى لا يضل التفسير وتتوه الاستطرادات وهي تقوم الجريمة الصهيونية الجديدة من خلال الهجوم على الأسطول المدني والإنساني الذي حمل رسالة بسيطة راقية هي نجدة شعب يعاني من الحصار والدمار عبر تأمين وجبات رمزية من الغذاء والدواء والكساء، إن المسألة تستحق أن نتعاطى معها بمنطق الحدث المفصلي فهي ليست استثناء من قاعدة في الكيان الإسرائيلي، ولا يحق لأحد أن يتعسف الفصل ما بين نفس ولدت بالجريمة وفيها نمت وتضخمت وبين تطبيق سيكولوجي وعسكري ينطلق من هذه النفسية كما حدث مع المجموعة الإنسانية المتجهة نحو غزة، بهذا المعنى مارس الكيان الإسرائيلي ذاته بمعدلات عالية ودقيقة وعبر عن جوهره وعن خياراته التي لا تهتم بقيم ولا ترصد تداعيات ولا تتحرج من مشهد الموت، وفي السياق نفسه لا يحق لأحد أن يفصل بين الجريمة والمجرم وبين القتل والقاتل، وكثيراً ما تلعب هذه الإشكالية دورها المأفون حيث يختتم محضر الجلسة ويوقع ثم تقيد الجريمة ضد مجهول، والمجهول في المثل الإسرائيلي هو الظرف الغائم والمنهج الغائب وهو الاختلاط والتزوير وهو رؤية سوداء تمتد من الذات الصهيونية إلى تلك المواقع المتهالكة في أي بقعة عربية وتستمد رعونتها من مظلة سياسية أمريكية وغربية.‏

ثم إن الكيان الإسرائيلي بل المجتمع الإسرائيلي بكامله يحتاج إلى وجبة ضرورية من القتل الذي لا يقف عند سبب أو ذريعة، وهذا ما دفع الجيش الإسرائيلي لخوض حرب متكاملة من طرفٍ واحد ضد مجموعات إنسانية شفافة وراقية إلى هذا الحد، جاء الكيان الإسرائيلي إلى أعالي البحر المتوسط بكل معداته وعدده و استعداده ونفذ مشروعاً عسكرياً بالذخيرة الحية ضد الأحياء الذين اعتنقوا السلام وآمنوا بالحق واختاروا الرؤية الإنسانية عنواناً لهم، أليس من حق البشر كلهم أن يسألوا عن سرين خطرين في هذه المجزرة عن السر الأول حيث تقدمت القوة العسكرية الإسرائيلية إلى هذه المسافة المغرقة في البعد الجغرافي والإقليمي ثم مارست حرباً حقيقية متكاملة على النشطاء والعزل والأبرياء، والسر الثاني ما الذي كان يدفع إلى مثل هذا الارتكاب الجنائي، أين و السبب، ما المبرر الذرائعي على الأقل كيف يحق لأحد من خلق الله أن يطلق النار بلا سبب ودون تمييز على البشر النشطاء، وحينما أقول السر فأنا أرمي إلى تحريض الميديا الإعلامية لكي تتعامل مع الحقائق وليس مع المظاهر غير المستقرة، فلاسر ولا يحزنون، إنهم الصهيونية المدججة نفسياً بالحقد وجسدياً بهوس القتل وإجادة سفك الدم، هكذا هم منذ قبية ودير ياسين ومنذ السموع والتوافيق ومنذ صبرا وشاتيلا ومنذ قانا الأولى والثانية وقبل ذلك منذ بحر البقر في مصر وداعل في سورية وبقية موكب مشؤوم محموم لم ينقطع قط عن إرهاب المجتمع والدولة المنظمين، انظروا ما الذي حدث في اليوم التالي لمجزرة أسطول الحرية وعند الصباح استأنف الكيان الإسرائيلي هواية القتل في غزة في بيت لاهية تحديداً، إن الرهان ليس على ما يفعله هؤلاء المجرمون الصهاينة، لكن الرهان الحقيقي هو على نقطتين مهمتين تدور الأولى حول فكرة الدخول إلى الجوهر الصهيوني لأن القتل عندهم هو مجرد مظهر خارجي ومعاييرهم تقول لن نرتوي من الدم العربي إلا إذا فني العرب وقضاياهم، لذا لابد من الترحيل العمودي للعرب أي إفناء وجودهم وحفر أخدود هو القبر الشامل الكامل للعرب وقضاياهم ، وسورة الأخدود في القرآن الكريم تستدرجنا لكي نعرف ونتعرف، والنقطة الثانية قائمة فينا، في وعينا وفي شعورنا بالخطر والمهانة معاً، فماذا نحن فاعلون؟ وهل من نجاة لأحد؟ سؤال لابد أن نطرحه على ذاتنا ونطرح ذاتنا عليه والعدو لا يخافنا إلا في طرح أسئلة الذات، والعالم لا ينتبه ولا يحترم الذين يملكون الحق والقوة .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية