تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غلاء الذهب أصاب الأسواق السورية بالركود

مجتمع
الأربعاء 9-6-2010م
ابتسام هيفا

« ماخف وزنه غلا ثمنه» عبارة يرددها الناس في أوقات ومناسبات مختلفة وهذه العبارة تنطبق بشكل واضح على الذهب... ذلك المعدن البراق النفيس الذي يجعل الجميع على اختلاف جنسياتهم وأعمارهم يرغبون في اقتنائه ...

فالبعض يلجأ إلى شراء الذهب كجزء من استثماراتهم فيه... ونرى غالبية السيدات مولعات بشرائه من أجل الزينة ...‏

والبعض الآخر يعتبرونه أموال ( عز الطلب) من أجل بيعه عند الحاجة وبذلك يعتبر أحد أبرز علامات الأمان في حياة الناس ، لكن في أيامنا هذه بعد أن وصل سعر غرام الذهب عيار 21 إلى 1565 أصبح الخط البياني لمبيعات الذهب متذبذباً .. وفي جولة على أسواق الذهب استطلعنا بعض الآراء من قبل أصحاب محلات الصياغة وبعض المواطنين .‏

مقياس للاضطرابات...‏

كلما ازدادت الاضطرابات في العالم يرتفع سعر الذهب .. فنراه بارتفاع مستمر والعملات بانخفاض والعملة عندما ينخفض سعرها لاترجع كماكانت...‏

هذا ماعبر عنه هاني عاقل مهندس وصاحب محل مجوهرات في الحريقة يتابع حديثه : بأن اليوم أقل نقطة لشراء الذهب بالنسبة للناس ... وعندما كان سعر الذهب منخفضاً كان البعض يلجأ إلى شراء القطع الذهبية الكبيرة أو إلى التبديل ، لكن اليوم الأكثرية يبيعون أكثر ممايشترونه بسبب الغلاء وبسبب أحوال الناس المادية لاتتناسب مع أسعار الأصفر .. وقد يبيعون الذهب من أجل شراء سيارة أودفع أقساط الجامعة لأولادهم أو من أجل الطبابة كإجراء عملية مثلاً ...‏

ويقول هاني: إن العروس في القديم كانت تشتري ربع كيلو غرام من الذهب أي مايعادل وسطياً ( 300.000) ل.س لكن اليوم مصاغ العروس بين 50- 100 ألف.‏

وهذا مؤشر على ضعف في الحالة المادية.‏

- حركة البيع والشراء مستمرة‏

حسين عيسى صاحب مجوهرات (غدي) في منطقة الطلياني قال : إن حركة البيع والشراء لاتقف عند غلاء سعر الذهب لكن استقرار السعر هو استقرار حركة البيع والشراء وأن غلاء الذهب أثر كثيراً على المعروض فأصحاب الورش كانوا يتركون بضاعتهم في الأمانة وكانت الكمية تتجاوز أحياناً الكيلو غرام.‏

أما اليوم فقد تغيرت الأمور والموزعون أصبحوا أكثر خوفاً و تردداً ويطلبون دفع ثمن البضاعة فوراً .‏

نسبة البيع 90٪‏

من المشاهد المألوفة في أسواق الصاغة وجود العديد من المواطنين أمام المحلات يعاينون القطع الذهبية من بعيد وعيونهم ترمق لائحة الأسعار بشيء من الرعب ...فينسحبون منتظرين طاقة القدر أن تعيد وضع الذهب إلى شيء من الاستقرار ... هذا ماعبر عنه السيد ألبير لونه صاحب محل مجوهرات في الصالحية موضحاً أنه منذ أن أصبح غرام سعر الذهب 1400 ليرة انخفضت حركة الشراء بنسبة 70٪ والآن بعد أن أصبح سعر الغرام أكثر من 1500 ليرة انخفضت نسبة البيع في محلي بنسبة 90٪ ...وفي نفس المحل التقيت الخطيبين ماهر سعيد موظف ومي مهنا حيث قالا :‏

إن ارتفاع سعر الذهب جعلهما يختاران المحابس وسلسلة ذهبية للخطيبة مع حلق أي ماقيمته أقل من خمسين ألف ليرة سورية.‏

أما سامر علي ودانيا وهما متزوجان حديثاً حيث يقول سامر:‏

منذ أشهر عندما تمت خطوبتي اشتريت ذهب لخطيبتي بمبلغ 100.000 ليرة وبعد عدة أشهر من زواجنا لجأنا إلى بيع المصاغ من أجل شراء بعض الأدوات الكهربائية الضرورية .‏

ويضيف سامر:‏

اشتريت الذهب تلبية لرغبة خطيبتي واستدنت نصف المبلغ وذلك فقط لألبسها إياه أمام عيون الناس الذين يهتمون بالمظاهر واتفقنا أنا وهي على بيعه بعد العرس والتصرف بسعره...‏

لابيع ولاشراء‏

غلاء الذهب موضوع عالمي وليس محلي وتأثيره على الصائغ وعلى المواطن .. وفي بدايات الارتفاع كان هناك إقبال كبير على البيع أما الآن فنحن لانستطيع الشراء من الناس لأنه يمر علينا أيام كثيرة لانبيع أي قطعة ذهبية.‏

هذا ماقاله الصائغ (سامي ثابت) صاحب محل مجوهرات في قطنا وأضاف :‏

أن تجارة الذهب تتأثر بالمواسم الزراعية للناس الموجودين في القرى المحيطة بمدينة قطنا ، لكن في هذه الفترة نلاحظ أن حركة البيع والشراء انخفضت نتيجة موجة الغلاء وتراجع الانتاج الزراعي...‏

وفي نفس السياق يقول الصائغ جبرا بلوس : إن بعض الذين يريدون الخطوبة يشترون فقط المحابس وقيمتها مايعادل 18000 ليرة سورية ويكثر الشراء قليلاً في الصيف موسم الأعراس وعودة المغتربين إلى سورية حيث يشترون الذهب لهم ولأصدقائهم لأن أجوره أرخص من البلدان الأخرى. لكن في الأيام العادية نبيع فقط مايكفي لسد حاجاتنا اليومية . ونرى البعض يضعون أموالهم في صندوق توفيرالبريد ولوكانت الفائدة قليلة خيراً لهم من اقتناد الذهب...‏

الذهب رمز للأمان...‏

الذهب يبقى ذهباً وله مكانته وقيمته التي لايستطيع شيء مجاراته فيها، هذا ماقالته السيدة أم ثابت التي تحاول دائماً زيادة كميته قدر الإمكان وذلك لضمان مستقبل المرأة من غدر الزمان ، وهو أضمن من النقود .... وسعره عالمي لايمكن أن ينكسر وسهل التصريف واحتمال الربح أكثر من الخسارة...‏

في تراجع‏

دينا فاضل كان رأيها أن الأشياء العصرية الداخلة إلى الحياة حديثاً جعلت الذهب يتراجع خطوات إلى الوراء فالكثير من الأغراض المنزلية والأمور الحياتية العصرية أصبح من الضروري وجودها وتأمينها بينما كانت تعد سابقاً من الكماليات وهذا الأمر جعلنا نستغني عن اقتناء الذهب ،وأصبح اقتناء منزل للسكن أوامتلاك عقار أكثر أهمية في نظر الكثير من الأشخاص ...‏

أماالسيدة مريم صارم قالت:‏

إنها في غلاء الذهب أصبحت تفضل تقديم المال للعرسان على الذهب باعتبار أن المبلغ لن يكفي لشراء قطعة ذهبية جيدة بينما قد يصلح المبلغ لشراء حاجة ضرورية في المنزل ...‏

- وحول ارتفاع سعر الذهب عالمياً يقول السيد جورجي صارجي رئيس جمعية الصياغة :‏

إن ارتفاع الأسعار عالمي ومرتبط بالتغييرات السياسية والاقتصادية والدولية وهذا الارتفاع أثر بشكل كبير على حركة السوق وفي الأحوال العادية قبل ارتفاع الأسعار كان يأتينا في اليوم الواحد 140 حرفياً من أجل دباغة بضاعتهم قبل عرضها، أما في الوقت الحاضر فيأتي فقط 11 حرفياً من أجل الدباغة وباستطعتنا القول :‏

إن تراجع مبيعات الذهب أكثر من 90٪ وفي دمشق هناك 600 ورشة ، أما الآن لايتجاوز عدد الورش الـ 60 منهم من هاجر ومنهم من غير عمله .‏

ويضيف السيد صارجي: أن الحالة الاقتصادية العالمية ومايحصل في اليونان حيث يبيعون اليورو ويشترون الذهب كذلك الصين بدأت تصنع الذهب وتصدره إلى العالم.‏

ويتوقع السيد صارجي أن يتجاوز سعر غرام الذهب الـ 2000ل.س في الأيام القادمة متمنياً أن يكون وضع الصائغين لدينا كما في الدول الأخرى ..أن يصنع ويستورد ويصدر الذهب .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية