تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حديث العظماء

معاً على الطريق
الاثنين 18/8/2008
مصطفى المقداد

أجاب الشاعر العربي الكبير عمر أبو ريشة بكثير من التواضع والاحترام والوضوح في معرض رده على قصور الشعر الحديث وتراجعه وإساءته للشعر, قال بكثير من التأدب: المهم أن يكون الكلام شعراً, وليس مهماً شكله, المهم أن يكون صادقاً ومعبراً عن الفكرة, وملامساً لمشاعر المتلقين.

قال ذلك ذات مساء صيفي في عام 1989 في مجمع اللغة العربية بدمشق, عندما كان مدعواً للاحتفال بانضمام الدكتور المرحوم مختار هاشم إلى عضوية المجمع الموصوف بأنه مجمع الخالدين.‏

لم يسئ أبو ريشة إلى غيره من أصحاب المذاهب الأدبية الحديثة, علماً بأنه آخر الشعراء الكلاسيكيين الذين رفضوا هجران بحور الخليل, بل كان من أشد المدافعين عنها, والمتمسكين بإيقاعها شرطاً لايحيد عنه, لكنه في الوقت ذاته لم يقلل من شأن غيره, إنما نظر إلى الإبداع بمختلف أشكاله بكثير من التقدير.‏

وذاك بدر شاكر السياب الشاعر العربي الكبير أحد أهم المجددين في شكل القصيدة العربية, وصاحب الريادة التحديثية في بداية النصف الثاني من القرن الماضي, كيف يجيب على من يحاولون استفزازه ومحاولات استبعاده من قائمة أوائل المجددين, واتهامه بأنه مقلد لنازك الملائكة, وعلي أحمد باكثير وهم من سبق في تحديث شكل القصيدة في الشعر العربي فإنه يجيب قائلاً: ومهما يكن من أمر, فإن كوني أنا ونازك أو باكثير أول من كتب الشعر أو آخر من كتبه ليس بالأمر المهم, إنما الأمر المهم هو أن يكتب الشاعر فيجيد فيما كتب, ولن يشفع له إن لم يجد أنه كان أول من كتب على هذا الوزن أو تلك القافية.‏

ويذهب إلى أبعد من ذلك ليرى أنه مازال -وقتذاك-في بداية تجربته ويحتاج كثيراً ليتعلم فيقول: ولنكن متواضعين, ونعترف بأننا لانزال جميعاً في دور التجربة يحالفنا النجاح حيناً, ويصيبنا الفشل أحياناً كثيرة, ولابد للشاعر الذي قدر له أن يكون شاعر هذا الجيل العربي, أن يولد ذات يوم مكبراً جهود الذين سبقوه, أو لعله مازال يمسك القلم بيده حتى الآن..‏

الأمر لا يحتاج إلى كثير تعليق للتمييز بين لغة الخطاب والحوار ما بين المبدعين الحقيقيين من جهة, وسواهم من جهة ثانية .‏

ولا أظن أن أي تعليق بعد هذا القول يكون ذا فائدة أو عبرة أكثر مما قال المبدعان الكبيران, وكما يقول أمثالهم عادة..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية