|
محطة والتهويل الاميركي ودموع كونداليزا رايس ورئيسها المنهمرة بغزارة على »الديمقراطية الجورجية الوليدة المستهدفة من الجارة الكبرى- روسيا«, إلا أن »توضيحات« بعض المسؤولين الصهاينة وتصريحاتهم وتعليقات صحفهم, وتحليلات الخبراء والمحللين السياسيين المتخصصّين بشؤون القوقاز وآسيا الوسطى .. تشير بصورة جلية الى الوجود الاسرائيلي القوي في هذه المنطقة , ولاسيما في جمهورية جورجيا , التي تحتل موقعاً شديد الحساسية, حيث تشكل الممر القوقازي لروسيا من جهة, والموزِّع الجغرافي أو الرابط الطبيعي بين دول المنطقة من جهة اخرى. والحقيقة فإن الرئيس الجورجي الشاب ميخائيل ساكاشفيلي ليس فقط قريباً من أميركا والغرب, بل هو مواطن أميركي من أصل جورجي, عمل في المحاماة في نيويورك قبل أن يعينه الرئيس إدوارد شيفارنادزه (بناء على نصيحة الإدارة الأميركية) وزيراً للعدل في العام ,2000 ثم انتخب رئيساً لبلاده في كانون الثاني عام 2004 تحت شعارات »الحرية« و»الديمقراطية« و»السلام« و»مواجهة الديكتاتوريات« و(لهذا اطلق عليه في الغرب »رجل الثورة الوردية«) , وهو الذي لم يتعب من مطالبته الملحة بضم بلاده إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الاوروبي, إلى درجة أنه أعلن في الأيام الماضية عن وضع موانىء جورجيا ومطاراتها ومواقعها الحيوية بتصرف الولايات المتحدة الأميركية, دون النظر إلى العواقب الخطيرة جداً, المترتبة على هذا الاجراء في حال قبول الإدارة الأميركية به. أما بشأن الوجود الاسرائيلي اللافت والمؤثر في جورجيا, فهناك عشرات الدراسات الجادة والمعطيات المؤكدة حول هذه المسألة المعروفة, وفي مقدمتها أن وزير الدفاع الجورجي دافيد كيزراشفيلي اسرائيلي الجنسية, وهو صديق مقرب جداً للرئيس ميخائيل ساكاشفيلي, وكان مساعداً له عندما أصبح رئيساً للبرلمان الجورجي, ويعد تجار الأسلحة الإسرائيليون وزير الدفاع هذا بوابتهم العظيمة والمفتوحة دائماً على مصراعيها في جورجيا وعبرها إلى مناطق القوقاز وآسيا الوسطى. إضافة إلى مئات الخبراء الاسرائيليين المقيمين في العاصمة تبليسي وفي المواقع العسكرية الحساسة, ,ومنهم: الجنرال إسرائيل زيف, قائد لواء المظليين ورئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان الاسرائيلية سابقاً, والعميد غال هيرش القائد السابق لفرقة الجليل الذي أقيل بسبب اخفاقاته في العدوان الصهيوني على لبنان عام .2006 ومن ناحية أخرى, فقد اضطرت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى »التوصية« بتجميد بيع الأسلحة لجورجيا والحدّ من تدفق الخبراء العسكريين إليها حالياً, لئلا ينعكس ذلك سلباً على علاقاتها مع روسيا. لكن الصحافة الإسرائيلية (رغم الرقابة العسكرية - الأمنية) أوردت معلومات وأرقاماً كبيرة عن تجارة الأسلحة بين الكيان الصهيوني وجورجيا, المتنامية بصورة متعاظمة منذ سبع سنوات إلى اليوم, والتي قدرها الخبراء بحوالي مئتي مليون دولار سنوياً. فقد شكلت جورجيا سوقاً رابحة للأسلحة الإسرائيلية, التي تتكون من طائرات استطلاع بدون طيار من طراز »هرمس 450«, ومنظومات صواريخ متحركة من نوع »لينكس«, وتطوير طائرات »سوخوي 25 - سكوربيون«, إضافة إلى عشرات الآلاف من البنادق الهجومية الحديثة, والتدريب المستمر للضباط والفنيين ووحدات النخب القتالية الجورجية. ونشير هنا إلى تصريح وزير المقاطعات الجنوبية (وزير حلّ الصراعات ) في جورجيا, تيمور ياكوبشفيلي (المتحدث بالعبرية), الذي تفاخر »بقدرة الجيش الجورجي الحاسمة على إلحاق الهزيمة الماحقة بالروس, لأن هذا الجيش (الجورجي) تم تدريبه على أيدي إسرائيل«. وقد أكد ذلك السفير الصهيوني في جورجيا بقوله: »إن جورجيا كانت دائماً بحاجة لمعونات عسكرية وأمنية, وقد وجدت ضالتها في إسرائيل. كما أننا ساعدناهم في المجالات الأمنية وفي تقديم المشورة وتحسين أدائهم العسكري«. عندما اجتمع الرئيس الجورجي ساكاشفيلي في آذار الفائت بزعماء المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة, قال: »نحبّ أميركا, نحبّ إسرائيل .. الحرب في العراق تمثل خط الدفاع الأول في الحرب على الإرهاب, ولن نسمح لإيران بتنفيذ برنامجها النووي ومآربها«. وفي حديث صحفي أعطاه في الزيارة نفسها لوسائل الإعلام الأميركية قال بالحرف الواحد: »إن أي أذىً يلحق بإسرائيل .. يلحق بجورجيا«. مُقسماً على العبارة التالية: »إن المكان الوحيد الذي أشعر فيه بأنني في وطني هو إسرائيل«. أخيراً: فإن السؤال المزمن الذي يطرح دائماً دون جواب شافٍ هو: أين العرب وأموالهم المكدّسة في بنوك الغرب ومصارفه مما تقوم به الاستثمارات الصهيونية في جورجيا وبقية القوقاز وآسيا الوسطى?! .. بل أين الجامعة العربية?! .. والسفارات والبعثات الدبلوماسية العربية في هذه المنطقة المجاورة جغرافياً, والحيوية استراتيجياً والغائبة عن اهتماماتنا العملية والسياسية والثقافية, نظراً لانشغالاتنا » المعمقة« بصراعاتنا القومية الشاملة, بعيداً عن مصالحنا الحقيقية, وتطلعات شعوبنا, وطموحاتها الواقعية المشروعة في حياة حرّة كريمة وعدالة اجتماعية راسخة?!!. www.khalaf - aljarad.com |
|