تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التطهير العرقي.. 500 ألف نازح.. مدن وقرى مدمرة..

الجولا ن في القلب
الأثنين 4/8/2008
إعداد: خالد محمد خالد

سياسة التطهير العرقي التي نفذتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على الجولان المحتل, وتدميرها المنظم للقرى السورية وتهجير سكانها من قراهم وديارهم.

كانت محور البحث والدراسة (الأولى من نوعها) التي يتناولها مؤتمر عربي أو دولي, فقد عقد في الناصرة مؤتمر حول التطهير العرقي للكيان الصهيوني في الأرض المحتلة وسلط الأضواء على الجريمة التي اقترفتها (إسرائيل) بحق أبناء الشعب السوري في الجولان المحتل, واقتلاع السكان العرب من أرضهم وقراهم ورغم مرور أكثرمن واحد وأربعين عاماً على سياسة التطهير العرقي التي نفذتها (إسرائيل) في الجولان المحتل, إلا أن الرواية الرسمية الإسرائيلية ما زالت تدعي أنها احتلت الجولان خالياً من السكان المدنيين.‏

التطهير العرقي والترحيل القسري للعرب على مدارسنوات الصراع العربي الصهيوني, صفة ملازمة للفكر والعقيدة الصهيونية ولايمكن الفصل بينهما أبداً.. الجولان المحتل.. بيت مهدم.. وبقايا جامع وأنقاض كنيسة..‏

إن كل من استطاع زيارة الجولان المحتل, ومدينة القنيطرة المحررة, فإنه وبشكل تلقائي يستطيع رؤية الحجارة البازلتية المتناثرة في كل الأنحاء, ومن يمعن النظر أكثر يدرك أن هذه الحجارة منتشرة ومتناثرة في خطوط مستقيمة كانت حدوداً فاصلة بين أملاك من سكن هنا من السوريين. ومن يدقق أكثر يستطع أن يرى ويلاحظ أيضاً أكوام الاسمنت, المرتفعة عن سطح الأرض والتي هي عبارة عن بيوت كانت قائمة وقسم منها متعدد الطوابق قد سويت بالأرض, وبقيت مجرد أنقاض, ويستطع رؤية بقايا مآذن وجوامع العبادة وأنقاض الكنائس التي دمرتها القوات الإسرائيلية أثناء وبعد احتلال الجولان عام ,1967 ورغم انتشار الدمار والخراب فإن الزائر يستغرب أن يرى في هذا المشهد شجرة تين أوصبار أو كرم عنب مازالت واقفة بين الأنقاض وكأنها ترفض أن تموت قبل أن تحكي شهادتها على مأساة لم ترو بعد, منتظرة عودة النازحين الذين أجبروا على ترك ديارهم.‏

في كتابه المشهور, التطهير العرقي في فلسطين, يقول ايلان بابه: (لقد أصبح من المستحيل تقريباً, بعد الهولوكوست, إخفاء جرائم شنيعة ضد الإنسانية, و الآن في عالمنا المعاصر, الذي يشهد ثورة في مجال الاتصالات, وخصوصاً مع تكاثر وسائط الإعلام الالكترونية وانتشارها, لم يعد بالإمكان انكار كوارث من صنع البشر, أو إخفاؤها عن أعين الرأي العام, ومع ذلك, فإن هناك جريمة كهذه جرى محوها كلياً تقريباً من الذاكرة العامة العالمية كالتطهير العرقي الذي حدث في الجولان, دون الخوض بالوسائل والأساليب والإثباتات.‏

وهنا إن ماحدث في الجولان المحتل وجنوب لبنان, ومازال يحدث اليوم ضد الفلسطينيين في صحراء النقب, والجليل والضفة الغربية, من استمرار سياسة التطهير العرقي, يثبت أن هذا الفعل مازال مستمراً ويمارس بشكل منهجي ومدروس وإن اختلفت الأساليب والوسائل, ورغم ذلك فإن هناك شبه قناعة دولية وقناعة لدى الرأي العام العالمي بأن( إسرائيل) ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وفق المفهوم الدولي والقانوني, وبعض مجرمي الحرب الإسرائيليين مطلوبون أمام قضاء بعض الدول التي تحترم الاتفاقيات الدولية, لكن رغم ذلك فإن مايثير الإحباط وخيبة الأمل أن هيئات دولية وحكومية عالمية منحت بعض مجرمي الحرب جائزة نوبل للسلام بدلاً من أحكام عقابية رادعة.‏

قبيل سقوط الجولان تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي في حزيران من العام 1967 بلغ عدد سكانه مايقارب 130000 ألف سوري سكنوا في مدينة القنيطرة و222 قرية ومزرعة, في شهر آب من نفس العام ( أي بعد شهرين من الاحتلال) أشارت الإحصائيات الرسمية التي قام بها الحاكم العسكرية الإسرائيلي بقاء 6396 مواطناً سورياً في الجولان.‏

واليوم يبلغ عدد النازحين من أبناء الجولان المحتل مايقارب ال 500000 مواطن يعيشون في دمشق ومناطق سورية أخرى, أما الذين بقوا في الجولان فازداد عددهم إلى مايقارب 18000 يعيشون في 5 قرى عربية.‏

تجاهل إسرائيلي مطلق‏

خلال أكثر من 41 عاماً مضت على الاحتلال الإسرائيلي للجولان, مازالت الرواية الرسمية الإسرائيلية تتجاهل بشكل مطلق عملية التهجير التي حصلت في الجولان عام 1967 وتدعي بأن الجولان كان خالياً من السكان المدنيين, إلا قلة من أسر وعائلات الجيش السوري, الذين سكنوا بشكل مؤقت في الجولان خلال تأدية الخدمة العسكرية وبعض عشائر البدو الرحل.‏

وبالرغم من كل ماقيل فإن هناك العديد من الأدلة والحقائق التي تثبت وبشكل قاطع أن القوات الإسرائيلية قد قامت وبشكل منهجي بتطهير الجولان من سكانه العرب بهدف الاستيطان وتوسيع دولة ( اليهود).‏

فالجنرال المتقاعد رحبعام زئيفي وفي نقاش بينه وبين دافيد إليعازر والذي نشر في جريدة (يديعوت أحرونوت), قال إن دافيد إليعازر قد قام بطرد سكان كل القرى العربية من الجولان وذلك بعد حصوله على موافقة قائد الجيش- رابين ووزير الدفاع في حينه موشيه ديان.‏

وكتب الصحفي البريطاني الشهير باتريك سيل: إن (إسرائيل) قامت بنهب القنيطرة وافرغت القرى المحيطة بها من سكانها وخلال مايقارب ستة أشهر بعد الحرب قامت (إسرائيل )وبالقوة بطرد ما يقارب 90 ألف سوري لينضموا إلى 30 ألف نازح خلال الحرب.‏

ممالاشك فيه أن هذه المؤشرات والدلائل مازالت تخفي وراءها الكثير من الحقائق حول ما جرى في الجولان عام ,1967 ومن أجل استكمال الصورة فإنه لابد من القيام بتوثيق ممنهج وعلمي وقبل فوات الأوان للتاريخ الشفوي للنازحين من الجولان.‏

إن ما جرى في الجولان عام 1967 من تهجير وهدم بيوت المدنيين لهو جريمة حرب اقترفت وبشكل مبرمج, ضد المدنيين السوريين في الجولان, تتحمل (إسرائيل ) مسؤوليتها القانونية, والأخلاقية, والعملية بشكل كامل.‏

ونأمل من الباحثين والمهتمين إغناء النقاش حول التهجير القسري في الجولان المحتل, والمزيد من العمل من أجل كشف ماحصل عام 1967 وتحميل (إسرائيل) المسؤولية الكاملة عن التطهير العرقي في الجولان المحتل.‏

khaledgolan @yahoo. com‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية