تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


زواج الأقارب و الأمراض الوراثية..د. ابراهيم: ليس صحياً في كل الحالات..

مجتمع
الأثنين 4/8/2008
محمد عكروش

يزداد شأن الوقاية النوعية من الأمراض الوراثية يوماً بعد يوم, ولعله سيضحي أداة فعالة جداً في الوقاية من كثير من الأمراض ولقد زاد اهتمام المنظمات الصحية على اختلافها وخاصة منظمة الصحة العالمية بعلم تحسين النسل الذي كان حلماً يراود أذهان الباحثين النفسيين والاجتماعيين

ويعد اليوم من أرقى علوم الوراثة أي أن يأتي جيل يتمتع بقدرات عقلية عالية, وبنية جسمية فائقة ونفسية منفتحة, غير متشائمة, وغير مريضة لهذا جاءت الشرائع السماوية بدعوتها الصريحة إلى الرجال لاختيار الزوجات الصالحات حتى تسري إلى الأولاد عناصر الخير والفضيلة وصفات الكمال الجسمية والنفسية إلا أن الاستشارة الوراثية في عصرنا الحاضر تقي الذرية من الأمراض الوراثية التي تنتقل في زواج الأقارب فهي تقي الذرية من الأمراض الوراثية التي تنتقل في زواج الأباعد أيضاً.‏

وقد لا ينصح كثير من علماء الوراثة بالزواج من الأقارب على اعتقاد أن زواج الأقارب ينقل الأمراض الوراثية من الآباء إلى الذرية أكثر مما هي في زواج الأباعد ولقد تحمس كثير من العلماء لهذا الرأي وهنا نتساءل هل هذا الرأي صحيح علمياً في كل الأحوال:‏

حقائق أساسية‏

فيتصدى لهذا التساؤل الدكتور أحمد شوقي ابراهيم مستشار الأمراض الباطنية فيقول: إذا نظر أي عالم نظرة متأنية في أبعاد هذا الموضوع لوجد أن زواج الأقارب يعطي الفرصة لزيادة الأمراض الوراثية في الذرية ليس قولاً صحيحاً في كل الأحوال وقد يكون صحيحاً في حالات معينة ولكنه ليس صحيحاً في كل الحالات وبالتالي لا ينبغي أن يكون قانوناً عاماً أو قاعدة عامة.‏

وهنا نأتي لنجد بعض الحقائق الأساسية في هذا الموضوع‏

إن ظهور بعض الأمراض الوراثية في الذرية في المجتمعات التي تنتشر بين أفرادها العوامل الوراثية المرضية المتنحية انتشاراً نحو 1/8 تتساوى نسبة ظهورها في الذرية في زواج الأقارب وزواج الأباعد على حد سواء.‏

وهناك أمراض ناتجة عن عاملين وراثيين متنحيين يندر وجودهما في أي مجتمع فإن زواج الأقارب قد يسبب ذرية تحمل الأمراض من زواج الأباعد.‏

وهناك فرض آخر إذا كانت نسبة انتشار العامل الوراثي المرضي المتنحي في المجتمع أكثر من 12% وكانت أسرة في هذا المجتمع نقية وراثياً في هذه الحالة فإن الزواج بين الأقارب في هذه الأسرة أفضل كثيراً وأكثر ضماناً من زواج الأباعد ومن أمثلة تلك الأمراض مرض الأنيميا المنجلية.‏

وإذا كان العامل الوراثي المتنحي منحصراً في أفراد أسرة معينة أكثر مما هو في أفراد المجتمع من حوله فإن زواج الأباعد يكون أفضل من الأقارب أما إذا كان العكس هو الصحيح وكان أفراد الأسرة أنقياء وراثياً وأفراد المجتمع من حولهم ينتشر فيهم العامل الوراثي المتنحي في هذه الحالة يكون زواج الأقارب أكثر ضماناً وأمناً من زواج الأباعد.‏

إذ كثير من الأمراض الوراثية تنتقل بعامل وراثي سائد واحد من الأب أو الأم فهي تحدث في زواج الأقارب والأباعد على حد سواء ومن أمثلة هذه الأمراض نقص التعظيم الغضروفي - مرض الحويصلات المتعددة بالكلية - مرض زيادة الحديد بالدم وغيره كثير.‏

وهناك أمراض وراثية ليس لها علاقة بزواج الأقارب كالأمراض الناتجة من اختلاف عامل روسوس بين الزوجين والطفل المغولي ومرض تيرنر وأمراض أخرى.‏

وهناك أمراض وراثية مثل مرض الترف الدموي (الهيموفيليا) ومرض عمى الألوان ,هي أمراض وراثية تحدث في الذرية ومرتبطة بالجنس بمعنى أن الأم سواء كانت قريبة للزوج أو غير قريبة لا فرق لأنها تحمل المرض ولكنها لا تعاني منه وتنقله إلى أولادها الذكور فيظهر عليهم المرض أما بناته فيحملن المرض ولا يظهر عليهن وهذه الأمراض أيضاً يمكن الوقاية منها (بالتخيير الوراثي) ونعني به الاستشارة الوراثية قبل الزواج.‏

وتوجد مجموعة من الأمراض التي تظهر نتيجة تجمع مجموعة من العوامل الوراثية ويطلق عليها اسم الأمراض المتعددة الأسباب مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين وترتفع نسبة ظهور هذه الأمراض في الذرية الناتجة من زواج الأقارب المرضى بهذه الأمراض على نسبتها في زواج الأباعد غير المرضى بها.‏

واجب شرعي‏

وفي كل الأحوال لا يسمح باتمام الزواج وهل يوجد نهي في الإسلام من زواج الأقارب يقول الدكتور حسن محمد الجمل: قد أعطى الشرع الحنيف حرية اختيار الزوجة ضمن الضوابط الشرعية إن كانت قريبة أم بعيدة وبعد الاختيار لابد من الاطمئنان على سلامتهم حيث هناك تحاليل يطالب بها الشرع والطب والقانون للحفاظ على سلامة ودوام هذه الأسرة, فإن كانت التحاليل بإتمام الزواج فعلينا واجب شرعي أن نتوقف عن متابعة هذا الزواج من خلال نصيحة الأطباء وذلك لحماية الجيل من العاهات الجسدية والأمراض العقلية التي تحدث نتيجة وجود المورثات الكامنة المتنحية عند الآدميين والتي لا تظهر إلا بعد الزواج وخاصة زواج الأقارب لأنه أكثر شيوعاً في بلادنا من زواج الأباعد.‏

وإذا كانت التحاليل والاستشارات سليمة نتابع أمور الزواج, أما عن زواج الأقارب لم يرد النهي في الشرع عنه, ولا الأمر به, وإنما ترك للإباحة حتى تدرس كل حالة على حده, فربما كان الأنسب أن يتزوج الرجل من قريبته لوجود اعتبارات اجتماعية ترجح الزواج من القرابة, وربما كان الزواج من الأقارب يفضي إلى قطع الرحم, أو زيادة المشاحنات بين الأقارب إن كان يعرف عن العائلة أن الود بينهم غير مستقر ومما ذكره الفقهاء أن يخشى ضعف الأولاد, والتحقيق فيها لرأي الأطباء, وقد ثبت أن الأمر ليس قطعياً فيها, أما الأحاديث النبوية فلم نجد فيها أي حديث ينهى عن زواج الأقارب ولكنه يأمر بالاحتياط والحذر وذلك باختيار الصفات الخلقية والخلقية قبل الزواج وهذا محقق في وقتنا الحاضر وهو أيضاً يوافق الحديث النبوي الشريف (تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء, وأنكحوا إليهم).‏

أمراض نفسية‏

وهل زواج الأقارب سبب رئيسي للعديد من الأمراض العضوية, يقول بهذا الخصوص الطبيب النفسي ومدرس في كلية الطب د. ثائر حيدر من المعروف أننا نجد عائلات بأكملها من التي لديها هذه العادة مصابة بأمراض جسدية أو نفسية أكثر من النسبة الطبيعية وكذلك فهناك أمراض خاصة ببعض المجتمعات لا توجد عند غيرهم وسبب ذلك تزاوجهم فيما بينهم.‏

وبالنسبة للأمراض النفسية تحديداً نجد ارتفاع نسبتها في زواج الأقارب وتساهم في ذلك إصابة أحد الزوجين بمرض نفسي ما, ويردف ليقول: كل الاضطربات النفسية من البسيطة وحتى الخطرة يمكن أن تزداد بزواج الأقارب كالقلق والرهابات بأنواعها واضطرابات المزاج وحتى الذهانات كفصام الشخصية وغيرها.‏

وكما أن السبب يعود للجينات المسؤولة عن الصفات الوراثية للإنسان جسدياً ونفسياً فإن هناك أسباباً أخرى لارتفاع نسبة المرض النفسي في زواج الأقارب, منها تشابه البيئات الاجتماعية والعائلية وطرق التربية عند الزوجين اللذين ينتميان لنفس العائلة, ما يزيد نسبة حدوث المرض النفسي مقارنة بالنسب الطبيعية.‏

وقاية نوعية‏

وعن الوقاية الأولية النوعية من الأمراض الوراثية تقول الدكتورة رضوه الرواس اختصاصية في طب الأطفال الوقائي والاجتماعي:‏

- الوقوف بقدر الإمكان في وجه إنجاب المسنات, لوفرة احتمال إنجابهن أطفالاً مصابين بالمنغولية.‏

- اتباع جميع السبل للوقوف في وجه التفجيرات النووية المجرمة, لما ثبت من أن الأشعة المشردة تحدث حتماً طفرة بليغة في الصبغيات وتؤدي إلى تشوهات بالغة.‏

- الوقوف بقدر الإمكان في وجه الزواج بين الأقارب بقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (اغتربوا ولا تضووا).‏

- الوقوف في وجه الزواج بين امرأة سلبية الرس Rh ورجل إيجابي, فالتبكير باتخاذ الوسائل الواقية من اختلاط دم الجنين بدم أمه في أثناء الحمل والولادة.‏

- منع استعمال عدد من الأدوية المولدة للمسوخ في أثناء الحمل كالتاليدوميد الذي أدى استعماله في أول الحمل إلى ولادة أولاد مشوهين أحصي عددهم في ألمانيا الاتحادية وحدها فبلغ ستة آلاف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية