تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كاراديتش..في قبضة العدالة!

نيويورك تايمز
ترجمة
الأثنين 4/8/2008
ترجمة:حكمت فاكه

رادوفان كارازديتش,الزعيم الصربي البوسني السابق والمتهم بارتكاب جرائم بحق مسلمي البوسنة,أمضى سبع سنوات مختبئاً وراء لحية بيضاء منسابة وشعر طويل,يعيش ويعمل في بلغراد كطبيب للأدوية البديلة,(ويمشي بحرية في المدينة) وباعتقاله أخيراً بعد مطاردة دامت أكثر من اثنتي عشرة سنة,

سيتم تقديمه للمحاكمة لينال,كما هو متوقع,عقوبة السجن مدى الحياة للجرائم التي خطط لها وكما وصفها المدعون العامون ضمن الأدلة والاثباتات والبراهين المقدمة ضده بأنها (مشاهد من جهنم كتبت على أسود صفحات التاريخ).‏

ولدى الإعلان عن اعتقاله,حتى قبل نشر وسائل الإعلام للخبر,عمت الأفراح والابتهاجات جميع أنحاء العاصمة البوسنية,كما رحب الاتحاد الأوروبي بهذا الاعتقال,ووصف المدعي العام لمحكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة اعتقال كارازديتش بالخطوة المهمة في جلب أحد مهندسي أسوأ مذبحة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية إلى العدالة ويكتسب اعتقال كارازديتش أهمية كبيرة ناتجة بالدرجة الأولى من كونه حصل على يد السلطات الصربية واعتقاله ليس ذا مغزى تاريخي فقط,وإنما يزيح هذا الاعتقال شخصية لا تزال تلعب دوراً تخريبياً كبيراً ضد عملية السلام الجارية في منطقة البلقان,إضافة إلى المكانة السيئة التي احتلها في تاريخ المنطقة بحماسة الدؤوب لجرائم التطهير العرقي.‏

يضاف إلى ذلك أن هذه الخطوة تضع صربياً قريباً جداً من نيل عضوية الاتحاد الأوروبي,والحقيقة أن المدعين العامين في لاهاي ومسؤولي الاتحاد الأوروبي كانوا يشتبهون في اختباء كارازديتش في صربيا قبل تكثيف ضغوطهم على المسؤولين في بلغراد لتسليمه.‏

ويذكر هنا أن فشل المسؤولين الصربيين في اعتقال كارازديتش وراتكو ملاديتش الجنرال الصربي البوسني الهارب والمتهم أيضاً بارتكاب جرائم حرب كان يعيق إقامة علاقات أفضل مع الاتحاد الأوروبي بعد الحرب في البوسنة ثم في كوسوفو,وعن اعتقال كارازديتش قال-رشارد هولبروك- الذي رعى اتفاق دايتون,الذي أنهى الحرب في البوسنة عام 1995:(إنه حدث تاريخي ..فمن بين أشر الرجال في البلقان ميلو سيفيتش وكارازديتش وملاديتش..واعتقد أن كارازديتش هو أسوأهم,والسبب أنه كان عنصرياً في الحقيقة,إذ كان يستمتع حقاً بقتل المسلمين,بينما كان ميلو سيفتيش انتهازياً, وأوضح هولبروك أن مسؤولية صربيا لا تنتهي باعتقال كارازديتش حيث قال:(يجب أن يقبضوا على ملاديتش).‏

وبعد عملية الاعتقال,تم نشر أفراد من الشرطة المسلحين بالقرب من محكمة جرائم الحرب في بلغراد,كما تم نشر قوات الشرطة حول سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لحمايتها,وذلك بعد أن أشعل فيها متظاهرون النار في شباط الماضي احتجاجاً على إعلان كوسوفو الاستقلال.وتشكل عملية الاعتقال بعد أكثر من اثني عشر عاماً على اختباء كارازديتش ثمرة جهود غربية طويلة على صربيا لاعتقاله بسبب المذابح التي ارتكبها في مدينة(سريبوينيتشا) البوسنية في واحدة من أبشع جرائم حروب البلقان,حيث راح ضحيتها ثمانية آلاف رجل وشاب مسلم في عام 1995 .‏

والصورة التي عرضت للصحفيين تظهر كارازديتش بشعر أبيض طويل ولحية بيضاء منسابة وطويلة وشارب أبيض,وقد اختلف مظهره كلياً من شخصية ذات شعر رمادي مألوف قبل ثلاث عشرة سنة للجميع.‏

وبدا من صورة اللحية بالمقارنة مع صورته المألوفة أنه خفف من وزنه وقد وصف الدبلوماسيون الغربيون اعتقال كارازديتش على أنه دليل على عزم وتصميم صربيا على ربط مستقبلها بالغرب ووضع التعصب القومي الماضي وراءها.‏

وترك اعتقال كارازديتش برعاية الحكومة الجديدة,صدى ايجابياً خاصاً لأن الحكومة مؤلفة من تحالف لم يكن متوقعاً يضم -ديمقراطيي-تاديتش وحزب ميلوييفيتش -الحزب الاشتراكي-الذي خاض حرباً ضد الغرب في تسعينيات القرن الماضي,ولكنه يتعهد اليوم بإعادة صربيا إلى الغرب.‏

ويعد هذا الاعتقال مؤشراً من شأنه التسريع بانضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي,وفي هذا الإطار قال المسؤول عن التوسع في الاتحاد-أولي رين-إن اعتقال كارازديتش يشكل محطة ستساعد على تعبيد الطريق أمام انضمام هذا البلد البلقاني الفقير إلى الاتحاد الأوروبي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية