تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف ننمي ذكاء أطفالنا في سن ما قبل المدرسة ؟

مجتمع
الأحد 12-5-2013
هدى الشعلة

التجربة المدرسية الحقيقية للطفل تبدأ منذ سن الثلاث سنوات إلى مرحلة ما قبل المدرسة، وفي هذه المرحلة يبتعد الطفل طويلا عن أمه، لذا يتوجب على الأم تقوية علاقتها أكثر بطفلها من خلال اللعب معه أو تجهيزه للأنشطة التي سيقوم بها في الحضانة، والتي تعتمد على الألعاب التعليمية،

وعلى توفير قصص تعنى بهذه المرحلة كتلك التي تحوي على الصور البارزة أو على صفحات للتلوين، وأن تجعل هذه التجربة ممتعة له من خلال القراءة معه ما يمكنه من تنمية قدرته على التعبير عن نفسه بثقة عن طريق الكلام، وبالتالي مساعدته فيما بعد على التواصل مع أقرانه ومع المدرسين.‏

كسر الحواجز‏

هنا لابد من إظهار شغف القراءة مع الطفل ومناقشته في التفاصيل والأحداث المثيرة في القصة، وأن ننمي فضول التعلم لديه، وأن ندمجه في الألعاب التعليمية من أجل رفع روح المبادرة ومستوى التركيز عنده، كي يتمكن أيضا من كسر أية حواجز يمكن أن تصادفه في العملية التعليمية نتيجة خوفه من الأشياء غير المألوفة لديه.تحضيره لإتقان الأنشطة عبر الألعاب المحفزة للقدرات ، وهذا ما يؤكده الباحثون والمختصون في هذا الشأن ويشيرون إلى أنه ينبغي على والدي الطفل عند التحضير للأنشطة التي تعتمد على الألعاب التعليمية أن يضعا في اعتبارهما الأمور التي تجهزه لمرحلة دخول المدرسة، مثل تعريفه على الحروف والأرقام، مع تجنب تعليمه الحروف بالترتيب، إضافة إلى التركيز على الألعاب المحفزة لقدراته كالتي تبين طريقة كتابة الكلمات وطريقة نطقها بوضوح، أو التي تظهر صورة ملونة لما يختاره الطفل، مثل المكعبات التي عليها حروف وصور واللوحات ذات الحروف التي تساعده على التعرف عليها بطريقة بسيطة، إضافة إلى الأغاني التي تردد طريقة كتابة الكلمات وستكون هذه الأغاني مفيدة إذا نجح والده في لفت انتباهه لكلمات الأغنية ومساعدته بالغناء معه.ويمكن أن تلعب الأم مع طفلها ألعاباً للعد من خلال الأنشطة التي تقوم بها على مدار اليوم، كأن يعدا حبات العنب التي يضعها في فمه ويأكلها مثلا، كما أن كتب العد التي تعطي الفرصة للطفل ليتعرف على الأرقام بشفها أو تلوينها هي أيضاً مفيدة كطريقة مباشرة للتعليم، و كل هذه الألعاب يمكن أن تكون ممتعة للطفل إذا تم تقديمها له بشكل ممتع، أما إذا أشعرناه بأن هذه الألعاب واجب عليه أو مهمة فسيحد ذلك من رغبته في التعلم.‏

دور التغذية والرياضة في تنمية المهارات‏

ويلفت المختصون انتباهنا إلى أن العناية بصحة الطفل وإعطاءه الغذاء المناسب يساعده على تقوية قدرته البدنية والعقلية وهذا يؤهله للدخول إلى المدرسة التي تتطلب طاقة أكثر و قدرة احتمال أكبر مما كانت عليه في مرحلة الحضانة, كما أنهم يحثوننا على إجراء تمارين رياضية له مناسبة لعمره تساعده على زيادة طاقته وقوته، ويشيرون إلى أن اصطحابه إلى النوادي وممارسة السباحة أو اللعب معه في الأماكن المفتوحة تعزز ثقته بنفسه وترفع قدرته على العمل في الجماعة والالتزام بالتوجيهات.‏

ويمكن الإشارة هنا إلى أهمية تنمية المهارات العضلية والذهنية لدى الطفل والتي تحتاج إلى تدريب مكثف لأنها تلعب دورا في تعليمه كيفية مسك القلم مثلا، وتساعده على تحسين وتقوية الحركات الدقيقة من خلال الألعاب التي تحتاج لمهارات يدوية كالمكعبات أو التي تحتاج للتركيب ويصنع منها أشكالاً مختلفة حسب ما يقوله المختصون.‏

التنشئة الاجتماعية تعزز حضوره‏

ولابد من التأكيد على أهمية التنشئة الاجتماعية ودورها في تعزيز حضور الطفل حيث يؤكد الباحثون أن الطفل المنمى اجتماعيا هو القادر على الانخراط في المدرسة بسهولة والتحكم بمشاعره الإيجابية والسلبية، وهنا ينبغي أن يحتضن الأبوان طفلهما وأن يمنحاه المزيد من حنانهما ليعززا فيه الثقة بالنفس وروح الطمأنينة، الأمر الذي يدفعه لأن يكون متعاونا مع أصدقائه وواثقا من نفسه ومن قدرته على التعبير، ويكون قادرا على تنفيذ التعليمات البسيطة الموجهة إليه وهذا كله يندرج تحت رعاية والديه في توظيف هذه المشاعر من خلال زرع الحب بينهما وبين طفليهما، وذلك عبر اللعب معه ألعابا لاتعتمد على العنف كتلك التي تنمي الحب لديه، وتغرس العادات الحسنة وحسن التصرف واللباقة مع الآخرين من خلال تقمص الأدوار مثلا، كلعبة الطبيب والمريض عبر شرح كيفية التعامل مع المرض فمثلا: المريض لايصرخ للتعبير عن مرضه وإنما يلتزم الهدوء ويعبر عن مكان ألمه بهدوء وعند خروجه من غرفة الطبيب يجب تقديم الشكر للطبيب المعالج، وهذا الموقف يكسب الطفل التحكم بمشاعره وضبط النفس والصبر والقدرة على التحليل.‏

وتعد المهارات الاجتماعية والمشاعرية من أهم المهارات التي يحتاج الطفل لاكتسابها قبل دخوله المدرسة، والأم والأب هما الأكثر تأثيرا إيجابيا على الطفل في جعله يثق بنفسه ليقوم بدوره بمفرده، ويكون متعاوناً مع الآخرين في الوقت الذي يستطيع فيه التعبير عن احتياجاته، وأيضاً قادراً على اتباع التعليمات والتحكم في مشاعره وانفعالاته السلبية، وهذه المهارات تزرع في الطفل من خلال الحب والصلة بينه وبين أبويه والذي يعززه اللعب الهادئ والممتع معه كما أسلفنا، والتي لاتعتمد على المنافسة الشديدة، أي التي لا تسبب ضغطاً، أو تحدث مقاطعات أثناء اللعب.‏

إن اختيار المدرسة «الحضانة» المناسبة للطفل هي التي تعزز إمكاناته العقلية وتنمي فيه حب المدرسة، فالمدرسة النموذجية تضع برنامجا خاصا للأطفال يتدرج في إعطائهم المواد الدراسية بلغة محببة تجنبه الوقوع بالمواد المنهجية التي تجعله يحكم على العملية التعليمية بأنها شيء ممل ما يشعره بعدم الحماس للأمر كله وهو ما زال في هذه السن الصغيرة، وسيبدأ وقتها رحلته التعليمية وهو يشعر بعدم تقديره لذاته، حسب المختصين الذين أكدوا أن اللغة المحببة تلك تنقل الأطفال إلى الدراسة الأكاديمية دون وجود صعوبات في تلقينها من خلال استخدام اللعب الذي هو جزء طبيعي من العملية التعليمية لهذا السن، وقد ثبت أن التعلم من خلال اللعب أكثر فاعلية من كتابة الأوراق وتلقين الدروس المكثفة التي قد تبعث الملل في نفوس الأطفال، فعلينا اختيار المدرسة التي تهتم بالطفل وتراعي مقدراته العقلية لينموا نموا سليما ويكون التعليم أساسا لمنهجهم.‏

أهمية حضور الأم‏

وأخيرا يجب التنبيه إلى نقطة هامة جدا وهي عدم الوقوع في خطأ رؤية الأم لطفلها لوقت قصير فقط بعد المدرسة لإطعامه فقط ثم يذهب للنوم، فلابد من الحرص على قضاء أطول وقت للحديث معه، أو اللعب وقراءة القصص لكي يحتفظ بعلاقته معها، كما أنه من المهم أن تتذكر الأم أنه أثناء اللعب مع طفلها أن تكون قريبة منه وأن تلتقي عيونهما قدر الإمكان، دون نسيان احتضانه أو التربيت «الطبطبة» على كتفه أو ظهره أو المسح على رأسه كلما أمكن، ما سيعطيه الأمان لبقية حياته.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية