تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هموم أديب مغترب

معاً على الطريق
الأثنين 4/8/2008
مصطفى المقداد

لماذا نقرأ الأدب ?

سألته بينما كان يغوص في شرح معاناته , ومعاناة بعض المبدعين من الأدباء , الذين لا يحظون بأدنى اهتمام من اتحادهم و فروعه في المحافظات.‏

قطع استرساله ليجيب بعفوية و تلقائية , إن الغاية من دراسة الأدب إنما تعود لمعرفة الواقع الذي تنأى بعض الدراسات بنفسها عن الخوض في تفاصيله , ثم استدرك - بالعفوية ذاتها - إن الأدب يعري الواقع و يكشف الجوانب المظلمة من حياتنا و يقدمها على حقيقتها , و لكن بصورة أدبية.‏

و باعتقادي أن صاحبي أصاب الجوهر في الإجابة عن سؤالي المفاجىء و الاستفزازي بالنسبة لمبدع حمصي مغترب له ثلاثة وعشرون كتاباً نقدياً وابداعياً يعود الى بلده صيفاً ليواجه بصد مفتعل, و صدود مقصودة , و هو يطمح إلا للالتقاء مع جمهور الأدباء من شعراء و قصاصين و روائيين و يبحث معهم واقع الأدب في بلده الأغلى على قلبه , إذ لا تعوضه الأوراق الخضراء التي يجنيها في المغترب عن النظر إلى بازلت حمص و حجار تها وهي تتعالى على ضفتي العاصي الخالد ..‏

يذكر متألماً أن ثمة مبدعين ينشرون نتاجهم في دوريات و مجلات محكمة كالناقد سمر روحي الفيصل , و الأديب هيثم يحيى الخواجه و الشاعر أكرم قنبس و هو محمد محي الدين مينو و غيرهم لا يحظون بأي اهتمام من المراكز الثقافية و منتديات الشعر و القصة, فيما يتابعون أخبار الأنشطة لبعض النشطاء من زملائهم , و هم يتنقلون في أيام متتالية على امتداد المحافظات كلها.‏

هي زفرة حزينة أطلقها أحد الأدباء المهمومين بقضايا بلدهم و المسكونين بواقع أبنائه, يدفعهم في ذلك حب مصحوب بامكانات و قدرات خلاقة .‏

يدرك أن جمهور الثقافة في تراجع و انحسار لكن الواجب يمنعه من مجرد التفكير بالتراجع عن القيام بالدور المنوط به كأديب مسؤول عن فضح الواقع و مواجهة جمهور القراء بحقيقته في محاولة للارتقاء به و تغييره ..‏

هي مهمة صعبة في ظل حالة الانفلات اللغوي و الخلط المعرفي الناجم عن تراكم المعلومات و الابتعاد عن ترتيبها وترتيلها وفق الاحتياجات المفترضة , مهمة صعبة تستوجب استنهاض همم القادرين و العارفين من ذوي الإمكانات الإبداعية المسلحين بقوة المواجهة الهادفة إلى التغيير و الارتقاء الإيجابيين , تلك المواجهة التي تقوم بدور الفضح و التمييز ما بين النفيس و الرخيص , و إبعاد الغثيث عن التناول , و استبعاد كل ما يسيءإلى الذوق العام , و ما لا يلائم القيم و النواميس في مجتمع له سمات و خصائص جعلته يتفرد في القدرة على ديمومة العطاء ..وبعدها تكون الإجابة عن السؤال الأول سهلة في الشكل , صعبة في التنفيذ العملي . و يبقى هم المواجهة مستمراً ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية