|
معا على الطريق تلك اللحظة المكارثية الشهيرة, حيث كل من يقول بالاختلاف هو عميل شيوعي يسعى, إيديولوجياً, لتقويض الامبراطورية الأمريكية المقدسة, العقاب يفترض ألا يقل عن... الكرسي الكهربائي. الكرسي الكهربائي الذي يرغم لبنانيون كثيرون الآن (وصاعداً) على الجلوس فوقه, لبنانيون خارج إطار الطبقة السياسية الرثة, والوالغة دوماً في الطوائفية وفي القبائلية, ناهيك عن الغرائزية, دون الدفاع عن أحد لأن الجميع يدرك وبشفافية تامة هوية الأشخاص الذي عملوا على تدمير العلاقات بين لبنان وسورية بعدما كان يقتضي أن تكون نموذجاً لعلاقات المستقبل, بل ولعلاقات الحياة بين بلدين عربيين فيما أعراض التفكك والشيخوخة بما (فيها الشيخوخة الاستراتيجية) تجتاح هذه القارة العربية. كل من لا يشتم سورية, ويصرخ ضدها في الساحات العامة وعبر شاشات هو عميل لها كل من لا يدخل ذلك الملكوت الذي لا وجه له ولا برنامج ولا رؤية سوى النيل من دمشق وعلى المستويات كافة (بما في ذلك مطاردة العمال السوريين في الأزقة) فهو متواطئ ويعمل ضد السيادة والحرية والاستقلال. نفهم التغيير في الأشخاص وفي المناصب وفي الكراسي وهذا حلم من يتوخى التغيير (الفساد يحل سعيداً محل الفساد والاختزال يحل سعيداً محل الاختزال) ولكن هل نفهم التغيير هكذا تغيراً في البنية التاريخية والجيوبوليتيكيةوالثقافة في اتجاه اللامعنى واللاهوية واللاانتماء إلا لأركان الكونسورتيوم إياه الذي ولد من رحم القرن التاسع عشر ولا يزال... طوفان من المال ويتغير كل شيء. ولكن قولوا لنا من فضلكم في أي اتجاه وإلى أين? في اتجاه ديك تشيني أم في اتجاه ارييل شارون الذي ينتظرنا على المفترق? وبين أسنانه مشروع التوطين وبين أسنانه الشراكة في الماء وفي المرتفعات التي سبق لرفاييل ايتان ووصفها بالمنصات الفضائية (آخذاً التعبير من... برنامج حرب النجوم) التي تغطي رادارياً ما بين قناة السويس ومضيق الدرونيل على الأقل. إذاً, لمصلحة من ذلك التخريب المنهجي للعلاقات? نفهم اننا نختلف, ولطالما قلنا أن هذا من طبيعة الأشياء ونفهم اننا نخطئ ما دمنا (وإلى إشعار آخر) بشراً لكننا لا نفهم أبداً لماذا هذا التنظيم المروع للكراهية. المسألة لم تعد تقتصر على الهجوم على سياسات أو مواقف معينة. لقد تم اختراق كل الخطوط الحمراء. سقط كل مقدس وكل ضروري وكل رؤيوي في العلاقة مع سورية, لندخل بتلك الخطوات البهلوانية في لعبة الأمم. الذي يحدث لم يعد منطقياً: مطاردة الذين يرتبطون بسورية لانها ظهيرنا الاستراتيجي ولأن الشراكة القومية تضاهي بل وتتداخل مع شراكة البقاء هؤلاء يتعرضون للملاحقة لا ندري ما إذا كان مكتب التحقيق الفديرالي( أف. بي. أي) سيزودنا بأجهزة لفحص حالة معينة في الحمض النووي: من ذاك الذي يمشي في عروقه الدم الذي يفضي إلى دمشق, وإلى القدس, وإلى الفسطاط, وإلى القيروان, بطبيعة الحال إلى غرناطة... نستطرد إذا جرى ذلك الفحص فعلاً كم لبناني سيتبين أنه من أصول سورية بمن فيهم آلاف مؤلفة يصرخون ضد سورية? لا تستبعدوا أبداً أن يقال غداً وسيقال حتماً أن السوريين هم الذين يحبسون عنا المطر, ومن لا يقول ذلك ويصدح في الطرقات وعلى الشاشات فلا بد أن يكون عميلاً سورياً وليذهب إلى الكرسي الكهربائي. مكارثية? أجل وعلى طريقة ملوك الطوائف الذين ينقلون الجمهورية صعوداً من فديرالية المزارع إلى فديرالية الصوامع, وهلمجرا... أما إذا سألتم أين هي الجمهورية, فالجواب, فقط, عند الذين يربطونها بقرني الثور. العوض بسلامتكم. |
|