تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أساطير جديدة حول وفاة ومكان دفن لوركا

عن لوموند
ثقافة
الأربعاء 9-6-2010م
سهيلة حمامة

لوركا شاعر إسبانيا العظيم، بدأ العوم باكراً في بحر حياة قليل عمقها، صخب إيقاعها.. لم تتريث به طويلا.. أو قعته، مكبلاً، بأيادي أتباع فرانكو الملطخة لتقوده في النهاية إلى مصيره المحتوم.. إلى حفرة باردة مظلمة لكن بطلقة نارية واحدة ليس إلا كافية تماما لتسكن روحه المعذبة إلى الأبد علما أنها بلبلت أفكاراً كثيرة وأثارت تساؤلات أكبر وفتحت جروحا أعمق لمريديه وعشاق قصائده.

كفن من الغموض والالتباس مازال حتى يومنا هذا يلقي بظلاله الثقيلة حول إرث حياته الإنسانية والشاعرية ونهايتها القاتمة المأساوية ومكان طمرها إلى الأبد! حدث ذلك سنة 1931 بداية الحرب الأهلية الأولى ومازال مريدوه والمعنيون الآخرون، يحاولون فك اللغز الغامض لواقعة موته ومكان دفنه، نسج حول ذلك أساطير متعددة لم تلتقط حتى يومنا هذا ناصية الحقيقة، منها أولاً: إن غارسيا لوركا ألقي مقتولاً، في مكان ما من غرناطة في حفرة سميت فيما بعد مقبرة من قبل أهله ومريديه، ضمت إلى جانبه قتلى آخرين منهم مدرسون ثائرون متمردون مصلحون، مفتشو وجباة ضرائب، أعدموا جميعهم على يد الثوار الوطنيين الإسبان.‏

ثانياً: تؤكد وزيرة العدل في حكومة الأندلس ذات الحكم الذاتي أنه لم يتم العثور قط على أي بقايا عظام أو ثياب أو حتى طلقة نارية متهمة في الحفرة التي يدعي أتباع فرانكو أنهم دفنوه فيها.‏

ثالثاً: منذ شهور عدة اكتشفت الحفرة.. في حقل يسمى الفقار في قرية صغيرة تبعد نحو 9 كم من غرناطة. نصبت في الثمانينات لوحة تذكارية في المكان نفسه ولكن على مسافة كبيرة وحينذاك أطلق عليها اسم المقبرة التي من المفترض أن تضم فقط رفات شاعر إسبانيا دون غيره مما ذكرت أسماؤهم أعلاه.‏

بالتأكيد، عارض ورثة الشاعر فتح الحفرة ونبشها بناء على طلب أسر وأهالي المدفونين معه لكنهم مالبثوا أن رضخوا لقرار سلطات الأندلس معززا بعمليات البحث الدقيق من قبل المختصين التي جرت مؤخرا على مسافة 300م حول المقبرة ثم على بعد 400 متر أخرى بناء على طلب وزيرة العدل ونفيها بالكامل وجود الحفرة في المكان المحدد إياه، وإنما لوحظ وجود لوحة صخرية تلامس الأرض وهنا يتساءل المختصون فيما إذا كان لزاماً عليهم تخطي مسافة إضافية بحدود 250 مترا، إلى مكان آخر يدعى كارا كولار، والتنقيب بأرض ادعى الباحث الأميركي من أصل إسباني، غوستاف بوزو، سنة 1950 وجود المقبرة فيها.‏

رابعاً: لنعرج على أسطورة أخرى نسج خيوطها غابرييل بوزو، يقول لوركا غارسيا دفن بالفعل في المكان إياه لكن رفاته نقلت لاحقا إلى مكان مجهول، وهنا يعقب جان غالو، المفوض بدائرة الذاكرة التاريخية الأندلسية أنه من غير المنطقي زرع حفر كثيرة متناثرة في غرناطة للوصول إلى هدف يبدو لي بعيد المنال بعض الشيء، فالمعطيات التاريخية تقود بنا إلى حقل الفقار بالذات، فمن العبث التفكير باتجاه آخر.. يكفي لنا التنقل من أسطورة إلى أخرى على مدى ثلاثة أرباع من القرن.‏

خامساً: ثمة أسطورة تبدو أكثر غرابة.. لوركا غارسيا تمكن من الإفلات من فصيلة الإعدام عام 1954.. فقد ذاكرته تماما.. تدهورت ملكاته العقلية وتاه في الحقول والبراري ليهتدي في نهاية المطاف إلى دير احتضنه الحنان حتى أواخر أيامه في العام عينه.‏

سادساً: يدعي بعض الباحثين أن رفات الشاعر نقلت إلى ضريح الفرانكيست على أيدي أتباع فرانك، في واد يطلق عليه دولوس كايدوس على مقربة من مدريد.‏

أما الأسطورة السابعة والأخيرة، مبدئياً، فتقول: إن جثة لوركاغارسيا أخرجت ونقلت سريعا من القبر بناء على طلب أسرته إلى منزل العائلة الصيفي ترقد الآن بسلام في الباحة الخضراء تحت شجرة الجوز الوارفة الأغصان زرعت أثناء وفاته فأي أسطورة يمكننا التسليم بها أم ننتظر أخرى أكثر حداثة وأكثر صدقاً؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية