تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مساكن اسمنت طرطوس..بين العمالية والوظيفية..الشاغلون يطالبون بحق التملك..

مراسلون وتحقيقات
الأربعاء 14/9/2005
محمود ديبو

تقول الحكاية إنه في عام 1981 اشترت شركة اسمنت طرطوس مجموعة وحدات سكنية كانت ملكيتها تعود لجمعية الشاطئ الأخضر للسياحة والاصطياف وبموجب عقد بالتراضي آلت ملكية 283 وحدة سكنية وصالة طعام ومبنى إدارة وخزان ماء وغرفة تحويل كهرباء إلى قيود شركة طرطوس لصناعة الإسمنت ومواد البناء.

وهنا بيت القصيد, فمن المفروض أن تكون ملكية هذه المساكن عائدة إلى لجنة السكن العمالي لكي يستفيد شاغلوها من المرسوم التشريعي 46 لعام 2002 ويتملكوها,إلا أن الوضع الحالي لهذه المساكن بوصفها موجودات ثابتة لشركة اسمنت طرطوس يجعلها غير مشمولة بالمرسوم وبالتالي لن يستفيد شاغلوها من التمليك.‏

والمفارقة هنا أن الأموال التي مولت شراء هذه المدينة السكنية (26 مليون ليرة سورية) مصروفة من موازنة رئاسة مجلس الوزراء للسنة المالية 1981 من الباب الثالث والبند 312 مشروع السكن العمالي , وذلك بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 893 تاريخ 5/12/1981وكانت اللجنة العليا للسكن العمالي قد أقرت في اجتماعها بتاريخ 29 /11/1981 شراء مجموعة الوحدات السكنية الجاهزة لصالح سكن العاملين في شركة اسمنت طرطوس.‏

وفي كتاب لاحق للسيد نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات رئيس اللجنة العليا للسكن العمالي ونتيجة لتبيان أن الشركة تحتاج لمليون ليرة إضافة على المبلغ السابق لاتمام عملية شراء المساكن تم الايعاز لمن يلزم بصرف المبلغ لحساب شركة اسمنت طرطوس.(رقم الكتاب 8/1/31 تاريخ21/4/1985).‏

كل ما تقدم يوحي بأن المدينة السكنية لعمال اسمنت طرطوس هي سكن عمالي حيث مولت وأشيدت من أموال اللجنة العليا للسكن العمالي (تم اشادة 74 مسكناً اضافياً بنيت فوق المساكن الموجودة اصلاً في المدينة,وهذا تم بتمويل من اللجنة العليا للسكن العمالي).. إلا أن إدارة الشركة في حينها قامت بتسجيل تلك المساكن والعقارات المشادة عليها باسم الشركة في القيود العقارية وأصبحت بذلك موجودات ثابتة,واعتبرت المبلغ الذي مولت به المساكن سلفة على الشركة لصالح رئاسة مجلس الوزراء,وما زال يظهر في الميزانية‏

الختامية للشركة لكل عام على أنه كذلك..?!‏

وعليه فقد تحولت تسمية هذه المدينة من مساكن عمالية إلى مساكن وظيفية وفقد الشاغلون حقهم بالتملك أسوة بغيرهم من العمال القاطنين في المدن العمالية..!!‏

في التفاصيل‏

بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 2002 والقاضي بتمليك العمال المساكن التي يشغلونها والتي مولت وأشيدت من قبل لجنة السكن العمالي,شكلت لجنة على مستوى محافظة طرطوس لإعداد المسح الاجتماعي للمحافظة وتبيان وجود أوعدم وجود سكن عمالي في المحافظة,وخلصت اللجنة أنه لا يوجد سكن عمالي في محافظة طرطوس وإنما يوجد سكن وظيفي( اشارة إلى المدينة السكنية لعمال شركة اسمنت طرطوس).‏

ما يعني أن هؤلاء العمال القاطنين في المدينة السكنية ليس لهم حق التملك لتلك المساكن...وهنا بدأ ت المشكلة..حيث راح العمال يطالبون بحقهم في التملك في حين أصرت إدارة الشركة على اعتبار هذه المساكن وظيفية فهي من الممتلكات الثابتة للشركة إلى جانب أنها تقع في حرم الشركة..‏

ومنذ ذلك التاريخ بدأت الكتب والمراسلات والعرائض تنتقل من جهة إلى أخرى ومن مدير إلى وزير إلى رئاسة الحكومة إلى اتحاد العمال إلى المحافظ ومن ثم تعود مذيلة بعبارات مطاطة(للمتابعة -لبيان الواقع للاطلاع واجراء اللازم لبيان الرأي والاعادة..) وفي كل هذا لم يستفد العمال شيئاً..وذلك أن المشكلة ما زالت قائمة وهي تتلخص بكلمتين اثنتين فيها الفصل بالنسبة لواقع تلك المساكن فهي إما أن تعتبر عمالية فيتملكها العمال أو أن تعتبر وظيفية فيسقط حقهم بالتملك وتبقى على قيود الشركة??!!‏

وفي هذا نشير إلى مفارقة قد يكون لها مدلولات وقد يتمكن ذوو البصيرة النافذة أن يقرؤوا مابين سطورها الشيء الكثير..‏

وتقول المفارقة إنه بتاريخ 13/10/2002 أي بعد صدور المرسوم 46 بمدة قصيرة رد السيد مدير عام المؤسسة العامة للإسكان على كتاب لمحافظ طرطوس بخصوص بيان امكانية تشميل المساكن بالمرسوم وتمليكها للعمال,بالقول إنه تمت إشادة 74 مسكناً عمالياً (طابق ثان) فوق المساكن القديمة بتمويل من اللجنة العليا للسكن العمالي وبما أن هذه المساكن مشادة وممولة من قبل اللجنة العليا للسكن العمالي فإنه ينطبق عليها مضمون المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 2002 ولوضعه موضع التنفيذ رجا المدير العام في كتابه التوجيه لمن يلزم لنقل ملكية العقارات المشادة عليها هذه المساكن إلى ملكية المؤسسة ليصار إلى توزيعها على الشاغلين بعد تزويد المؤسسة باسماء العمال وأرقام الشقق.‏

إلا أنه وبعد عام كامل من هذا الكتاب الموجه لمحافظ طرطوس وبناء على ماخلصت إليه لجنة المسح الاجتماعي المشكلة من قبل رئاسة مجلس الوزراء وعلى طلب شركة اسمنت طرطوس اعتبار المساكن هذه تابعة لها وعدم تمليكها لشاغليها قام السيد مدير عام المؤسسة العامة للإسكان وبكتاب موجه لرئاسة مجلس الوزراء ,قام بالطلب لاعتبار هذه المساكن وظيفية وليست عمالية, ومطالبة شركة اسمنت طرطوس بتسديد قيمتها للمؤسسة.‏

> المهندس غسان سنجقدار مدير السكن العمالي في المؤسسة العامة للإسكان أكد للثورة أن قضية مساكن اسمنت طرطوس اشبه(بكبكوبة خيطان مشربكة) ومعقدة وحلها صعب ,وصف السنجقدار الحالة الفنية للمساكن بأنها سيئة جداً ولايمكن تمليكها للعمال بوضعها الحالي..(فهي مبنية على نظام الشاليهات وليست مخصصة للسكن الدائم)..‏

> وهذا ماأشار إليه السيد رئيس اتحاد عمال طرطوس في لقائنا معه وقال: إن تسليح الأبنية ضعيف جداً(قضبان الحديد المستعملة 6ملم) وهذا يشكل خطورة على الشاغلين.‏

> العامل محمد صيوح قال: أعمل في الشركة منذ 28 عاماً وليس عندي سقف يأويني أنا وأبنائي التسعة سوى هذا المسكن‏

الذي جاء المرسوم ليملكنا إياه إلا أن إدارة الشركة رفضت ذلك بحجة أنه سكن وظيفي رغم ما تبين من خلال الكتب والمراسلات أنه سكن عمالي, وأمامي مشكلة أنني سأتقاعد بعد عامين تقريباً ...هل أسكن في الشارع مع عائلتي..?!‏

نحن نحمل الإدارات السابقة للشركة مسؤولية مانحن فيه الآن, علماً أن الإدارة الحالية تعاونت معنا وتفهمت موقفنا وطالبت الجهات الوصائية بتمليكنا.‏

> السيد ابراهيم غانم رئيس نقابة العمال في الشركة قال: نحن أجرينا تقييماً لهذا الموضوع وتبين لنا أننا لسنا قادرين على تمليك المساكن للعمال إلا إذا ساعدتنا الجهات الوصائية ممثلة باللجنة العليا للسكن العمالي والاتحاد العام لنقابات العمال ورئاسة مجلس الوزراء ونحن بمطالبنا كتبنا وراسلنا رئاسة مجلس الوزراء,وأرى أنه من المناسب أن يصدر عن رئاسة مجلس الوزراء قرار بتمليك المساكن لقاطنيها وإجراء تقاص تكلفة بين العمال وإدارة الشركة.‏

> بدوره السيد حسن أحمد أمين الفرقة الحزبية في المدينة السكنية‏

قال: إن المدينة قسمان الأول تم شراؤه بتمويل من اللجنة العليا للسكن العمالي, إذاً هوسكن عمالي والثاني 74 مسكناً أشيد على المساكن القديمة بتمويل من اللجنة نفسها, فإذاً هو سكن عمالي أيضاً وبهذا يجب ألا يكون هناك التباس وأرى أن الشركة مسؤولة عن معالجة الخطأ الذي ارتكبته إدارة الشركة في ذلك الوقت,وأضاف إن الإدارة السابقة للشركة (فاخري) طالبت باعتبار المدينة سكناً عمالياً ووافقت الحكومة على ذلك بشرط أن يتم دفع ثمن هذه المساكن,لكن لم يدفع الثمن لسبب ما..?!ووجد أن المشكلة تكمن في المراسلات الخاطئة من قبل إ دارة الشركة والتي لم تعتمد قرار اللجنة التي شكلت من قبلها وتضم بعض العاملين في الشركة والتي جاء قرارها باثبات أن المدينة سكن عمالي وليس وظيفي ,أيضاً ورغم محاولة الإدارة الحالية مساعدتنا للوصول إلى حقنا إلا أن الكتب المرفوعة من قبلها أغفلت عبارة هامة وهي إن المساكن مشادة وممولة من قبل اللجنة العليا للسكن العمالي, رغم إن هذا مثبت بالوثائق والمراسلات الموجودة في ديوان الشركة.‏

> المهندس ابراهيم عباس المدير العام الحالي لشركة اسمنت طرطوس‏

بدا متعاطفاً مع مطالب العمال وقال إنه وجه الكتب اللازمة بذلك وخاطب الجهات الوصائية وقال إنه وحتى لا تبدو الإدارة الحالية حجر عثرة في طريق العمال في الوصول إلى حقهم قمت بالتأكيد على هذا الحق في كافة الاجتماعات والمراسلات والكتب والمخاطبات وطلبت حل هذه المشكلة بطريقة وبما يحقق مصالح العمال في تملكهم للمساكن ,إلا أن ما هو مثبت إن المدينة مسجلة في السجل العقاري باسم الشركة.‏

وبذلك فهي تعتبر من موجوداتها الثابتة ولا يمكن التنازل عنها بهذه البساطة إن لم تكن هناك صيغة قانونية أو حل مناسب لا يوقعنا في اشكالات, ورغم ذلك ما زلت مع مطالب العمال ومع حقهم بالتملك وهذا ما نتمنى أن تفصل به الجهات الوصائىة.‏

العمال وبعد أن نفد صبرهم وأعيتهم الحيلة لجؤوا إلى القضاء محركين دعوى أقاموها على الشركة وكلهم أمل أن يفصل لهم القضاء ويوصلهم إلى حقهم..‏

وهنا وكنتيجة لجملة مقدمات ليس أولها تمسك إدارات الشركة السابقة بملكية المدينة وليس آخرها ماوصل إليه الحال من انقسامات داخل الشركة جعلت الإدارة تبدو فريقاً يقف على طرف والعمال التائهون في ظلمات المراسلات وتدافع الكتب والشروحات يقفون على الطرف المقابل ولأن الموضوع وصل إلى الصحافة المحلية وتم تناوله بمواضيع عدة في أكثر من صحيفة, هنا برزت مشكلة جديدة عززت هذا الانقسام وعمقته, فقام عدد من العمال برفع دعوى شخصية بحق المدير العام والسبب مانسب إليه من كلام تفوه به بحق العمال, ونشرهذا الكلام في موضوع تطرق في أحد جوانبه إلى مشكلة المدينة السكنية.‏

وبمتابعتنا لهذا الموضوع الذي يبدو بالغ الأهمية لجهة ما قد ينجم عنه من ارتكاسات غير محسوبة العواقب أولها التأثير على مستوى وأداء العمل والانتاجية وقد لايكون آخرها أجواء مشحونة ومتوترة داخل الشركة ويمكن لنا هنا أن نتوقع ما قد تسوقه من نتائج سلبية ...وقد تأتي النتائج بعيدة عن كل التوقعات إذا لم يُصر لوقف هذا النوع من الصدام الذي يحيد الجميع عن الأهداف الموضوعة...!!‏

> المهندس ابراهيم عباس (المدير العام) اعتبر أن ما نسب إليه من عبارات وردت منشورة على لسانه هي بقصد الاساءة الشخصية له أولاً وخلق شرخ بينه وبين العمال.‏

ووجه رداً وصف فيه تلك العبارات المنسوبة إليه أنها منافية للمنطق والحقيقة وأنها لم تصدر عن لسانه أبداً..(وهنا نحن لسنا في صدد ما نشر وما تم الرد عليه من حيث المبدأ ولسنا بصدد التشكيك بزملائنا الصحفيين وإنما نورد الحادثة هنا لنصل إلى ما آلت إليه من نتائج).‏

> وللوقوف على مجريات هذا الموقف استمعنا للسيد محسن شاش رئيس الرقابة الداخلية في الشركة الذي قال: وردت إلينا مجموعة من الكتب المقدمة من بعض العمال الشاكين فيها تحريض عدد من العمال القاطنين في المدينة السكنية والغاية من ذلك جمع أموال والتحريض على إقامة دعوى بحق المدير العام بسبب ما نسب إليه من أقوال في إحدى الصحف بحق عمال الشركة.‏

يضيف السيد شاش أنه بعد التدقيق تبين لنا أن هناك مجموعة من العمال (عشرة عمال) وعلى رأسهم (ع.ش) يقومون بتحريض العمال البسطاء واستغلال ما نشر لاثارتهم ضد المدير العام علماً أن المدير العام ارسل رداً رسمياً إلى الصحيفة ونشر فيها موضحاً موقفه ومدى صحة ما نسب إليه, وهم يريدون من ذلك إثارة البلبلة واستقطاب أكثر عدد من العمال في الشركة ليقفوا ضد المدير العام محاولين في ذلك الضغط تجاه تمليك المساكن.‏

علماً وكما هو مثبت بالوثائق إن مواقف الإدارة الحالية والمدير العام تشير إلى تبني حقهم بالتملك ومساندتهم في ذلك وإن كان وقع اخطاء في الإدارات السابقة فلا يمكن للإدارة الحالية أن تتحمل ذلك خاصة وأنها لا تتبنى مواقف الإدارات السابقة..‏

ويتابع السيد شاش القول :إن ما قام به هؤلاء العمال من أعمال غير مسموح بها ومخالفة القوانين والأنظمة المرعية لذلك وبعد معالجة الموضوع أعد تقرير للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بحق هؤلاء وتمت مخاطبة فرع الحزب بطرطوس للتحقيق مع الرفيق أمين الفرقة في المدينة السكنية الذي هو واحد من تلك المجموعة, مع العلم أنني طلبت البعض من هؤلاء العمال للسماع إلى اقوالهم ومعرفة حقيقة ما يطالبون به إلا أنهم لم يحضروا..‏

> السيد حسن أحمد أمين الفرقة الحزبية في المدينة السكنية قال : اتهمت بجمع أموال من العمال لتأمين اتعاب المحامي ومصاريف الدعوى وأنا اتحدى أي أحد يقول إنني شاركت في ذلك أو وقعت على معاريض أو زرت أحداً بخصوص ذلك.‏

وإذا حصلت بعض الممارسات من هذا القبيل فأنا لم أسمع بها, وبالنسبة للدعوى فإن كل عامل نزل إلى المحكمة ودفع الرسم ولم يجبره أحد على ذلك ولم يؤثر عليه أحد ونحن ليس لدينا أي علاقات ثأرية بيننا وبين المدير العام ورفعنا الدعوى أمام القضاء لنتبين من المخطىء الصحافة أم المدير العام, وبعدها ليحاسب ذلك المخطىء.‏

وأنا شخصياً لم أتأكد من الصحفي صحة ما ورد في المقال, لكن (سمعت) من (الآخرين) أن الكلام تفوه به المدير العام أمام الصحفي ,وأنا كأمين فرقة يجب أن أحرص على كرامة العمال وأن أكون طليعة في المطالبة بحقوقهم..!!‏

وبالنسبة لموضوع التعويضات فقد اطلعت على (فيش) بعض الرواتب لزملائنا في شركة اسمنت عدرا ولاحظت فرقاً كبيراً جداً بيننا وبينهم.. لذلك طالبنا بتحسين تعويضاتنا..!!‏

أخيراً‏

إلى هنا وعلى ما يبدو أن الأمور وإن استمرت على هذا الحال ستزداد تفاقماً وتعقيداً, خاصة وأنها بدأت تحيد عن مسارها وهدفها الأساسي هو تمليك العمال مساكنهم التي يشغلونها أو تقرير تلك المساكن وظيفية ولا يمكن تمليكها (وهذا يجب أن يأتي من جهة وصائية) لانهاء حالة التأزم التي قد تصل مرحلة يصعب بعدها إعادة الأمور إلى نصابها..!!‏

وبكل تأكيد وحسب افتراضاتنا (بناء على حسن نية) فإن أياً من الطرفين لا يطلب إلا العنب ولا شيء غير ذلك تاركين الناطور ينعم بهدوء وسلام..‏

إلا أن ما أوصل الأمور إلى هنا على ما يبدو أن كميات كبيرة من الحصرم قد هضمها السابقون وتركوا اللاحقين يضرسون..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية