|
شؤون سياسية على الرغم من تزايد مؤشرات الفشل والانكسار الذي يعاني منه المشروع الأميركي عموماً,وعلى المحور العراقي بشكل خاص وعلى الرغم من اشتداد الأزمة الخانقة داخل الولايات المتحدة وداخل الكيان الصهيوني كحصيلة للاخفاقات التي تتالت فصولها على امتداد ساحة العمليات من أفغانستان الى فلسطين مروراً بالعراق ولبنان,ومع ظهور تناقض حاد وكبير بين الكونغرس الأميركي وإدارة الرئيس جورج بوش ومع تناقض السلوك الفعلي لإدارتي بوش وأولمرت وتخبطهما بين ثنائية الرغبة والشهية والعدوان والعجز عن تحقيق رغباتهما. على الرغم من كل ما أشرنا إليه فإن الحرب الأميركية على ايران لا تزال في المقدمة وفق منطق الاحتمالات مع الإشارة الى تزايد نقاط الضعف والعجز لدى إدارة البيت الأبيض عن التحكم والسيطرة على مجريات هذه الحرب لو وقعت ويمكننا ملاحظة العديد من المعوقات التي تقف في مواجهة سيناريو الحرب القادمة . وأبرز هذه المعوقات حرب الاستنزاف التي تواجه القوات الأميركية على الساحة العراقية والتي تؤدي الى تدهور مستمر في الامكانات القتالية لهذه القوات الى حد لا يسمح وفق الحسابات المنطقية بفتح جبهة جديدة ناهيك عن أن القيام بهكذا مغامرة,ومهما كانت على درجة عالية من الدقة والتخطيط قد لا تحقق الهدف الاستراتيجي والقاضي بضرب المنشآت النووية الايرانية. وذلك بسبب منظومات الحماية ومستلزمات الوقاية التي وفرتها القيادة الايرانية لهذه المنشآت هذا بالاضافة الى أن مثل هذه الضربة قد يدفع بالأمور الى ما هو أسوأ بكثير من جهة مواجهة مفتوحة شاملة. الأمر الذي يضع كل دول المنطقة في دائرة الخطر والدمار. وبالتأكيد ستكون مصادر الطاقة وخطوط نقل النفط على رأس الأهداف وسوف تكون أولى ضحايا مثل تلك المواجهة. وهذا بحد ذاته سيشكل ضربة موجعة قد لاتتحملها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب. هذه المعوقات تعني أن خيار الاندفاع باتجاه العمل العسكري يعتبر مغامرة باهظة الثمن وقد يتوقف اللجوء الى هذا الخيار على الموازنة النسبية التي تجريها الولايات المتحدة وأطراف دولية أخرى بين احتمالين لا ثالث لهما. حرب بكلفة عالية وثمن باهظ أو التفاوض مع ايران وهذه المسألة تحتاج الى حسابات معقدة ودقيقة تفترض الأخذ بعين الاعتبار كافة المعطيات والمتغيرات السياسية والاقتصادية والعسكرية المرتبطة بجميع أوجه السباق الاستراتيجي لأزمة المنطقة. وسوف يتوقف ترجيح أحد هذين الخيارين أو الاحتمالين على طبيعة ونتائج الحسابات التي ستتم سواءً في واشنطن أو طهران فعلى الجانب الايراني هناك حسابات محددة كان بعضها موجوداً منذ بداية الأزمة ويعبر عن ثوابت الموقف الايراني بينما برز بعضها الآخر في سياق تطور الأزمة وتتمثل في: 1- إن الهدف الحقيقي الأميركي تجاه ايران لا يتمثل بالضرورة في منعها من امتلاك السلاح النووي إنما الأهم من ذلك هو تقويض النظام والاطاحة بنظام الحكم في الجمهورية الاسلامية الايرانية وعرقلة امتلاكها للتكنولوجيا النووية والتي تسمح لها بالبروز كقوة اقليمية. 2- إن الرفض الدولي والاقليمي لخيارات التصعيد العسكري يحرم الإدارة الأميركية من الغطاء الدولي الذي تأمن لها أثناء غزو العراق. 3- أن المحفزات والمقابل الذي يعرض على ايران لتخليها عن أنشطتها النووية ليس بالعرض المغري ولا يلبي طموحات الشعب الايراني في التنمية والاستقلال وامتلاك التكنولوجيا النووية السلمية. هذه الاعتبارات تجعل صانعي القرار الايراني مؤمنين بأن تكلفة المواجهة مع الغرب تظل أقل تكلفة من القبول بالمطالب الدولية عامة والأميركية خاصة. لأن باستطاعة ايران استيعاب تداعيات العقوبات الدولية وردع الضربات العسكرية والرد عليها بشكل عنيف. على النقيض من ذلك نجد أن الحسابات التي تتبناها إدارة الرئيس بوش تعتمد منظورا آخر مغايرا فهي تقوم اساسا على الاعتقاد بأن مسار الأزمة يتحرك بغير صالح ايران هذا الموقف الأميركي يستند على مجموعة من الحسابات التي ستتحكم في خط سير الأحداث القادمة بشكل عام وفق ثوابت التقييم الأميركي للأزمة الراهنة مع الجانب الايراني والتي يأتي في مقدمتها: 1- إن امتلاك ايران للسلاح النووي خط أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه ولا يمكن ان تقبل به الولايات المتحدة الأميركية. 2- إن ايران مازالت على مسافة من انجاز مثل هذا الهدف وهذا يعطي الإدارة الأميركية هامشا أو مساحة مريحة لتفعيل العمل الدبلوماسي والضغط على ايران عبر مجلس الأمن الدولي والهيئات الدولية الأخرى. نتيجة لكل هذه السيناريوهات والحسابات المختلفة التي تتحكم بموقف كلا الطرفين - الايراني والأميركي تبدو احتمالات التصعيد أكبر بكثير من احتمالات التسوية السلمية إلا أن ما يجعلنا نتردد في الاقتناع بأن الخيار العسكري واقع لا محالة حيث تتسارع الأحداث والمعطيات الميدانية التي تتراكم يوما بعد يوم باتجاه تصدع المشروع الأميركي وتحقيق الانتصارات والانجازات النوعية للاطراف التي تقف في وجه هذا المشروع وابرزها ما تحقق في لبنان على يد المقاومة الوطنية اللبنانية وما تحققه المقاومة الوطنية العراقية مما يجعل امكانية فتح جبهة جديدة أو خوض معركة اخرى مغامرة غير مضمونة النتائج إن لم نقل قد تأتي بنتائج عكسية. |
|