|
ثقافة وبالفعل , لم تصبني الدهشة, حين تعثرت الدراسات في تقديم المعلومة, ولم أفاجأ, عندما ابتعد البعض عن مضمون الندوة, واسترسلوا فيما ارادوا البوح به , دون الالتزام بما جاء المستمع لأجله.. (دور الروائي في التغيير) وهو عنوان الندوة التي اقامها اتحاد الكتاب العرب لم يكن ملتبسا ابدا, كما صرح البعض , وهو ليس لغزا يصعب فكه, انه ببساطة, عنوان صريح ومهم, لموضوع يستحق البحث والتفكير. جاءت كلمة الاتحاد على لسان فاديا غيبور, فطرحت سؤالا: ( ما أهمية هذه الندوات ).وكانت إجابتها بسيطة جداً (بهدف التواصل بين الوجوه والقلوب والأفراد, وهذه قضية مهمة, ومن أهم الحوافز لإقامة مثل هذه الندوات وكذلك من اجل متابعة التطورات التي تطرأ على هذا الجنس الادبي او ذاك). باعتبار الرواية هي الابنة الشرعية لهذه المرحلة التاريخية, فعليها ان تحمل على عاتقها مهمة التغيير, ولكن اي تغيير هو المقصود? طبعا هو ذلك التغيير, الذي يطال الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية وهنا يجب على الروائي ان يلعب دور الثائر, ليس على المستوى الخطابي الحماسي فقط, بل على مستوى وضع رؤية جديدة, لتغيير الواقع المتداعي شيئا فشيئا. لعل باسم عبدو هو الوحيد الذي دخل في صلب الموضوع, دون ان يدخلنا في تفاصيل ومتاهات, وعنون بحثه( كتاب الواقعية والتغيير الاجتماعي) وكان مثاله رواية( الثلج يأتي من النافذة) لحنا مينا صحيح ان باسم عبدو استفاض في شرح وصول رواية الواقعية الاشتراكية الى عالمنا العربي, والتأثيرات التي حملتها معها من اوروبا الشرقية, لكنه استطاع ان يعدل بحثه بمقدمة عن الرواية السورية ووصفها بعدسة تجمعت فيها مكونات الشعب العربي في سورية. ووجد عبدو بأن الروائي السوري قد آمن بالنصر النهائي للكادحين, و بتحقيق مجتمع العدالة والاشتراكية, ( وواكب هذا الروائي مراحل التطور في البلاد, ووظف التراث العربي في ابداعه, ولعب دورا فاعلا ومؤثرا في التغيير الاجتماعي , وواجه الصعوبات والانتكاسات والهزائم, ورغم ذلك لم يعزل نفسه في غرفة او صومعة, بل كان في قلب الصراع ). لم يقدم علي ديبة بحثا , بل قام بادلاء شهادته عن نفسه كروائي, عدد ديبة اعماله الروائية , واطلق مباشرة طرفة تقول( هي روايات لم يكتب احد مثلها سوى..) وصرح فيما بعد بأنه مع ( البرجوازية والاشتراكية والديكتاتورية) وبأنه ( خارج كل القيود) ويبدو ان علي ديبة اطلق هذه الكلمات بهدف اعلانه للاخرين بأنه حر وحر جداً ومنفتح على كل التيارات ولسنا ضده بالتأكيد لكننا يمكن ان نتواطأ مع انفسنا و, نقبل منه ان يطمح الى البرجوازية, دون ان نتهمه بشيء في دفاعه عنها. اما ان يقول بأنه مع الديكتاتورية, فهو اذن لا يجب ان يتحدث عن التغيير ويدافع عنه, لأن الديكتاتورية نير لا يسمح لا بتغيير ولا حتى بمجرد التفكير. ولا يلبث علي ديبة يناقض نفسه حين يقول :( المبدع يسعى الى تغيير ملائم لانتمائه) اذن ,علينا ان نخترع مصطلحا خاصا لعلي ديبة, يلائم الديكتاتورية التي لا يضادها ونطلق عليها ( الديكتاتورية الديمقراطية), وهو مصطلح حديث وعجيب, لكنه فاتن. وعلى كل, لم تأت شهادة علي ديبة على تجربته الروائية بفائدة, بل اقتصرت على بعض التنظيرات العامة. ترك جميل سلوم شقير شهادته على نصوصه, وقدم بحثا عن دور الروائي في التغيير, وكان نموذجه رواية (التلال) لهاني الراهب, واستشهد بعبارة للراهب تقول :( فتحت روايتي التلال جرحا كبيرا في نفسي) . وبعدها استفاض شقير بجلب مقبوسات من رواية التلال, واكتفى بذلك وشعرت بأني لست بحاجة الى من يعيد علي قراءة مقاطع من هذه الرواية. الشهادة الثانية, كانت للدكتورة ناديا خوست, وقالت بأن الكتاب في مرحلة ما اصبحوا شهودا على الناس والزمان, واصبحت رواياتهم تعبر عن منظوماتهم الفكرية والاخلاقية وتبوح بجمودهم او بحيويتهم. وتابعت خوست بأن لكل عمل روائي دوافعه, وقد دفعها الى كتابة رواياتها عن بلاد الشام, هو ضياع مدن عربية. حين انتهت الجلسة الاولى , وجدت أن ما قيل يؤكد أنه حصل التباس في العنوانو , ما جعل الادباء لا يمسكون بالفكرة الاساسية, لدرجة ان الابحاث قدمت عروضا لروايات اختارها الادباء, وقدمت الشهادات نماذج عن اصحابها. وهذا ما لا اعتقده مناسبا, حيث ارى ان تكون الشهادة, من شاهد ومراقب للتغيير, وليس من الشخص نفسه. |
|