تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إسرائيل.. رصيد أم عبءاستراتيجي على أميركا

شؤون سياسية
الأحد 12-5-2013
 دينا الحمد

لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تغدق من عطاءاتها و هباتها و مساعداتها العسكرية الفتاكة للكيان الإسرائيلي رغم ان عمليات التسليح المستمرة تخالف القوانين الأميركية وتضر بالمصالح الاميركية في المنطقة العربية و العالم الإسلامي برمته ، وآخر هذه الهبات قيام واشنطن بوضع اللمسات الأخيرة على صفقة تسليح مع كل من إسرائيل والسعودية و الامارات بقيمة /10/ مليارات دولار .

و لعل السؤال الذي يلقي بظلاله على التسليح الأميركي لإسرائيل هو :لماذا تستمر أميركا بهذه السياسة رغم ان الكيان الاسرائيلي فقد وظيفته العضوية في حماية المصالح النفطية الأميركية في المنطقة بعد قيام القوات الأميركية بتأمينها بشكل مباشر ؟! و لماذا تواصل ذلك مع ان كل الاتفاقيات الخاصة بالتسليح تنتهك القوانين الأميركية و تخالفها على اعتبار انها تؤدي الى قتل الابرياء و تنتهك حقوق الانسان؟!.‏

قبل الإجابة عن هذين السؤالين لا بد من الإشارة الى صفقات السلاح الجديدة التي تنوي أميركا تزويد اسرائيل بها فقد كشفت صحيفة «نيويورك تايمز « الأميركية ان وزارة الدفاع الأميركية وضعت اللمسات الاخيرة على صفقة تسليح مع كل من اسرائيل و السعودية و الإمارات العربية المتحدة ، بقيمة 10 مليارات دولار ، و أضافت الصحيفة ان الولايات المتحدة ستزود الدول الثلاث بالصواريخ و الطائرات الحربية و حاملات الجنود.‏

و ستسمح الولايات المتحدة لإسرائيل بشراء صواريخ جديدة مصممة لاستهداف رادارات للدفاع الجوي ، بالإضافة إلى رادارات متطورة من اجل طائراتها العملاقة و طائرة «في 22 اوسبري» لنقل الجنود ، وهي المرة الأولى في التاريخ التي تبيع فيها الولايات المتحدة الأميركية هذه الطائرة لجيش أجنبي بالإضافة الى الجيل الجديد من طائرات تزويد الوقود «كي سي 135 «و التي ستمكن إسرائيل من البقاء في الهواء لمدة أطول ، و ستمكنها من تنفيذ المهمات لأي مسافات بعيدة ، و سوف تساعد الناقلات أيضا الدوريات التي تحمي حدود إسرائيل .‏

و أضافت الصحيفة ان الصفقة سوف تسمح لدولة الإمارات العربية بشراء 26طائرة /اف 16 / في حزمة من المتوقع ان تبلغ قيمتها وحدها 5 مليارات دولار ، بالإضافة الى صواريخ ذات دقة عالية تطلق من تلك الطائرات ، كما ستشتري السعودية نفس الصواريخ المتقدمة . وذكر مسؤولون أميركيون انه على الرغم من ان الهدف هو ضمان استمرار تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة ، الا ان تحسين القدرات العسكرية للسعودية و الإمارات يندرج تحت هذا السبب .‏

و بموجب هذه الصفقة سيسمح للأطراف الموقعة شراء الأسلحة المتطورة من مقاولين أميركيين الى جانب حصول اسرائيل على مساعدات مالية أميركية خاصة .‏

واختتمت الصحيفة تقريرها بأنه من المقرر ان تبرم هذه الصفقة خلال اسبوع عندما يزور وزير الدفاع الأميركي تشاك هاجيل إسرائيل و المنطقة العربية ، ليتوج عاما كاملا من المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة و الدول الثلاث بشأن الصفقة و التي ستصبح الثانية من حيث الحجم بعد صفقة طائرات اف15 للمملكة العربية السعودية في عام 2010.‏

و في العودة الى السؤالين الهامين يرى العديد من الباحثين ان الاسلحة الاميركية المقدمة لاسرائيل تنتهك القوانين الاميركية لانها تصبح لاحقا ذات تأثير مدمر على الفلسطينيين بسبب اساءة استخدامها و خصوصا الاسلحة المحرمة دوليا مثل القنابل العنقودية و الفوسفورية و الغازات السامة و القنابل الانشطارية و غيرها من الوسائل العسكرية المحرمة دوليا ، كما يؤكد هؤلاء الباحثون بان الدعم العسكري لاسرائيل فقد كل مبرراته ومسوغاته بعد احتلال اميركا لافغانستان و العراق و مياه البحار المحيطة بالمنطقة العربية و تأمينها لمصالحها النفطية بشكل مباشر ، و مع كل ذلك فان هذا الدعم لا يزال مستمرا حيث يرى هؤلاء بان السبب يعود الى سطوة اللوبي اليهودي داخل البيت الابيض و الكونغرس و البنتاغون و بسبب تأثير منظمة (الايباك) اكبر اذرع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة على دوائر صنع القرار السياسي في اميركا ، فضلا عن عشرات بل مئات المنظمات الصهيونية داخل الولايات المتحدة التي تملك قرار الشركات الاحتكارية الكبرى في السلاح و المال و النفط .‏

من ينظر اذا الى حجم التسليح الاميركي لاسرائيل يدرك ان هذه الاخيرة لا تزال تعتبر جزءاً مهماً من الرصيد الاستراتيجي الاميركي في منطقتنا العربية و ان حروب الولايات المتحدة الاخيرة في العراق و افغانستان و لاحقاً ذرائعها للتدخل بحجة محاربة الارهاب تأتي جميعها لتأمين الامن الاسرائيلي و ان الكيان الاسرائيلي لا يزال يقوم بالوظيفة نفسها التي قام بها عبر العقود الستة و النيف السابقة .‏

و اما الحديث عن انتهاك الولايات المتحدة للقوانين و الاتفاقات الدولية و حتى لقوانينها المحلية فهو مجرد حبر على ورق لان اميركا هي الدولة الاكبر في انتهاك القوانين الدولية و انتهاك حقوق الانسان و هي الدولة التي تمتلك اكبر ترسانة نووية و جرثومية و كيميائية في العالم و هي التي تنتهك اتفاقيات بيع و تصدير الاسلحة و لايحاسبها احد بل ان الامم المتحدة و كل مؤسساتها العاملة تحاول التستر على ذلك و احيانا التشجيع عليه بحجة الامن العالمي لانها باتت اداة طيعة -مع الأسف -بيد الولايات المتحدة !!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية