تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إسرائيل المنهزمة.. على الأرض السورية

الأحد 12-5-2013
سلوى خليل الأمين

ظنت إسرائيل بهجومها العدواني أنها ستحبط العزائم السورية الصلبة، وستجعل الرعب والخوف يتسلل إلى الحارات الدمشقية الواقفة لها بالمرصاد،

ولم يخطر في بالها أن الرد سيكون بهذا العنف المقاوم، الذي لم تضعه إسرائيل على سطور مخططاتها ، وهو اتخاذ القيادة السورية الحكيمة قرارها الفوري بتجهيز منصات الصواريخ وإعطاء الضوء الأخضر بالرد الفوري على أي اعتداء دون الرجوع إلى القيادة، أضف إلى ذلك فتح جبهة الجولان ،المحكومة باتفاقية الهدنة التي حافظت عليها سورية وفقا للقرارات الدولية التي لم تحترمها إسرائيل طيلة عقود ودهور، ودعم حركة المقاومة الشعبية في الجولان ضد إسرائيل . هكذا أثبتت سورية أنها في المواقف الصعبة خير من يرسم الخطط الاستراتيجية لمقاومة إسرائيل، بحنكة المؤمن بقضيته والقادر على جعل فلسطين هي البوصلة المتحركة على الدوام.‏

إن هذا التحرك الاستراتيجي الذي رسمه الرئيس الأسد والقيادة السورية للرد على العدوان الإسرائيلي، أضف إليه تقدم الجيش السوري على الأرض في القصير وغيرها من المواقع التي باتت بعهدة الجيش النظامي بشكل كامل، في تحريك عجلة التسوية السياسية التي حملت لواءها الدولة الروسية بناء على مقرارات مؤتمر جنيف الذي أيدته الدولة السورية ، والذي عملت السلطة الأميركية على تأجيله مرات عديدة، من أجل إحراز نصر ما على الأرض، يمكنها من حمل أوراق تفاوضية قوية، لقمة بوتين وأوباما التي ستعقد قريبا، وبما أن كل الحسابات قد فشلت فشلا ذريعا، بسبب ثبات القيادة السورية على مواقفها الصلبة، المؤمنة بالشعب وقوة الجيش وعقيدته النضالية القوية ، لهذا هبط جون كيري وزير الخارجية الأميركية على الأرض الروسية باحثا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف عن حل قريب وسريع للأزمة السورية، يحفظ لدولته ماء الوجه الذي يهدر باستمرار، لأنه كل ما طالت الأزمة في سورية اشتدت عواقبها الوخيمة على عملائهم ومعارضاتهم وأذنابهم الموهومة بالنصر القريب . وها نحن نشهد كيف أنهم باتوا يعضون أصابعهم من عدم إدراكهم لتاريخ سورية العصية على الانهزام، هذا التاريخ البطولي الذي أوقعهم في شر مخططاتهم التي من الصعب انتشالهم منها ظافرين، وهم على هذا الغباء المستحكم بعقولهم الآسنة التي ظنت لدهور طويلة أن العمالة والقوة المعتدية على حرية الشعوب وكراماتهم ، قد تفلح في معظم الأحيان بإخضاع الشعوب، دون الأخذ بالاعتبار أن هناك شعوبا عصية على الانكسار، حيث إنها لا تهاب الموت في سبيل إعلاء كلمة الحق ، وأنها عند الشدائد تصبح كتلة نارية تحرق من حولها . نعم لقد علمتهم سورية خلال عامين وأكثر من العدوان السافر عليها باسم الديموقراطية المزيفة والحرية المبهمة ، أنها عصية على الاختراق، وأنها ليست ورقة تين تسقط بسهولة، بل هي صلبة كصخور قاسيون الصلدة التي تطوق هامة دمشق العاصمة بكل الأنفة والعزة والكبرياء.‏

لقد كان الرد الحاسم الدقيق والبناء ،على العدوان الإسرائيلي، الذي اتخذته القيادة السورية ، هو الصفعة القوية التي قصمت ظهر البعير عند العدو الصهيوني الذي لجأ إلى الاعتذار وتبرير ما حدث ، ظنا أن سورية ضعيفة في حالتها الحاضرة، وأنها ربما تلجأ لفتح جبهة جديدة لا تحسب عواقبها المدمرة، إلا أن حساباتهم الضعيفة فشلت، حين تم الإعلان عن اتخاذ القرار الصلب ألا وهو : تحويل سورية إلى دولة مقاومة ضد إسرائيل وفتح جبهاتها الحدودية لرجال المقاومة الشعبية.‏

الكل يعلم، بمن فيهم الأعاريب المضللين وسيدتهم الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل أهمية هذا القرار المتخذ بصلابة موقف شجاع لا يحتمل المراهنات، ويعرفون أن إسرائيل بتحديها الصارخ الدائم لكل القرارات الدولية وبهمجيتها العدوانية المبيتة على الدوام، زحفت إلى الهلاك بعقلها المسكون بالغرور والعطب، واسرائيل تعرف أنها لن تستطيع بعد الآن أن تكمل الطريق في عدوانية مستمرة على دول المواجهة العربية الصامدة، حسب ما يتم رسمه على أجنداتهم تلافيا لمطباتهم السياسية في الداخل، وتعرف أن جبهة المقاومة ستمتد من لبنان إلى الجولان حتى غزة بأسرع مما تتوقع وستكون نهايتها الصعبة والمؤلمة التي لم تخطط لها ولم تلحظها في بروتوكولاتها الشنيعة.‏

وإسرائيل حتما تعلم ، أن سورية ومعها المقاومة اللبنانية والفلسطينية ليست في جيوب الواقفين على أبواب السلطة الأميركية يطلبون إجراء عملية تبادل في الأراضي الفلسطينية المحكومة باتفاقية الأرض مقابل السلام، ظنا منهم أن فلسطين وقعت صكوكها باسمهم ولهذا يحق لهم التداول وعقد المعاهدات والتفاوض باسم الشعب الفلسطيني، علما أن إسرائيل هزئت من غبائهم في الخفاء، بل هي لا تضع لهم مكانا في مباحثات السلام التي تحلم بتوقيعها مع سورية، وها هي تشدد أمامهم على أهمية الاعتراف بها كدولة يهودية مع ما يترتب على هذا الأمر لاحقا من مطبات للعرب الأعاريب الذين لا يدرون ماذا يفعلون، والذين لم يحركوا ساكنا وهي تعتدي على الجامع الأقصى في القدس الشريف بغية تدميره لإقامة هيكل سليمان.‏

كما أن هؤلاء الأعاريب لا يفهمون ربما ، أو أنهم يتغابون عن تشدد إسرائيل على الاعتراف بيهوديتها، مما يعني ذلك إسقاط الفكر القومي العربي في دائرة النسيان، وانخراط جيل الشباب العربي الواعد في بوتقة المذاهب والأديان المتناحرة ، التي تودي في النهاية إلى التفتت والتقسيم والشرذمة ، كما هو حاصل اليوم وما نشهده من تنامي الحركات الأصولية الإسلامية ورفض فكرة الدولة المدنية، ومحاربة المسيحيين في الشرق ، والعمل على تهجيرهم من فلسطين والعراق ومصر وسوريا ولبنان أيضا. وهنا ربما على الجميع العودة بالذاكرة إلى مواقف هرتزل اليهودي الصهيوني الذي قال في ما مضى: « إن الدولة التي يطمح إلى تأسيسها، ويقصد الدولة اليهودية، ستكون منارة متقدمة للحضارة في وجه الهمجية». فهل من يقرأ ويتعظ؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية