تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بيـاض ...التراكم

ملحق ثقافي
2018/9/11
عقبة زيدان

بالتأكيد سينتج الكم نوعاً، وهذا واقع في كل مراحل الإبداع في أي مكان من هذا العالم. ولكن هذا النوع سيعاني كثيراً كي يظهر بشكل جلي، ويأخذ حقه أو مكانه الطبيعي.

المشكلة في المعايير. ما هو المعيار الذي يجعلنا نطلق لقب شاعر أو شاعرة على نص ما؟‏‏

لا توجد معايير، وإن وجدت، فإن لا أحداً يأخذ بها، ولا يمكن لأي ناقد أن يعبر عن رأيه بصراحة حول ما يُكتب، لأنه سيتعرض إما للتجاهل أو للتجريح. فمن يكتب، يعتبر نفسه سلفاً شاعراً لا يشق له غبار، ويوهم نفسه أن لا أحد أشعر منه أو أفهم منه. وهنا تنفتح ساحة الشعر إلى كل من يتمكن من الإملاء أو لا يتمكن منه، فهذا يصبح أمراً ثانوياً.‏‏

عدد الشعراء اليوم في الدول العربية ربما يزيد عن عدد العاملين في أية مهنة يدوية – أقول ربما – لأن المهن اليدوية بحاجة إلى قليل من الخبرة والمران، أما الشعر فلا؛ يكفي أن تفتح صفحتك أو مدونتك وتضغط على مفاتيح الكومبيوتر، فتصبح لديك جمل أحياناً مترابطة وأحياناً لا رابط بينها. ومع إعجاب بسيط من صديق، ستأخذ هذه الكلمات طريقها إلى النشر في كتب مطبوعة.‏‏

والأخطر أن الدعوات إلى المهرجانات الشعرية تنهال على هذا المدون أو هذه المدونة، وبعدها تأتي دروع التكريم وحتى الجوائز. ويصبح مجرد الإشارة إلى أي خلل في “شعر” فلان، إهانة وجريمة لا تغتفر، فمن هو حتى يصدر الأحكام ويعطي رأيه، فهنا لا رأي لأحد، لأن التكريمات تهل من كل حدب وصوب.‏‏

يرى هؤلاء أنهم أكبر شأناً من كل من حولهم، وهم فوق النقد والتقييم، وهم يتكاثرون بسرعة هائلة وينتشرون كالجدري على جسد الثقافة العربية.‏‏

Okbazeidan@yahoo.com‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية