تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محاربة الإرهاب أم تصويب سهامه؟

حدث وتعليق
الخميس 11-9-2014
ناصر منذر

رغم كل هزائمها في المنطقة، وما خلفته من ويلات وحروب ، إلا أن الولايات المتحدة وبحكم عقليتها المتسلطة ترفض حتى الآن الاعتراف بأن عصر هيمنة القطب الأوحد قد ولى إلى غير رجعة،

ولذلك فهي دوما تختلق الذرائع والأسباب لتبقى المتسيدة وصاحبة القرار الأعلى في العالم، ولا تملك إلا سبيلا واحدا لهذا الغرض وهو صناعة الإرهاب، وتفريخه وتصديره إلى بقاع الأرض، كما هو حاصل اليوم من خلال “ داعشها” ومشتقاته الإرهابية.‏

فاليوم وبعد أن صنعت “داعش” بالتعاون مع أتباعها في الغرب، وأجرائها في المنطقة، نراها تزبد وترعد، ومسؤولوها يصولون ويجولون في الدول المنضوية تحت عباءتها الإرهابية من أجل بناء “ تحالف دولي” لتكريس هيمنتها على المنطقة تحت لافتة محاربة مولودها “الداعشي”، واستبعادها للدول المعنية و التي تحارب الإرهاب، لا يشير إلا لحقيقة واحدة، وهي أنها ليست جادة على الإطلاق بمحاربة “ داعش”، وإنما العمل على ترويضه بعد أن بدأ يخرج عن سيطرتها، وإعادة توجيه إرهابه نحو الدول التي ترفض الانضواء تحت المظلة الأميركية.‏

والولايات المتحدة عندما تنتقي الحلفاء، فهي ترتكز على معايير دقيقة، تستند على مدى قابلية خنوع الحليف، وتنفيذه للأوامر دون أي نقاش أو اعتراض، على شاكلة مشيخات الخليج وبعض الأنظمة المستعربة، وبما أن الهدف الأساسي وراء حملات التجييش ضد “داعش” والإدعاء بمحاربته هو تقسيم المنطقة لحماية أمن الكيان الصهيوني، فلم تجد إدارة أوباما خيرا من الأنظمة الموالية لإسرائيل، وعلى رأسهم حكام آل سعود للمشاركة في هذه المهمة، وتوجه كيري لمضارب آل سعود كبداية لجولته في المنطقة هي للحصول على شيك مفتوح يغطي النفقات المترتبة على خطة أوباما، كما هي العادة عند كل حرب تشنها الولايات المتحدة أو اسرائيل.‏

من المفارقات الهزلية أن “ الحلف الدولي” الذي يعمل أوباما على إنشائه يضم الدول الأساسية الداعمة للإرهاب في العالم، وهذا يثير الكثير من التساؤلات والشكوك حول النيات الجدية في محاربة الإرهاب، لأن القضاء على هذه الآفة يستدعي بالدرجة الأولى العمل على تجفيف منابعها، فكيف لتلك الدول محاربة الإرهاب، وفي الوقت نفسه تواصل دعمها للتنظيمات الإرهابية، على اعتبار أن إرهاب هذا التنظيم “معتدل” وذاك متطرف، فالإرهاب لا يتجزأ، وهو واحد في كل مكان وزمان، ويكفي لأعضاء “الحلف الدولي” أن يكفوا عن دعمهم للإرهاب، حتى تتكفل الجيوش العربية التي تعاني بلدانها من الإرهاب من القضاء عليه بكل سهولة ويسر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية