تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المحاماة .. الجناح الثاني للعدالة.. مشروع تعديل قانون المهنة مواكبة واستدراك

تحقيقات
الأثنين 4/8/2008
تحقيق: محمود ديبو

توصل المحامون في مؤتمرهم العام الاستثنائي الذي عقد مطلع أيار الماضي إلى إقرار مشروعين معدلين لكل من القانون رقم 39 لعام 1981 الناظم لمهنة المحاماة والقانون رقم 53 لعام 1972 وهو قانون تقاعد المحامين.

ويأتي هذا التعديل في إطار السعي لمواكبة التطورات والمستجدات التي باتت تفرضها المرحلة وانسجاماً مع المتغيرات المحلية والعالمية.‏

إلا أن أسئلة لاتزال تحتمل عدة إجابات فرضت نفسها, ولأن التعديل مازال مشروعاً قابلاً للتعديل, فإن البعض أمل أن يتم استدراك مايمكن استدراكه تلبية لمصالح جمهور المحامين وتعزيزاً لهذه المهنة التي تشكل الجناح الثاني للعدالة مع جناحها الأول وهم القضاة.‏

الثورة استطلعت آراء عدد من المحامين حول مشروع التعديل.‏

البداية مع المحامي محمد وليد التش نقيب المحامين في سورية: إن مهنة المحاماة حرة ونقابة المحامين تعمل وفق سيادة القانون, وكان لزاماً عليها أن تسعى لتطوير قانون تنظيم المهنة الذي مضى عليه أكثر من ربع قرن وذلك لمواكبة التطورات التي طرأت على المهنة في سورية والعالم حيث تطورت المعلوماتية وتطورت المعلومة القانونية وسرعة تبادلها وأصبح هناك تخصص في المهنة, إضافة إلى ازدياد عدد المحامين من 2000 محام عام 1981 إلى 21 ألف محام لغاية هذا العام.‏

آلية التعديل‏

وعن الآلية المتبعة في وضع المشروع أوضح التش أن النقابة تلقت من فروعها في المحافظات المقترحات والدراسات حول التعديل وتم تشكيل لجنة في النقابة المركزية لدراسة تلك المقترحات, كما تمت دراسة قانوني تنظيم المهنة وتقاعد المحامين, ومن ثم أعد مشروع القانون المعدل, وفي المؤتمر الاستثنائي المنعقد مابين 6-7-8 أيار الماضي في مدينة حماة والذي جاء مباشرة بعد المؤتمر العام العادي للنقابة, طرح المشروع للمناقشة وتم استعراض المواد المقترحة للتعديل مادة مادة وتوصلنا للتصديق عليها بشكلها النهائي, فمنها ماجرى تعديلها ومنها ما تم التصديق عليها كما هي وبالنهاية أقرّ مشروعا قانوني تنظيم مهنة المحاماة والتقاعد كما تم تعديل نظام الإسعاف وإيجاد نظام ضمان صحي للمحامين, وتم تعديل نظام التعاون ورفع المعاش التقاعدي إلى 18 ألف ل.س شهرياً ورفع معونة التقاعد والوفاة إلى مليون و 600 ألف ليرة سورية يتقاضى المحامي نصفها عند التقاعد ونصفها يأخذه الورثة بعد وفاته.‏

وحول أهم المواد التي جرى تعديلها قال التش: إن النقابة حالياً تعاني من مشكلة سببها وجود شريحتين من الزملاء المنتسبين, الأولى شريحة المحامين المنتسبين بعد سن ال 45 سنة والثانية شريحة المنتسبين قبل سن ال 45 سنة, فالشريحة الأولى من الزملاء تقع عليهم واجبات المحامي تجاه النقابة إلا أنهم لايستفيدون من التقاعد أي ليس لهم أي حقوق, بينما الشريحة الثانية تتمتع بجميع الحقوق التي تمنحها النقابة لهم بعد أن يكونوا قد أدوا التزاماتهم تجاهها.‏

من هناك ولحل هذه المشكلة فقد تم تحديد سقف العمر للانتساب إلى النقابة ب 40 سنة وبذلك يكون للجميع نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.‏

لتستمر خدمات النقابة‏

ويوضح التش موقف النقابة هنا بالقول: إن موارد النقابة تأتي من الرسوم والطوابع ولاتعتمد على أي معونة من جهات أخرى, وذلك ولأن النقابة تساهم وبشكل كبير في تأمين فرص عمل لخريجي كليات الحقوق في الجامعات السورية وغيرها من الجامعات العربية, فإن عليها أن تعدل أنظمتها لتتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتها لأعضائها, ذلك أن بقاء سن التسجيل في النقابة مفتوح, سيؤثر على مهنة المحاماة بحد ذاتها وسيساهم في إضعاف النقابة.‏

شركات للمحاماة‏

أيضاً هناك مادة أضيفت إلى التعديل وهي إنشاء شركات للمحاماة, حيث تشهد المهنة توجهاً نحو التخصص, واليوم هناك شركات محاماة بدأت تغزو دول العالم وإن هي وصلت إلى سورية ستحدث خللاً في عمل المحامي السوري الذي لن يتمكن من مواجهتها وهي التي تمتلك إمكانات كبيرة.‏

ونقطة جيدة أيضاً لحظها المشروع وهي إحداث معهد لتدريب المحامين المتمرنين وفي حال أقرّ القانون سيتم إحداث نظام لهذا المعهد على غرار المعهد القضائي.‏

سقط التدرج المهني‏

وأهم نقطة تعرض لها مشروع التعديل موضوع التدرج المهني حيث كان مقترحاً مدة عشر سنوات بعد التمرين, يمضيها المحامي حتى يحق له الترافع أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا, لكن هذا المشروع لم يلق قبولاً من أعضاء المؤتمر وبالتصويت سقطت هذه المادة وأبقي النص على ماهو عليه في القانون 39 لعام 1981 حيث يحق للمحامي الذي يحصل على لقب أستاذ بعد سنتي تمرين وأن يترافع أمام سائر المحاكم في سورية.‏

وحول ما إذا كان الوقت المستغرق في مناقشة المشروع كان كافياً لمناقشة جميع المواد المقترحة للتعديل أوضح التش أن المؤتمر الاستثنائي الذي ترافق مع المؤتمر العادي كان مؤتمراً تاريخياً ويعتبر نقلة نوعية لنقابة المحامين, حيث استطاعت أن تجتمع على مدى خمسة أيام متواصلة وجرى البحث بتعديل قوانينها, ومن غير المعقول أن يتطلب الأمر أكثر من ذلك, كما أنه ليس من السهل جمع هذا العدد من الأعضاء ( حوالى 228 محامياً ) يمثلون أعضاء المؤتمر ولهذه المدة وخاصة أن هؤلاء لديهم أعمالهم ومشاغلهم.‏

شفافية وديمقراطية‏

التش اعتبر أن المناقشات جرت بغاية من الدقة والشفافية والديمقراطية والتعاون. والجميع كان يعمل بسلوكية وأخلاقية تهدف إلى تطوير المهنة وبشعور عال بالمسؤولية وطالما أن المشروع لاقى قبولاً من المؤتمر العام الاستثنائي, فلابد أنه سيحقق طموحات المحامين, وبشكل عام فإن أي قانون لايوضع للعمل به إلى مالانهاية وكلما حدثت تطورات يجب أن نطور القوانين ونعدلها بما يتناسب مع ذلك وبالتالي فإن وضع القانون موضع التطبيق هو الذي سيظهر مدى الحاجة إلى تعديله.‏

الاقتراب من العدالة‏

وختم نقيب المحامين بالقول: إن النقابة تريد حماية أعضائها, لذلك فالمواد التي نوقشت في المؤتمر كانت لتطوير المهنة والارتقاء بها والاقتراب أكثر من العدالة, فعندما يكون المحامي متمتعاً بإمكانيات علمية وخلقية يستطيع أن يسعى أكثر للعدالة, لأن المحامين هم شركاء ومعاونون للقضاء على تحقيق العدالة.‏

استكمال لما فات‏

بدوره المحامي سامي الخليل عضو مجلس النقابة المركزية قال: نحن نهدف للحفاظ على وحدة النقابة وأن نجعل لها دوراً اجتماعياً وسياسياً في حماية الوطن ومكتسباته والوقوف على تطلعات المحامين واستشراف المستقبل للأجيال القادمة.‏

وتابع الخليل قائلاً: إن مشروع التعديل بحث العلاقة مابين النقابة والسلطة القضائية ودرس ماقد فات في القانون رقم 39 لعام .1981‏

ومن المواد الذهبية التي تم تعديلها هي رفع شرط السن للراغب بالترشح إلى مجلس النقابة من 3 سنوات أستاذ إلى 10 سنوات أستاذ, وذلك لأن مجالس الفروع تعتبر مجالس تأديبية للمحامين كما أن المحامي يلجأ إليها للحصول على حقه الذي قد يهدره الموكل, كذلك فقد تم تعديل مادة مهمة أخرى كانت تقول إن المحامي المسجل في النقابة يطلب منه حلف اليمين أمام محكمة الاستئناف, وهذه عدلت بعد أن وجدنا أن هذا الحق هو لرئيس فرع النقابة في المحافظة التي يعمل بها المحامي وبالتالي التعديل جاء بأن يحلف المحامي اليمين أمام رئيس فرع النقابة وبذلك نخفف عن محاكم الاستئناف.‏

أيضاً نظام التمرين تم الإبقاء عليه كما هو لمدة سنتين علماً أن مقترح التعديل كان ثلاث سنوات إلا أنه سقط بالتصويت ولم يوافق عليه المؤتمر, لأن المتمرن هو مواطن يحتاج للعمل ومدة 3 سنوات تشكل إرهاقاً له ولأستاذه.‏

بكل الأحوال, وجد الخليل أن ماتم التوصل إليه هو قانون جاد يخدم المستقبل والأجيال القادمة وإن كتب له الصدور بصيغته المقترحة فهو سيلبي طموحات القسم الأعظم من المحامين, ذلك أنه لم يتم إقرار مادة إلا بالتصويت عليها وكان النقاش يطول لساعات والآراء كانت كثيرة.‏

لو كان الوقت أطول‏

عضو مجلس فرع النقابة بريف دمشق المحامي أحمد فهيم خليل قال: إن المناقشات والمداخلات التي حظيت بها مواد المشروع المقترحة كانت غنية وصريحة وواضحة, والجميع كانوا على مستوى المسؤولية والثقة التي وصفها زملاؤهم المحامون بها. وكان هناك جهد حقيقي من أجل الخروج بما يعبر عن أهداف المهنة وغاياتها ودورها في المجتمع ويحفظ لها المكانة العريقة والتاريخية, إلا أن المؤتمر الاستثنائي كان يحتاج لعدة أيام أكثر, لأن القانون رقم 39 صدر عام 1981 واليوم وبعد 27 عاماً مطلوب منا أن نقوم بتعديله, فليس من المعقول أن نعدل قانوناً ب 3 أيام, فلو كانت المدة أطول لكان المشروع أشبع دراسة, مادة مادة وليس فقط دراسة المقترحات المقدمة من النقابة المركزية.‏

نحتاج آليات جديدة‏

ورأى المحامي خليل أنه كان يجب التركيز أكثر على وضع آليات جديدة فيا يخص حقوق المحامي ولاسيما أثناء ممارسته لعمله, أيضاً موضوع الضمان الصحي والتأمين على حياة المحامين كان يتوجب أن تكون له دراسة أعمق, ويقول خليل: برأيي إن صناديق الإسعاف المتبعة حالياً هي طريقة قديمة في وقت أصبحت لدينا شركات تأمين ولدينا مشاف تقدم عروضاً, فكان يجب الاستفادة من ذلك ليشعر المحامي بالأمان والرعاية.‏

أموال النقابة‏

أيضاً, إن وضع أموال الخزانة وإيداعها في البنوك والحصول على فائدة مقطوعة, فيه قضاء على الكتلة النقدية أمام التضخم الحاصل وأرى أنه كان يتوجب تشكيل هيئة عليا تبحث إقامة مشاريع استثمارية وسياحية بما يحقق عائدات أفضل للنقابة, ومن المفيد جداً لو أنه تمت مناقشته والتركيز على العمل اليوم والمهني والمعيشي للمحامي من خلال بعض المقترحات الواردة من مجالس الفروع والتي لم يسمح الوقت لمناقشتها وتمت فقط مناقشة المواد المقترحة من مجلس النقابة المركزية.‏

وأهم مادة وجد فيها خليل أهمية, هي ماتم إقراره حول أحقية أعضاء مجالس الفروع ومجلس النقابة بالترشح لدورتين نقابيتين كاملتين فقط دون أن تكون هناك إمكانية للتجديد لدورة ثالثة على التوالي, ذلك أن بعض أعضاء المجالس مضى على وجودهم 30 سنة في النقابة والتغيير يدفع بدماء جديدة وآراء جديدة وتفكير جديد وهذا يخدم عملية التطوير ويحفز على تقديم الأفضل ويجعل الأعضاء أكثر التحاماً بنقابتهم وأكثر تواصلاً.‏

اقتصر التعديل على بعض المواد‏

المحامي هيثم خالد عضو مجلس فرع ريف دمشق لنقابة المحامين قال: كان من المفروض أن تكون هناك دراسة معمقة أكثر وأن تكون جهة تناقش المشروع وجهة تدافع عن مشروعها ويكون الزمن متاحاً للجميع لمناقشة المواد مادة مادة.‏

فنحن أمام مشروع تعديل قانون ولايجب أن نطرح بعض المواد للتعديل ونترك بعضها الآخر وكان يجب أن يشمل المشروع كل المواد, فقد تكون هناك مادة بحاجة لتعديل ولم ينظر إليها, ومع ذلك يؤكد خالد أن المشروع أقرّ في المؤتمر الاستثنائي وبالمجمل فهو يحمل الفائدة للمحامين, لكن هناك قوانين أخرى مرتبطة بمهنة المحاماة كان يفضل إعداد مشاريع لتعديلها من قبل الجهة صاحبة العلاقة, ففي حال التعارض مابين قانون المحاماة وقانون آخر يصبح هناك تضارب بالنصوص, أيهما الواجب التطبيق.‏

تخفيف المصاريف النقابية‏

المحامي الدكتور محمد سامر القطان قال: النقابة أسست بهدف الدفاع عن حقوق المحامين ورفع سويتهم العلمية والمهنية والمعيشية, إلا أنه في الآونة الأخيرة نلاحظ أن هناك مصاريف واجبة على المحامي تجاه النقابة بلغت حداً لايطاق وخاصة مايسمى برسم الطابع, فأي طلب يقدمه المحامي لنقابته يحتاج لطابع قد تصل قيمته إلى 500 ل.س, لذلك يرى القطان أنه لابد من تخفيف المصاريف والنفقات والتكاليف النقابية المفروضة على المحامي.‏

لماذا يحرم من حقوقه?‏

أيضاً هناك مسألة تتلخص أن المحامي قد يضطر لترقين قيده بسبب ظرف طارئ يتعلق بسفر خارج القطر, وعندما يعود المحامي بعد سنة أو سنتين, فإنه يعامل معاملة المحامي المسجل لأول مرة لجهة الأوراق المطلوبة والرسوم, والأهم من هذا وذاك أنه يحرم من الاستفادة من بعض الصناديق لمدة 3 سنوات علماً أن ترقين القيد لايعني الشطب ويجب أن يستعيد المحامي كل حقوقه بمجرد إعادة القيد.‏

وحول بعض المواد التي وردت في مشروع التعديل قال القطان: بالنسبة لموضوع السماح بدورتين انتخابيتين متتاليتين لعضو مجلس النقابة والفرع فأنا كنت أفضل أن تكون دورة واحدة فقط, لأننا بحاجة لفسح المجال للمشاركة بالعمل النقابي لأكبر عدد ممكن من الزملاء, ولايجب أن يكون العمل النقابي حكراً على بعض الأشخاص ولابد من وضع حد لهذه المسألة.‏

أما موضوع التدرج المهني فحالياً لست مع هذه الفكرة بسبب أن النسبة الكبرى من المحامين وخاصة في مدينة دمشق لاتجد عملاً وتعيش تحت خط الحد الأدنى من المعيشة, في حين أن قلة قليلة من الزملاء المحامين هم الذين يحققون دخولاً مرتفعة.‏

من يسيء للمحاماة?‏

واعتبر القطان أنه من الضروري إقامة دورات مستمرة لرفع المستوى العلمي للمتمرن وكذلك للمحامين الأساتذة, وهذه يجب أن تكون المهمة الأولى للنقابة. وآمل أن يعكس القانون المقترح طموحات المحامين ويلبي احتياجاتهم المهنية ويحفظ كرامة المحامي مادياً ومعنوياً. بالمقابل يجب عدم التساهل مع المحامي الذي يسيء للمهنة من خلال توزيع الإكراميات للكاتب أو الموظف في المحاكم لقاء تصوير إضبارة أو غير ذلك.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية