تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اقتصاد الظل ومشجعوه

اقتصاديات
الأثنين 4/8/2008
عبد القادر حصرية

يشكل التعامل مع اقتصاد الظل أحد أكبر التحديات التي تواجه عملية الاصلاح الاقتصادي في سورية وذلك لأسباب متعددة

من أهمها حجمه حيث تشير بعض التقارير الى أنه يشكل نحو 40% من حجم الاقتصاد السوري بينما يقدر البعض أن هذه النسبة قد تصل الى 60% ما يعني أن هذا الاقتصاد سيضيف النسبة ذاتها الى الدخل الوطني في حال تنظيمه.‏

اقتصاد الظل هو مجموع الأنشطة الاقتصادية التي يقوم بها الأفراد دون ترخيص مسبق ولا يخضعون لأي نوع من الرقابة الحكومية ولا تدخل مدخلاته ومخرجاته في الحسابات القومية ولا يعترف بالتشريعات الصادرة ولا يمسك دفاتر نظامية ويتهرب من كافة الاستحقاقات المترتبة عليه تجاه الدولة كالرسوم والضرائب ويستفيد من أغلب الخدمات المقدمة لغيره من القطاعات وبكل أشكالها دون أن يسدد مقابل ذلك أي بدل.‏

تتطلب عملية الاصلاح الاقتصادي اخضاع هذا القطاع للأنظمة والقوانين وبما يمكن الدولة من لعب دورها في توفير الدعم له وتوفير الحماية للمتعاملين معه من مستهلكين وموردين وتوفيرخدمات البنية التحتية له وزيادة الموارد الضريبية.‏

يشمل اقتصاد الظل مؤسسات وأشخاصاً يمارسون مهنا إما غير منظمة أو منظمة لكن لا تستطيع الجهات الرقابية متابعة ممارسة تلك المهن كما يشمل اسواقاً بكاملها وزبائن تلك الأسواق من الفقراء تحديداً,والسلع المباعة فيها إما مستعملة أو من منشآت غير نظامية تتهرب من الرقابة التموينية ومن المواصفات السلعية,ولا تتحمل أي عبء ضريبي ولا تخضع لأي رقابة من أجهزة الدولة.‏

تشير البيانات الاحصائية الى أن أكثر من 50% من المشتغلين في القطاع غير المنظم أعمارهم بين 15-29 سنة.‏

وتؤكد البيانات نفسها أن الأميين أو أشباه الأميين يشكلون 77% من اجمالي المشتغلين بهذا القطاع الذي يستقطب نسبة كبيرة من عمالة الأطفال.‏

بالتأكيد فإن شريحة هامة من هذا القطاع شريفة وهي لا تلتزم بالقوانين والأنظمة إما للجهل بها أو لأن بعضها غير عملي جمد تطبيقه أو عفا عليه الزمن.‏

لكن بعض هذا القطاع خطر فعلي على الدولة وعلى المهن الخاضعة للترخيص وخاصة عندما لا توجد آليات لحماية أصحاب المهن من العابثين بها.‏

هناك عدد من العوامل التي تؤدي الى نمو اقتصاد الظل من أهمها ادارة عامة لا تدرك معنى القوانين والأنظمة ولا تستطيع تطبيقها والفساد الذي يجعل من الادارة العامة غير قادرة على تطبيق الأنظمة والقوانين فيبيع الموظف ضميره مقابل منفعة خاصة وغياب تشريعات تنظم بتفصيل مناسب عمليات بعض القطاعات الاقتصادية أو المهن فغياب النص التشريعي أو التنظيمي يجعل من الصعب ردع المخالفين وهناك من هو مختص في مساعدة هذا القطاع على الافلات من أي أنظمة أو قوانين.‏

من المهم جداً تنظيم هذا القطاع الذي يشكل جزءاً هاماً من الاقتصاد الوطني والذي قد يكون البعض منه شريفاً لكنه في النهاية خارج عن القانون أو أن البعض يستغل حالة فلتان في تنظيم قطاع أو مهنة معينة فيقع الاقتصاد والمستهلك ضحية له فيكون ضعاف النفوس والفساد أول المستفيدين منه.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية