|
قضايا الثورة المفارقة الأولى في الصحوة التي نزلت على ضمير باول أنه أكتفى باتهام بعض رجال الاستخبارات الأميركيين من ذوي الرتب الصغيرة بتقديم تلك المعلومات المضللة, ولم تصل به الجرأة إلى الاعتراف بأن إدارته بالكامل تتحمل مسؤولية هذا الخداع لتبرير احتلالها للعراق وتدمير مؤسساته وقتل شعبه وتفتيت أرضه إلى كيانات هزيلة على أسس طائفية وعرقية وأثنية. أما المفارقة الثانية في صحوة الضمير الباولي فتتلخص بقيام المسؤولين الأميركيين على الدوام بتبرير سياسات بلادهم تجاه القضايا الحساسة في العالم (حتى ولو كانت خاطئة) وعندما يستقيلون أو يحالون للتقاعد نراهم يعترفون بالأخطاء وتسريب بعض الحقائق معبرين عن ندمهم الشديد لما حصل, في وقت تكون استراتيجياتهم قد نفذت على أكمل وجه وكأن الأمر لا يعدو كونه صرفاً للأنظار عن مسائل معينة أو لمجرد الترويج لأفكار الديمقراطية الأميركية والشفافية التي يتغنون بها ويزعمون أنهم يسيرون على هديها. ألا نتذكر على سبيل المثال كيف اعترف جورج تينت مدير ال(سي آي ايه) السابق صراحة أن وكالته ارتكبت أخطاء في معلوماتها عن سعي العراق لامتلاك أسلحة الدمار الشامل ولكن جاء هذا الاعتراف بعد أن ضربت أميركا ضربتها واحتلت العراق?! ألم تحاول أيضاً كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية إلقاء مسؤولية ما جرى من تضليل على التقرير البريطاني الذي اعتبر أن العراق سيشكل خطراً كبيراً على الأمن العالمي في غضون فترة وجيزة وأنه بات يملك أسلحة محرمة دولياً تستدعي القيام بحرب عاجلة ضده ولكن أيضاً بعد أن أتممت إدارتها العمليات العسكرية على الأراضي العراقية ومر عليها فترة من الزمن?! ألم تحاول الإدارة الأميركية برمتها إخلاء ساحتها أمام الرأي العام العالمي حين ألقت باللوم على أجهزة الاستخبارات البريطانية بتعمدها ضخ تلك المعلومات الكاذبة حول الملف النووي العراقي ولكن أيضاً بعد أن نفذت ما تريد على أرض الواقع. إن الحقيقة الوحيدة التي يمكن البوح بها ومن دون أي تردد أن صحوات الضمير التي تنتاب هؤلاء المسؤولين المحالين للتقاعد ليست إلا لذر الرماد في العيون أو لتوجيه الأنظار إلى قضايا ما لطمس قضايا أخرى في هذا العالم وإلا لكان الأجدر بهؤلاء المسؤولين أن يكونوا شفافين أثناء الإعداد لتلك المسرحيات التي تدمر الشعوب وتقضي على حياتها ahmadh@ureach.com ">ومستقبلها!! ahmadh@ureach.com |
|