تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في مواجهة الأذى

آدم
الأثنين 4/8/2008
رويدة قاسم عفوف

لماذا هذا الشعور عند غالبية الناس بالأذى من الآخرين?

لماذا يبدو الناس أشبه بجزر الألم, كل في جزيرة ألمه يحمي نفسه من اعتداءات الآخرين عليه?‏

لماذا الألم من أذية الآخرين واعتداءاتهم المباشرة وغير المباشرة, بات أكثر عمقا من ألم الجوع للرغيف أو للدواء أو ألم الحاجة إلى القلم ودفتر المدرسة لأطفالنا?‏

كأن لغة العنف في السلام المفترض أكثر عنفا من زمن الحرب, كأن العدوانية باتت سلوكا عاما. القتل الجسدي المباشر توقف لكن لغة القتل في العلاقات اليومية امتهناها في سلوكياتنا العنيفة والمريضة لأننا بدأنا التعامل بلغة إلغاء الآخر, ولغة العنف والأذية والعدوانية, هكذا بمبرر أو دون مبرر.‏

كأن الواحد منا لم يعد يغمض له جفن إذا لم يحص في آخر يومه, كم من الناس ألحق الأذى وكم ألقى نار الحقد على كرامات وكم قتل من مشاعر, وكم تسبب بجروح وصدمات لغيره.‏

ويبدو أن ثمة مشكلة تدفع المجتمع إلى الجنون إذا لم يكن إلى الانقراض.‏

هل هي أزمة أخلاق, أم أزمة مجتمع?‏

هل تلاشى المجتمع الإنساني, وباتت لغة ( قلة الأدب) سائدة?‏

قلة الأدب!!? نعم.. فقلة الأدب ليست فقط حين نخرج عن أصول اللياقة في التعامل والكلام بل حين يصير تصرفنا خارجا عن الأدب والأخلاق ليس بمعناها الإنشائي والتجريدي, بل بغيابهما بهذا الكم من العنف والوحشية في علاقاتنا ببعضنا البعض.‏

كأننا في مجتمع يستنزف أغبياؤه أذكياءه, وأهل الشر فيه أهل الخير, وتستنزف الكراهية ما تبقى من مقدار الحب بين الضلوع والعيون.!!‏

أليس عنفا أن يمس أحدهم حياتك الشخصية ولا يعرف أحد حدوده!!?‏

أليس عنفا أن يصبح التعبير عن وجودك عن طريق إلغاء الآخرين, وتسفيههم والتعالي عليهم?‏

كأن الأخلاقيات في مشكلة والسبب هو قلب المقاييس واستباحة الأصول وسيادة مقولة الادعاء ومنطق الغبار..!!‏

كأنها حرب ضد من يعرف ويفكر ويخدم, ولاحدود لأي واحد ولا محاسبة فالكل يعرف ما لا يعرفه الآخرون, من منا يعترف بآخر ويحاوره أو يسأل بصدق أو يعرف ما له وما عليه.??‏

لاتعرف لماذا يحقد هذا عليك أو يغار منك, أو لماذا يريد إلغاءك أو لماذا يكرهك?‏

هل بات العالم ضيقا لا يتسع إلا للعنف والعدوانية ولقلة الأدب والذوق..??‏

ألهذا الحد تصغر جزر الفرح فينا ويموت الحب.??‏

ألهذا الحد تكبر الأنا والأنانية لتؤذينا بعنف آخر, بمقولة دارجة مفادها: إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب..??‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية